تتألف الصهيونية من الاعتقاد بأن اليهود “أمة”، ومن ثم فإن لهم الحق في تقرير المصير مثل جميع الأمم الأخرى إيمانويل أوتولينغي
طالب اليهود بفلسطين كوطن لهم، وكانت هناك طريقتان للقيام بذلك:
– يمكن لليهود ذوي الخلفية العلمانية أن يزعموا أن لهم حقًا تاريخيًا في فلسطين، حيث إنهم ينحدرون من القبيلة التوراتية، وسيكون من السهل استعادة هذه الأرض، لأنه ــ وفقًا للخطاب الصهيوني المبكر ــ كانت تلك “أرضًا بلا شعب”، ولم يطالب أحد بفلسطين أثناء غيابهم.
– في حين كان لليهود المتدينين حجة أبسط ــ وأكثر إقناعًا ــ فبالنسبة لهم إذا كان إلههم قد وعد أسلافهم بهذه الأرض، فكل ما عليهم فعله هو استعمال حقهم الإلهي في هذه الأرض الموعودة.
“شعب عِرق” مُشتت أم جماعات دينية؟
اتّكأ خطاب الاستعمار الاستيطانيّ الإسرائيليّ في فلسطين في المقام الأول على الادعاء بأن اليهود “أمّة”، قام هذا الادعاء على ركنين أساسيين، وهما فكرة الشتات اليهودي وبأن اليهودية بقيت محصورة في العرق الذي اعتنقه في البداية. الدلالة الرئيسية المتوخاة لهذا الادعاء هي أن الشتات الذي رحل إلى مناطق مختلفة من العالم وكُتب له البقاء يعود من ناحية جذوره العرقية والقومية إلى القبائل اليهودية الأصلية التي كانت في فلسطين وطردت منها، وأنه لم تدخل اليهودية أجناسٌ وقوميات أخرى أثّرت في نقاء العرق اليهودي. فقد “وُلدت أسطورة نفي اليهود، بوصفها أسطورة أصل وهوية، في أحضان النصرانية المتبلورة. ثم أخذت في مراكمة قيمة رمزية آخذه في التعاظم. الأمر المثير من ناحية طرق حضور أساطير في الوعي التاريخي هو حقيقة أنه على الرغم من أنه ليس بين أيدينا حتى اليوم ــ أي بداية القرن الحادي والعشرين ــ أي دليل، أو إثبات على استئصال الرومان لسكان يهود استئصالًا مؤثرًا، أو على هجرتهم طوعًا أو قسرًا من أرضهم، كما لا يوجد كتاب بحثي واحد في هذا الموضوع! ــ على الرغم من هذا كله، فإن أسطورة الـ”نفي” عاشت حياة ممتدة؛ وذلك أمرٌ ليس من قبيل الصدفة”.([1])
فنّد هذا الادعاء البروفيسور في جامعة تل أبيب، شلومو ساند، في كتابه “اختراع الشعب اليهودي”، من خلال نفي ما يسمى بـ”الشتات اليهودي” الذي تقف وراءه فكرة طرد الرومان لليهود سنة 70 للميلاد بعد تدمير الهيكل، بقوله: “فإننا لن نجد في التوثيق الروماني الغني ولو إشارة واحدة إلى حدوث أية عملية نفي من أرض يهودا”.([2])
تصدّى جمال حمدان في دراسته القيمة “اليهود أنثربولوجيًا”، لنظرية “النقاء العرقي”، و”النقاوة الجنسية”، وتوصّل إلى أن “اليهود الحاليين ليسوا من بني إسرائيل؛ فيهود عالم اليوم مختلطون في جملتهم اختلاطًا يبعدهم عن أيّ أصول إسرائيلية فلسطينية قديمة [مُتخيلة]، ولا يوجد رابط أنثربولوجي بين الجهتين، والرابط الوحيد هو رابط الدين”.([3])
ينقل ساند تحذير علماء وراثة إسرائيليين، مثل رفائيل فلك أو إيران الحايك، من “تصنيف اليهود عرقيًا عن طريق اختلاق أصل جيني يهودي متوهَّم”، ويصفه، بـ”الاحتيال العلمي الزائف“. ويواجه “معضلة (علمية) محرجة، وهي أنه: لا يمكن حتى الآن تحديد من هو اليهودي ومن هو غير اليهودي بناءً على نتائج الحمض النووي”.([4])
ويدحض ساند الادعاء بأن الدين اليهودي لم يكن دينًا تبشيريًا بل بقي محصورًا في العرق الذي اعتنقه منذ بداياته، بالقول: “يرجع سبب انتشار واتساع رقعة الديانة اليهودية إذن، من وجهة نظره [أوريئيل راببوت]، إلى حركة التهوُّد الواسعة. وبطبيعة الحال فإن حركة الالتحاق هذه لم تُقابَل بلا مبالاة يهودية وإنما أُديرت بمساعدة سياسة تهويد ودعاية دينية نشطة أخذت تحرز نجاحات حاسمة مع انهيار العالم الوثني. وبذلك انضم رببورت إلى تقاليد هستوريوغرافية (غير يهودية) متعددة الفروع، ضمت كبار الباحثين في العصر القديم ــ من آرنست رينان (Ernest Renan) وحتى يوليوس ولهاوزن (Julius Wellhausen)، ومن أدوارد مايير (Eduard Meyer) وحتى أميل شايرر (Emil Schürer) ــ والتي أكدت، وفقًا للهجة الحادة التي استخدمتها تيودور مومزن (Theodor Mommsen)، على أن “اليهودية في العصر القديم لم تكن بتاتًا منغلقة أو منعزلة، على العكس فقد يملؤها الحماس للتهويد بدرجة لا تقل عن المسيحية والإسلام من بعدها”.([5])
إذن، “كان الصهاينة بصدد خلق الأمة اليهودية التي لم تكن موجودة إلا في مخيلتهم، وقد أنجزوا ذلك المشروع بقوة التزامهم، وطاقتهم النيتشوية، وجرأتهم، وآلتهم الإعلامية، مستغلين رؤى الهيمنة اليهودية، وإحياء المجد الأسطوري لمملكة داود، كما أعادوا إحياء لغتهم القديمة شبه الميتة، ودشنوا مشروعًا احتلاليًا استيطانيًا في فلسطين تحت رعاية القوى الغربية؛ لقد كانوا يضعون أسس دولة يهودية في فلسطين عبر إنشاء تكتلات وبلدات ومنظمات عمالية وبنوك ومراكز تعليم يهودية. وبالتأكيد جيش يهودي. كان الصهاينة ـ في فلسطين ـ يقيمون دولة يهودية من خلال حروب لا نهاية لها، وعبر الشيطنة المستمرة للفلسطينيين، كما عملوا ـ دون كلل ـ على إدامة الحروب مع العرب، وفرضوا الخدمة العسكرية الإجبارية، ومنحوا الجنسية الإسرائيلية لجميع يهود الشتات. لقد كانوا يطوعون الأركيولوجيا وعلم الوراثة لمساعدتهم في تأكيد صحة التاريخ الكتابي والتأسيس لأسطورة نقاء العرق اليهودي“. ([6])
فجّر آرثر كيستلر (Arthur Koestler)، في العام 1976، قنبلته الأدبية التي حملت العنوان “القبيلة الثالثة عشرة”، والتي ترجمت إلى لغات عديدة وأثارت موجة من ردود الفعل المتباينة. أوضح فيها أثر الخزر في تكوين اليهود المعاصرين، وخلاصة ما ينتهي إليه أن “غالبية اليهود العصريين ليسوا من أصل فلسطيني بل من أصل قوقازي. فإن التيار الأساسى للهجرات اليهودية لم يتدفق من البحر المتوسط عبر فرنسا وألمانيا إلى الشرق ثم العودة مرة أخرى، بل اتجه التيار على نحو ثابت إلى الغرب من القوقاز عبر أوكرانيا إلى بولنده ومن هناك إلى أواسط أوروبا ــ وعندما نشأت في بولنده تلك المستوطنات الجماعية التي لم يسبق لها مثيل، لم يكن هناك في الغرب أعداد من اليهود تكفي لتفسير هذه الظاهرة، على حين كان هناك في الشرق أمة بأسرها تتحرك نحو حدود جديدة. وبطبيعة الحال سوف يكون من الحماقة أن ننكر أن يهودًا من أصل مختلف أيضًا في المجتمع اليهودي الكائن في عالم اليوم. ومن المستحيل أن نحدد النسبة العددية لمساهمة الخزر إلى مساهمات الساميين وغيرهم. ولكن ما تجمّع من البراهين يجعل المرء ميالًا إلى الاتفاق مع إجماع المؤرخين البولنديين على أنه “في الأزمنة المبكرة نشأت الكتلة الأساسية من اليهود أصلًا من بلاد الخزر” ومن ثم تكون مساهمة الخزر في التركيب الوراثي لليهود مساهمة جوهرية بل ومهيمنة في كل الاحتمالات. ([7])
ليس من قبيل المصادفة أن يجزم بن تسيون دينور، أبو فلسفة التاريخ الإسرائيلي والذي شغل منصب وزير التعليم في “إسرائيل” (في فترة كان ما يزال من الممكن فيها التعبير عن موقف بشأن الأصل المتنوع لليهود دون أن ينظر إليك أنك “معاد للسامية”) بأن مملكة الخزر كانت “أم الجاليات، أم إحدى الجاليات الكبرى، جالية بني إسرائيل في روسيا، وليتوانيا وبولندا”.([8])
من هم الخزر؟
إن قصة الخَزَر مثيرة، بدأت في القرن الرابع الميلادي بعدة قبائل متنقلة رافقت قبائل الهون في اجتياحها الكبير نحو الغرب، وتستمر القصة بإقامة إمبراطورية عملاقة في الوهاد القريبة من نهر الفولجا وشمال القوقاز، لتنتهي في القرن 13 مع تدفق غزوات المغول التي قضت نهائيًا على بقايا هذا الوجود الرسمي غير المألوف.
الخَزَرهم ائتلاف من العشائر القوية من أصل تركي أو هونو ــ بلغاري، امتزجوا في بداية استيطانهم مع السكوثيين الذين سبقوهم إلى تلك الجبال والبوادي الواقعة بين البحر الأسود وبحر قزوين الذي أطلق عليه لوقت طويل اسم “بحر الخزر”. واحتوت مملكتهم في أوجها على خليط كبير من القبائل والمجموعات اللغوية المختلفة. ومن الألانيين إلى البلغاريين والمجريين وحتى السلافيين، سيطر الخزر على الكثير من الرعايا، الذين كانوا يدفعون لهم الضرائب وبذلك سيطروا على مناطق واسعة امتدت من كييف في الشمال الغربي وحتى شبه جزيرة القرم في الجنوب، ومن أعالي نهر الفولجا حتى جورجيا الحالية. ([9])
فقد شغلت بلاد الخزر “موقعًا استراتيجيًا رئيسيًا في المدخل الحيوي بين البحر الأسود وبحر قزوين حيث وقفت القوات الشرقية العظمى في ذلك العصر وجهًا لوجه، وكانت بلاد الخزر بمثابة حاجز حمى بيزنطة ضد غارات قبائل البرابرة الأشداء أهل السهوب الشمالية من بلغار ومجريين وبشنج… إلخ ثم الفايكنج والروس فيما بعد. إلا أنه بالمثل وبقدر أهم سواء من الناحية الدبلوماسية البيزنطية أو التاريخ الأوربي كانت هناك الحقيقة بأن جيوش الخزر وقفت سدًا منيعًا ضد زحف جحافل العرب في أطواره الأولى الساحقة، وبالتالي حالت دون استيلاء المسلمين على أوروبا الشرقية”.([10])
لخّص أحد كبار الثقاة الملمين بتاريخ الخزر، الأستاذ بجامعة كولومبيا، دنلوب، هذه الفترة الحاسمة، في عباراته التالية: “بعد سنوات من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (632 م) اندفعت جيوش الخلافة شمالًا من خلال حطام الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية، اندفعت وهي تجرف كل شيء أمامها حتى وصلت حاجز جبال القوقاز العظيمة، وكان بإمكان العرب ما إن يجتازوا هذا الحاجز حتى يصبح الطريق مفتوحًا أمامهم إلى أراضي أوروبا الشرقية، والذي حدث هو أن العرب قد واجهوا على خط القوقاز قوى عسكرية منظمة تمكنت في النهاية من منعهم من مد فتوحاتهم في هذا الاتجاه. وبناء عليه فإن الحروب الخزرية التي دامت لمدة زادت على المئة سنة لها أهمية تاريخية كبيرة، وحدث على أرض تور أن تمكن فرنجة شارل مارتل من عكس تيار مد الفتوحات العربية، وفي حوالي الوقت نفسه لم يكن التهديد الذي تعرضت له أوروبا الشرقية أقل حدة، ومن الواضح أن المنتصرين المسلمين قد تصدت لهم وأوقفتهم قوات مملكة الخزر… ولا شك أن بيزنطة معقل الحضارة الأوروبية في الشرق، كانت ستجد نفسها مطوقة من قبل العرب لو أن الخزر لم يكونوا في المنطقة الواقعة إلى شمال القوقاز، ولا شك آنذاك كانت صورة تاريخ المسيحية والإسلام قد أخذت ــ كما هو متوقع ــ شكلًا يختلف عمّا نعرفه“.([11])
وليس من المبالغة القول أن الخزر حموا سهول أوروبا الشرقية ضد المسلمين. فالحروب التي نشبت بين المسلمين والخزر في خلال القرنين السابع والثامن للميلاد، وهي لمدة قرن من الزمان تقريبًا، عُرفت عند المؤرخين المحدثين بالحرب العربية الخزرية الأولى (642- 652م/ 22- 32 هـ)، والحرب العربية الخزرية الثانية (722- 737م/ 103- 119 هـ). وفي الصراع الدائر بين المسلمين والبيزنطيين، وقف الخزر إلى جانب البيزنطيين. ونتيجة لذلك تزوج الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الخامس سنة 732م من أميرة خزرية أنجبت له ولدًا قدّر له أن يعتلي عرش الإمبراطورية البيزنطية باسم ليو الرابع أو ليو الخزري (775- 780م). ([12])
في الطريق إلى اليهودية!
عاشت مملكة الخزر قوية منتعشةً فترة طويلة من الزمن، وكانت تضم خليطًا يعود بأصوله إلى العديد من الشعوب خصوصًا وسط آسيا وشرقها. وكانت ديانة الخزر الأولى في ما قبل، الديانة الشامانية، وهي الديانة الوثنية للقبائل التركية عمومًا، كما كانت لهم تصورات وثنية وإلههم الأكبر كان تنكرى خان.([13]) ونظرًا لأن مملكة الخزر اعتمدت على قوتها العسكرية، فقد عقدت العزم، ومعها ما جاورها من قبائل تابعة لها على أن تحتفظ بمكانتها بوصفها القوة الثالثة زعيمة شعوب السهوب غير المرتبطة بأي من القوتين العظمتين. “وفي الوقت نفسه فإن اتصالات الخزر الحميمة ببيزنطة وبالخلافة [الإسلامية] قد علمتهم أن شامانيتهم البدائية لم تكن بربرية وعتيقة فحسب إذا قورنت بعقيدة التوحيد، بل كانت أيضًا عاجزة عن أن تضفي على الزعماء تلك السلطة الروحية والشرعية التي نعم بها حكام القوتين الثيوقراطيتين (الدينيتين) العالميتين ــ إلا أن اعتناق ديانة أي من أحدهما كان لا بد أن يعني الخضوع ونهاية الاستقلال، وبالتالي كان لا مفر من أن يحبط الهدف منه. ترى ماذا كان أفضل منطقيًا من اعتناق عقيدة ثالثة غير مرتبطة بأي من العقيدتين الأخريين، ولكنها تمثل الأساس المبجل لكليهما”.([14])
كان اعتناق الخزر للديانة لليهودية خلال القرن الثامن أكبر حدث في تاريخ هذه المملكة. لم يكن الانتقال إلى الديانة اليهودية ليحصل ببساطة دون أن تكون له بواعث سياسية؛ فمثلًا نجد المؤرخ بيورى يعزو هذا التحول إلى بواعث عدة، حيث يقول: “… لا جدال أن الحاكم (حاكم الخزر) كان مدفوعًا ببواعث سياسية في اعتناقه لليهودية، ذلك أن اعتناق الإسلام كان لا بد أن يجعله التابع الروحي للخلفاء الذين حاولوا فرض دينهم على الخزر، كما يكمن في اعتناق المسيحية الخطر في أن يصبح تابعًا كنيسيًا للإمبراطورية الرومانية الشرقية، على حين كانت اليهودية ديانة لها كتبها المقدسة ويحترمها المسيحيون والمسلمون على حد سواء”. ([15]) وربما تكون مملكة الخزر قد اعتنقت اليهودية، وفضلوا، في أكبر الظن، أن يغضبوا الخلافة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية بدرجة واحدة من أن يغضبوا واحدة منهما غضبًا يعرضهم للخطر. وبذلك يكون الخزر قد استقر بهم العزم على أن يكونوا غير تابعين لأي من القوتين العظمتين، وعلى أن يحافظوا على موقعهم كقوة ثالثة تتزعم الأمم الوثنية المنتشرة بالفيافي. ([16])
يفسر شلومو ساند سببَ تهوّد مملكة الخزر بالقول: “الرغبة في البقاء مستقلة في مواجهة إمبراطوريات قوية ذات تطلعات توسعية ــ مثل الإمبراطورية البيزنطية الأرثوذكسية والخلافات العباسية الإسلامية ــ دفعت حكام الخزر إلى تبني اليهودية كسلاح أيديولوجي دفاعي. فلو تبنى الخزر الإسلام مثلًا، لكانوا قد وقعوا تحت إملاءات الخليفة، ولو استمروا في التمسك بالوثنية لجعلوا من أنفسهم هدفًا للتصفية من قبل المسلمين، الذين لا يعترفون بشرعية عبادة الأصنام، كما أن الإيمان بالمسيحية كان سيربطهم بالإمبراطوريات الشرقية لسنين عديدة. فالانتقال التدريجي من الشامانية التي سيطرت في تلك الأرجاء إلى التوحيدية اليهودية ساهم في بلورة نظام ملكي مستقر”. ([17])
على الرغم من أنه لا شك في أن ملك الخزر ومستشاريه وكبار رجال الدولة اعتنقوا اليهودية نتيجة بواعث سياسية، فإنه أمرٌ منافٍ للعقل أن نتصوّر أنهم اعتنقوا بين عشية وضحاها وبتهور ديانة كانت معتقداتها مجهولة لهم.
في هذا السياق، يقول كيستلر: “حقيقة الأمر أنهم كانوا من جهة أخرى على معرفة طيبة باليهود وشعائرهم الدينية لمدة قرن سابق على الأقل لتحولهم إلى اليهودية ــ وذلك عن طريق تدفق المهاجرين اليهود الفارين من الاضطهاد الديني في بيزنطة وكذلك وبدرجة أقل، أولئك الوافدين من بلاد آسيا الصغرى التي فتحها العرب”.([18])
الخزر واليهودية: روايات عربية وعبرية
حول موضوع اعتناق الخزر لليهودية، نلاحظ أن المصادر العربية والعبرية قد اختلفت في التفصيلات الخاصة بسبب اعتناقهم على الرغم من اتفاقهم في تعليله.
كانت قبائل الخزر أكبر الكتل المتهوّدة، فقد اعتنق أهلها الديانة اليهودية في العصور الوسطى، وأقدمُ معلوماتنا عن انتشار اليهودية في الخزر وصلتنا من الرحالة العربي ابن فضلان، فيذكر في رحلته كيف أوفده الخليفة العباسي المقتدر بالله، في بعثة إلى ملك الصقالبة [البلغار] قائلاً: “لما وصل كتاب ألمش بن يلطوار ملك الصقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر. يسأله فيه البعثة إليه ممن يفقهه في الدين، ويعرفه شرائع الإسلام، ويبني له مسجدًا وينصب له منبرًا ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته، ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له، فأجيب إلى ما سأل من ذلك وكان السفير له نذير الحرمي، فندبت أنا لقراءة الكتاب عليه وتسليم ما إليه والإشراف على الفقهاء والمعلمين وسبب له بالمال الممول إليه لبناء ما ذكرناه وللجراية على الفقهاء والمعلمين على الضيعة المعروفة بأرثخشمثين من أرض خوارزم من ضياع ابن الفرات”. ([19])
ويروي ابن فضلان وصفًا لما شاهده بمملكة الخزر، وبعاصمتها أتيل، قائلًا: “الخزر اسم إقليم من قصبة تسمى إتل وإتل اسم لنهر يجري إلى الخزر من الروس وبلغار، وإتل مدينة والخزر اسم المملكة لا اسم مدينة، والإتل قطعتان قطعة على غربي هذا النهر المسمى إتل وهي أكبرهما وقطعة على شرقيه، والملك يسكن الغربي منهما ويسمى الملك بلسانهم يلك ويسمى أيضًا باك .. والخزر وملكهم كلهم يهود وكان الصقالبة وكل من يجاورهم في طاعته ويخاطبهم بالعبودية ويدينون له بالطاعة وقد ذهب بعضهم إلى أن يأجوج ومأجوج هم الخزر”.([20])
أمّا دخول اليهودية أول مرة إليهم، فيذهب المسعودي إلى أن تهوّد ملك الخزر (الخاقان) وأشراف البلاد قد تم في عهد هارون الرشيد (103 ـ 170 ه \ 786 ـ 809 م)، وقد ذكر المسعودي أيضًا أن كثيرًا من اليهود الذين أخرجوا من إمبراطورية الروم جاءوا إلى الخزر بعد اضطهادهم على عهد الإمبراطور رومانوس (919 ـ 944 م). وكانت اليهودية آنذاك هي الديانة السائدة في الخزر لأن الخاقان والوالي وأمير سمندر في داغستان الذي كان يمت بصلة القربى لهذا الأمير، وكبار العمال، كان جميعهم على اليهودية مع أن اليهود كانوا أقل من المسلمين والنصارى من حيث العدد. وهذا نص ما كتبه المسعودي في هذا المعنى قال: “فأما اليهود فالملك وحاشيته والخزر من جنسهم. وقد كان تهوّد ملك الخزر في خلافة هارون الرشيد. وقد انضاف إليه خلق من اليهود وردوا إليه من سائر أمصار المسلمين ومن بلاد الروم، وذلك أن ملك الروم [في وقتنا هذا، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وهو أرمنوس] نقل من كان في ملله من اليهود إلى دين النصرانية وأكرههم.. فتهارب خلق من اليهود من أرض الروم إلى أرض الخزر على ما وصفنا، وكان لليهود مع ملك الخزر خبر ليس هذا موضع ذكره. وقد ذكرناه فيما سلف من كتبنا”.([21]) هذا الكتاب فقد ولا نعرف عنه شيئًا.
يشير صاحب كتاب “نخبة الدهر في عجائب البر والبحر”، المقدسي، إلى “ما حكاه ابن الأثير، أن صاحب قسطنطينية أيام هارون الرشيد أجلى من كان في مملكته من اليهود فقصدوا بلد الخزر، فوجدوا قومًا عقلاء ساذجين فعرضوا عليهم دينهم فوجدوهم أصلح مما عليه فانقادوا عليه”.([22])
يبدو أن المقدسي أخطأ في نسب هذه الرواية لابن الأثير، فلم نعثر على هذا النص لدى ابن الأثير، وربما يكون المقصود هو المسعودي في روايته السابقة. وهذا ما أشار إليه دنلوب الذي نقل عن مرقوارث الذي بحث بدون نجاح عن النص لدى ابن الأثير، قائلًا إن “المعني هنا ليس ابن الأثير بل المسعودي“.([23])
لعل أكثر الروايات تفصيلًا عن تهود الخزر هي رواية البكري، “وإنّما كان سبب تهوّد ملك الخزر- وكان مجوسيًّا – أنّه تنصّر فرأى فساد ما هو عليه، فأخذ فيما غمّه من ذلك مع بعض مرازبته فقال له: أيّها الملك، إنّ أصحاب الكتب ثلاث طوائف، فأرسل إليهم واستخبر أمرهم واتبع صاحب الحقّ منهم، فأرسل إلى النصارى في أسقف، وكان عنده رجل من اليهود ذو جدال فناظره، فقال له: ما تقول في موسى بن عمران والتوراة المنزّلة عليه؟ قال له: موسى نبيّ والتوراة حقّ. فقال اليهودي للملك: أيّها الملك، قد أقرّ بحقيقة ما أنا عليه، فسله عمّا يعتقد. فسأله الملك فقال له: أقول إنّ المسيح عيسى بن مريم هو الكلمة، وإنّه المبيّن عن الله عزّ وجلّ بالسرائر، فقال اليهودي لملك الخزر: إنّه يدّعي دعوى لا أعلمها وهو مقرّ بما عندي، فلم يكن للأسقف كبير حجّة. وأرسل إلى المسلمين فأرسلوا إليه رجلًا عالمًا عاقلًا عارفًا بالجدل، فدسّ اليهودي عليه من سمّه في طريقه فمات، فاستمال اليهودي الملك إلى ملّته فتهوّد”.([24])
ومهما يمكن قوله عن محتوى القصة، فإنها تفيدنا بقيام مناظرة دينية قبل تحول الخزر إلى اليهودية، وهي لذلك رواية فريدة في بابها في المصادر العربية المتوفرة.
يذهب دنلوب إلى أن “رواية البكري هي بالأساس منقولة عما جاء في رواية المسعودي المفقودة”.([25])
أمّا المصادر العبرية التي تحدّثت عن اعتناق الخزر لليهودية، فمنها الكتاب الذي وضعه يهوذا هاليفي (يهوذا اللاوي) (1075- 1141م)، بعنوان “كوزاري” (Kuzari)، أي الخزر بالعبرية. وهذا الكتاب عبارة عن حوار في شكل مجادلات ومناقشات دارت بين الملك والحبر اليهودي، وتحدّث عن المحاولات الفلسفية التي دارت بين ممثلي الديانات الثلاث السماوية. وقرار “ملك الخزر استدعاء ممثلي الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام لمناقشتهم وبيان أفضل هذه الأديان”.([26])
ذكر هاليفي مرتين، وفي مكانين مختلفين من كتابه، تاريخ تحوّل الخزر إلى الديانة اليهودية، فقال إن هذا التحول تم منذ أربعمائة سنة، وأنه “حدث في سنة 4500 (طبقًا للتقويم اليهودي) وهذا التاريخ يشير إلى سنة 740 م، وهو التاريخ الأكثر احتمالًا”.([27])
في هذا السياق، يقول ساند: “ولكن ليس هناك ما يؤكد أن هذا التاريخ هو التاريخ الصحيح. الشهادات المسيحية التي كتبت في حوالي 864 للميلاد في غرب البلاد الفرنسية البعيدة تتحدث عن أن (جميع الخزر يؤدون الفرائض اليهودية). وفي فترة ما بين منتصف القرن الثامن إلى منتصف القرن التاسع تبنى الخزر العقيدة التوحيدية اليهودية كعقيدة وعبادة خاصة بهم. ويمكن الافتراض أن عملية التهود لم تتم بشكل خاطف وسريع بل مرت بسيرورة طويلة ومتواصلة”.([28])
تعتبر “الرسائل الخزرية” (The Khazar Carrespondence)، التي تبودلت باللغة العبرية بين حسداي بن شفروط وملك الخزر يوسف، من أهم المصادر التي تتحدث عن اعتناق الخزر لليهودية، وقد جرى تبادل هذه الرسالة في عهد الخليفة الأموي عبد الرحمن الثالث الملقب بالناصر (911- 961م/ 300- 350 هـ). ([29])
ما يهمنا في هذه الرسائل رد الملك يوسف الذي حوى إجابات عن عملية التهود وعدد أسباب تفضيل يهودية آبائه على الديانتين التوحيديتين الأخريين، واستطرد في وصف موقع المملكة وحجمها وبنية سكانها ووزن أعدائه وخصومه (الروس وأبناء إسماعيل) وكل ذلك بلغة مفعمة بالإيمان، بوحي من التوراة وتعاليمها. ([30])
يبدأ رد يوسف بعبارات تحيات رنانة ثم يردد الفقرات الأساسية في خطاب حسداي مؤكدًا في فخر أن مملكة الخزر دليل واضح على كذب أولئك الذين يزعمون أن “صولجان يهوه قد سقط إلى الأبد من أيدي اليهود”، وأنه لا مكان في الأرض لمملكة خاصة (…) ثم يواصل يوسف رده فيقدم بيانًا بسلسلة نسب أبناء قومه وأصل سلالتهم، ورغم كونه قوميًا يهوديًا متعصبًا فهو لا يرجع أصلهم إلى سام بل يرجعه إلى يافث الابن الثالث لنوح أو بعبارة أدق إلى حفيد يافث ([31])
وفي رد يوسف على حسداي خص تاريخ ظهور المسيح بالقول: “نحن نرقب حكماء الفرس وبابل ورغم أننا نعيش بعيدًا عن صهيون إلا أننا علمنا أن التكهنات خاطئة نظرًا لوفرة الخطايا بدرجة كبيرة ونحن لا نعرف شيئًا، وإنما الخالد وحده هو المسيطر على كل شيء، وليس لدينا شيء ننتظره غير تنبؤات النبي دانيال نسأل الخالد أن يعجل خلاصنا”.([32])
انهيار مملكة الخزر اليهودية
فقدَ يهود الخزر مملكتهم بعد هزيمتهم أمام الروس عام 965م لكنهم احتفظوا باستقلالهم داخل حدود أضيق من ذي قبل، كما احتفظوا بعقيدتهم اليهودية طوال القرن الثالث عشر الميلادي عندما سقطت نتيجة الغزو المغولي الضخم الذي قاده جنكيز خان. فارتحل اليهود ومدوا فروعهم إلى البلاد السلافية التي لم تقهر وشيدوا مراكز يهودية كبيرة في أوروبا الشرقية. فإذا كان الغزو المغولي سببًا في انتهاء إمبراطورية الخزر وتشتت اليهود، إلا أن الهجرات إلى المواطن الآمنة كانت متتابعة ومتلاحقة على مر الزمن استمرت قرونًا عديدة، أي أن الرحيل هذا كان مسبوقًا بتأسيس المستعمرات والمستوطنات في أماكن كثيرة من أوكرانيا وروسيا الجنوبية. ([33])
صحيح أن مساحة الخزر اليهودية ــ من مدينة كييف في الشمال وحتى شبه جزيرة القرم في الجنوب، ومن منابع نهر الفولجا وحتى جورجيا الحالية ــ تقلصت بشكل كبير في نهاية القرن العاشر؛ إلا أن العاصفة المنغولية فقط في القرن الثاني عشر محَتها تمامًا ودفعت بجزء من جموع متهوديها في اتجاه الغرب إلى شرق أوروبا، وهود هذا السرب البشري في طريقه كثيرين آخرين. أسهم هذا الحدث التاريخي في أن ينشأ في هذه المساحات على وجه التحديد التجمع الديموغرافي اليهودي الأكبر في القرون التالية؛ وهو تجمع لا يمكن مقارنته من ناحية العدد بتجمعات يهودية أخرى في العالم. ([34])
فلا شك أن إمبراطورية الخزر قد حوت أناسًا من مختلف الأعراق والأشكال والأجسام، وأنه بين هؤلاء شقت ــ بدون شك ــ ديانة الحكام طريقها وانتشرت. هذا وإن القول إن يهود شرقي أوروبا منحدرون من الخزر يقود إلى إدخال “الأشكنازيم” جميعًا وشمولهم بشكل عام، ويعنى ذلك أيضًا شمول الغالبية العظمى من يهود عالم اليوم. ([35])
خاتمة
لقد طالب اليهود بفلسطين كوطن لهم، زاعمين أن لهم حقًا تاريخيًا فيها، حيث إنهم ينحدرون من القبيلة التوراتية المُتخيلة. أكدت الدراسات الحديثة أن الصهاينة طوعوا ووظفوا الأركيولوجيا وعلم الوراثة لمساعدتهم في تأكيد صحة التاريخ الكتابي والتأسيس لأسطورة الأمة اليهودية التي لم تكن موجودة إلا في مخيلتهم.
باختصار، إنه من السخف أن نتحدّث عن أن مجتمع المستوطنين في فلسطين، أو يهود اليوم، يرتبطون عرقيًا بالقبيلة التوراتية المُتخيلة، فالغالبية العظمى من يهود عالم اليوم منحدرون من الخزر، ولا توجد أدلة أنثربولوجية للربط بين مجتمع المستوطنين في فلسطين والقبيلة التوراتية المُتخيلة، وأن الرابط الوحيد هو رابط الدين.
[1]() شلومو ساند، عرق مُتَوَهَمُ: تاريخ مُوجَز لكراهية اليَهود، ترجمة: يحيى عبد الله وأميرة عمَامرة، ط1،
مدارات للأبحاث والنشر، مصر، 2024، ص 23.
[2]() شلومو ساند، اختراع الشعب اليهودي، ترجمة: سعيد عيّاش، ط1، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان،
2011، ص 180.
[3]() د. جمال حمدان، اليهود أنثربولوجيا، دار المعارف، القاهرة، 1967.
[4]() ساند، عرق مُتَوَهَمُ: تاريخ مُوجَز لكراهية اليَهود، مرجع سبق ذكره، ص 95.
[5]() ساند، اختراع الشعب اليهودي، مرجع سبق ذكره، ص 205.
[6]() عَلَم، مرجع سبق ذكره، ص 128.
[7]() آرثر كيستلر، القبيلة الثالثة عشر ويهود اليوم، ترجمة: أحمد نجيب هاشم، الهيئة المصرية العامة
للكتاب، القاهرة، 1991، ص 177.
[8]() ساند، عرق مُتَوَهَمُ: تاريخ مُوجَز لكراهية اليَهود، مرجع سبق ذكره، ص 27.
[9]() ساند، اختراع الشعب اليهودي، مرجع سبق ذكره، ص 280.
[10]() كيستلر، مرجع سبق ذكره، ص (21- 22).
[11]() د. م. دنلوب، تاريخ يهود الخزر، ترجمة: د. سهيل زكار، ط2، دار حسان للطباعة والنشر، دمشق،
1990، ص (11- 12).
[12]() د. محمد عبد الشافي المغربي، مملكة الخزر اليهودية وعلاقتها بالبيزنطيين والمسلمين في
العصور الوسطى، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، 2002، ص 12.
[13]() د. المغربي، مرجع سبق ذكره، ص 190.
[14]() كيستلر، مرجع سبق ذكره، ص 62.
[15]() شارف خالد، الخزر بين القرنين 7 و9م/ 1 و3 هـ: أصلهم ــ قيامهم ــ تهودهم، أطروحة لنيل
شهادة الماجستر في التاريخ الوسيط، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ـ قسم التاريخ، الجزائر،
2010- 2011، ص 77.
[16]() د. المغربي، المرجع نفسه، ص 191.
[17]() ساند، اختراع الشعب اليهودي، مرجع سبق ذكره، ص 280.
[18]() كيستلر، مرجع سبق ذكره، ص (62- 63).
[19]() أحمد بن العباس بن راشد بن حماد بن فضلان، رحلة ابن فضلان إلى بلاد الترك والروس والصقالبة، حررها وقدم لها: شاكر لعيبي، ط1، دار السويدي للنشر والتوزيع ـ أبو ظبي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت، 2003، ص (37-41).
[20] () شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي الحموي، معجم البلدان، الجزء الثاني، بيروت، دار صادر،1977، ص (367-369).
[21]() أبى الحسن على بن الحسين بن على المسعودى، مروج الذهب ومعادن الجوهر، الجزء الأول، ط5، تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد، دار الفكر، دمشق، 1973، ص (178 ـ 179).
[22]() شمس الدين أبى عبد الله محمد بن علي بن إبى طالب الأنصارى الدمشقي، نخبة الدهر في عجائب البر والبحر، مكتبة المُثنى، بغداد، بدون تاريخ نشر، ص 263.
[23]() دنلوب، مرجع سبق ذكره، ص 136.
[24]() أبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري، المسالك والممالك، الجزء الثاني، تحقيق: د. جمال طلبة، دار الكتب العلمية، بيروت، 2003 ، ص (24- 25).
[25]() دنلوب، مرجع سبق ذكره، ص 137.
[26]() د. المغربي، المرجع نفسه، ص 197.
[27]() كيستلر، مرجع سبق ذكره، ص 80.
[28]() ساند، اختراع الشعب اليهودي، مرجع سبق ذكره، ص 287.
[29]() د. المغربي، مرجع سبق ذكره، ص 200.
[30]() ساند، مرجع سبق ذكره، ص 277.
[31]() كيستلر، مرجع سبق ذكره، ص 74.
[32]() كيستلر، مرجع سبق ذكره، ص 77.
[33]() جودت السعد، أوهام التاريخ اليهودي، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان، 1998، ص (259- 260).
[34]() ساند، عرق مُتَوَهَمُ: تاريخ مُوجَز لكراهية اليَهود، مرجع سبق ذكره، ص (26- 27).
[35]() دنلوب، مرجع سبق ذكره، ص 347.