منذ السابع من أكتوبر الماضي تواصلت قيادات المقاومة الفلسطينية والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مرات عدة. بعض هذه اللقاءات بقيت سرية، وأخرى كانت علنية مثل اللقاء الأخير بين نصرالله ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في غزة خليل الحية (12-3-2024)، وجزء آخر من التواصل كان عبر خط آمن.
التنسيق بين المقاومتين بحسب مطلعين عليها حالياً في أعلى مستوى، عسكرياً وسياسياً. في اللقاء الأخير الذي جمع قيادتي المقاومتين، وضعت قيادة “حماس” مضيفها في صورة الواقع العسكري الميداني. أبلغته ان “المقاومة في غزة لا تزال بخير، وتستطيع الاستمرار لفترة طويلة في المعركة الحالية، وعملية تصنيع السلاح لا تزال مستمرة”. وبحسب معلومات “الكرمل”، فإنه إلى جانب تصنيع السلاح فإن عملية نقله إلى قطاع غزة لم تتوقف أثناء الحرب. كما كشف الحية ان “منظومة القيادة والسيطرة الخاصة بالمقاومة لا تزال متماسكة وقوية”. وبحسب ما علمته “الكرمل”، لا تزال “حماس” تدفع رواتب المتفرغين من أعضائها والموظفين الحكوميين برغم من أشهر الحرب الستة الماضية.
اما على الصعيد الإنساني، فنقل الحية صورة المعاناة والتجويع التي يعيشها أبناء القطاع، كاشفاً ان العدو الإسرائيلي يستخدم التجويع كسلاح ضد المقاومة وهو يحاول ابتزازها بشاحنات المساعدات والطعام. وقال ان “المجاعة في شمال غزة شديدة” والعدوان الأمريكي والإسرائيلي يستخدمانه، بالمشاركة مع بعض الاعلام العربي والفلسطيني، للضغط على المقاومة للرضوخ للمطالب الإسرائيلية. وقد عايشت المقاومة الفلسطينية هذه السياسة، اذ في مراحل التفاوض السابقة مع العدو الإسرائيلي كانت تل أبيب ومصر تخفضّان عدد الشاحنات الاتية إلى غزة في كل مرة كانتا تريدان فيهما الضغط على المقاومة.
وفي ما يتعلق بمفاوضات الهدنة طرح الحية توجه الحركة حولها، وهو ابداء مرونة بما يتعلق باطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين المدنيين على شرط ان يكون اطلاق سراحهم ضمن حزمة توصل في النهاية الى 4 أمور: اولاً: وقف شامل لإطلاق النار، ثانياً: انسحاب الجيش الإسرائيلي (وبحسب قيادات في حماس سيحصل هذا الامر عاجلًا أم آجلا)، ثالثاً: إعادة اعمار القطاع، رابعاً: عودة النازحين الى بيوتهم.
وبحسب معلومات “الكرمل”، فقد أرسلت القيادة العسكرية لـ”كتائب الشهيد عزالدين القسام” (الجناح العسكري لحركة حماس)، رسالة للقيادة السياسية لـ”حماس” أثناء وجودها في مصر الشهر الماضي، أبلغتها فيه انه يمكنها التشدد بمطالبها، وان لا تتأثر بالضغوط التي يشنها العدو الإسرائيلي، مؤكدة انها تستطيع الاستمرار في القتال لأشهر عدة، وأن الأهم هو تخفيف معاناة الناس والتأكيد على وقف شامل لإطلاق النار، مهما طال أمد الحرب والمفاوضات.
وبالعودة إلى لقاء الحية ــ نصرالله، تحدث السيد حسن عن جبهات المساندة (العراق، اليمن، لبنان)، وأبلغ الوفد الحمساوي أن بإمكانهم التفاوض باسم هذه الجبهات، وانها ورقة ضغط في يد “حماس” على الوفد الإسرائيلي في المفاوضات. كما تمنى نصرالله الاستفادة أيضًا من ملف الأسرى الموجودين في يد المقاومة الفلسطينية حتى النهاية، إذ تُدرك قيادتا المقاومتين أن العدوين الأمريكي والإسرائيلي يريدات من المقاومة الفلسطينية تسليم الأسرى الإسرائيليين، على ان تستكمل بعدها تل أبيب الهجوم على المقاومة.
حالياً، وبحسب مصادر في المقاومة الفلسطينية فإنه “لا توجد مؤشرات عسكرية لهجوم بري وشيك على رفح”، فالجيش الإسرائيلي بحسب المقاومة بحاجة لفترة زمنية من الراحة، ولتعويض الخسائر في صفوف ضباطه وجنوده.
المقاومة تُدرك ان واشنطن متفقة مع تل أبيب على تفكيك “حماس” عسكريًا وسلطويا، إلا أن الخلاف بينهما هو كيف بالإمكان تحقيق ذلك من دون التأثير على صورة أمريكا، وعلى إعادة انتخاب جو بايدن لولاية ثانية. وترى “حماس” ان تركيز توزيع المساعدات الإنسانية حالياً شمال قطاع غزة، وحرمان الجنوب منه هدفه دفع سكان جنوب القطاع إلى شماله، في حال قرر العدو شن هجومه على رفح. الأسلوب نفسه اتبعته “إسرائيل” مع بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية على شمال القطاع (27-10-2023)، فقطعت الاتصالات عن الشمال وطلبت من سكانه التوجه إلى جنوب وادي غزة.
بالنسبة إلى المقاومة الفلسطينية، هي على يقين بأنها منتصرة في هذه المعركة على العدو الإسرائيلي، وبأن بقاء جيشه في القطاع لن يستمر، وفي النهاية سيخرج منه.