وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم الجمعة 27 تشرين الأول/ أكتوبر، رسالة إلى الجنود الإسرائيليين في غزة أكثرَ فيها الاقتباسات من “العهد القديم/التناخ”، لتحريضهم ضد قطاع غزة. قال مخاطبًا الجنود: “أذكر ما فعله بك عماليق”. كما اعتبر في رسالته أن “هذه حرب بين أبناء النور وأبناء الظلام، لن نتوقف عن مهمتنا حتى يتغلب النور على الظلام”. وأضاف: “سيهزم الخير الشر الشديد الذي يهددنا ويهدد العالم بأسره”.
وفي موقع آخر من الرسالة، قال: “كلكم من نسل سلسلة الأبطال الذين لم يترددوا ولم يتراجعوا – يشوع بن نون، دبورة النبية، الملك داود، يهودا المكابي، بار كوخبا، جوزيف ترومبلدور، المقاتلون السريون، الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن. لقد أمسكوا بسيف درع إسرائيل إلى الأبد، وأنتم تسيرون على خطاهم”. واقتبس من (مزمور 3:18): “تُمَنْطِقُنِي بِقُوَّةٍ لِلْقِتَالِ. تَصْرَعُ تَحْتِي الْقَائِمِينَ عَلَيَّ”. ثم قال: “ليسمح الرب أن يوبخ أعداؤنا الذين قاموا علينا في وجوههم! فليحفظ القدوس المبارك جنودنا ويحفظهم من كل ضيق وضيق، ومن كل مرض وسقم، وليباركهم ويوفقهم في كل أعمالهم. ويزينهم بتاج الخلاص وتاج النصر”. وختم رسالته: “بعون الرب، معًا سننتصر”.
الفلسطينيون الحاليون والعمالقة المُتخيلون
يستحضر نتنياهو عماليق “العهد القديم/التناخ”، التي لا تجد لها سندًا في غيره من المصادر التاريخية، والتي تمثل ذروة الشر في التقاليد اليهودية. ويُستخدم هذا التعبير للإشارة إلى الشعوب “المُتخيلة” التي هددت وجود بني إسرائيل “المُتخيل”. واستخدمه نتنياهو أكثر من مرة في تحفيز الجيش الإسرائيلي في حربه ضد قطاع غزة. ولفهم مغزى ما قاله، علينا ذكر الأجزاء التي تتحدث عن العماليق في “العهد القديم/التناخ”، وما يجب أن يُفعل بهم من وجهة النظر الواردة فيها.
فقد جاء في سفر الخروج أنه نزل بنو إسرائيل في رفيديم، بين برية سين وبرية سيناء (سفر الخروج 17: 1، 19: 2) بعد خروجهم من أرض مصر، “وَأَتَى عَمَالِيقُ وَحَارَبَ إِسْرَائِيلَ فِي رَفِيدِيمَ” (سفر الخروج 17: 8)، ولكن بني إسرائيل نجحوا، بقيادة يشوع، في إيقاع الهزيمة بعماليق ، “فَفَعَلَ يَشُوعُ كَمَا قَالَ لَهُ مُوسَى لِيُحَارِبَ عَمَالِيقَ. وَأَمَّا مُوسَى وَهَارُونُ وَحُورُ فَصَعِدُوا عَلَى رَأْسِ التَّلَّةِ. وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مُوسَى يَدَهُ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَغْلِبُ، وَإِذَا خَفَضَ يَدَهُ أَنَّ عَمَالِيقَ يَغْلِبُ. فَلَمَّا صَارَتْ يَدَا مُوسَى ثَقِيلَتَيْنِ، أَخَذَا حَجَرًا وَوَضَعَاهُ تَحْتَهُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَدَعَمَ هَارُونُ وَحُورُ يَدَيْهِ، الْوَاحِدُ مِنْ هُنَا وَالآخَرُ مِنْ هُنَاكَ. فَكَانَتْ يَدَاهُ ثَابِتَتَيْنِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. فَهَزَمَ يَشُوعُ عَمَالِيقَ وَقَوْمَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ.فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: اكْتُبْ هذَا تَذْكَارًا فِي الْكِتَابِ، وَضَعْهُ فِي مَسَامِعِ يَشُوعَ. فَإِنِّي سَوْفَ أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. فَبَنَى مُوسَى مَذْبَحًا وَدَعَا اسْمَهُ يَهْوَهْ نِسِّي. وَقَالَ: إِنَّ الْيَدَ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ. لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ” (سفر الخروج 17: 10- 16).
ويذِّكر موسى ــ في نهاية أيام البرية ــ الشعب بما فعله به عماليق، “اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ. كَيْفَ لاَقَاكَ فِي الطَّرِيقِ وَقَطَعَ مِنْ مُؤَخَّرِكَ كُلَّ الْمُسْتَضْعِفِينَ وَرَاءَكَ، وَأَنْتَ كَلِيلٌ وَمُتْعَبٌ، وَلَمْ يَخَفِ اللهَ. فَمَتَى أَرَاحَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ حَوْلَكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا لِكَيْ تَمْتَلِكَهَا، تَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لاَ تَنْسَ” (سفر التثنية 25: 17- 19).
وفي سفر صموئيل (15: 3): “فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا”.
يُشكل يشوع في الذهنية الصهيونية مكونًا رئيسيًا من مكونات التوجه نحو الإبادة ويحتل، بكل ما نُسب إليه من جرائم إبادة في السفر المسمى باسمه، بؤرة الإعجاب
يا لهذا الذي يزعم أنه ينطق بصوت سيده من مجرم حرب يأمر بتقتيل الأسرى، وغير المحاربين، وبإبادة شعب بأكمله، وبإهلاك حيواناته معه، وإغراق بلاده بطوفان دموي غامر لا ينجو منه إنسان أو حيوان، ولِمَ كان ذلك؟ هل اعتدى هذا الشعب “المُتخيل” على بني إسرائيل؟ كلا، وإنما هو أبى أن يدعهم يعتدون عليه، ومتى كان ذلك؟ في هذا العام؟ في العام الذي سبقه؟ كلا، بل كان ذلك منذ عده قرون خلت!
من الواضح أن أكثر النقاد اعتدالًا، لا يستطيع أن يتحدث عن هذا النص المدعو بالمقدس إلا باشمئزاز ورعب، وقد قال فيه بولينغبروك: “كيف؟ أيرغم خالق الكون على النزول إلى زاوية ما من زوايا الكرة الأرضية، وليس له هدف سوى أن يقول ليهوده: آ.. لقد تذكرت الآن! فمنذ نيف وخمس مائة عام مضت، كان هناك شعب صغير رفض السماح لأجدادكم بالعبور من أرضه؟ تريدون محاربة مستعبدكم الفلسطينيين؟ حسنًا! ولكن اتركوا هذه المعركة القاسية الآن. وأعدوا حملة ضد ذلك الشعب الصغير، الذي تصدى لأجدادكم في غابر الأيام، ومنعهم من تخريب أملاكه، أبيدوا هناك المواشي والقطعان، الجمال والحمير؛ لأن من الضروري جدًا ألا يكون عندكم مواشٍ، وأغنام تستفيدون من لحومها، في حربكم المقبلة مع الفلسطينيين الأقوياء، وألا يكون عندكم جمال وحمير تحمل أمتعتكم إلى المعركة”. ([1])
إذن، أصبحت صورة عماليق، المطلوب إبادته، كما جاء في “العهد القديم/التناخ”، نموذجًا كلاسيكيًا للآخر المغاير، وفق ما يرى جيرالد كرومر، أستاذ علم الجريمة في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، فعلى مدى أزمان عديدة، “ذهب علماء الدين اليهود إلى أبعد مدى في إظهار فسق عماليق وفسادهم. ونتيجة لذلك فقد عُدَّ عماليق ذروة الشر في التقاليد اليهودية. في موازة ذلك، استخدم الحاخامون والناس العاديون على السواء مصطلح “عماليق” ليدلّوا به على الشعوب والمجموعات الأخرى التي يُزعم أنها تتهدد وجود الشعب اليهودي، وهكذا فإن عماليق هو الآخر المغاير الرئيس”.([2])
لا يقتصر الأمر على الإعلان “النظري” عن مساواة الفلسطينيين المعاصرين بالعماليق “المُتخيلين”، بل يترافق ذلك مع حملة تحرضية تحث على التعامل معهم، قتلًا وإبادة، كما فعل الأسلاف من “بني إسرائيل” مع عماليق، وفق أوامر رب “بني إسرائيل” بأن “أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاء”.
هكذا، يُشكل “نفي الآخر” واستئصاله، العنصر الرئيسي المكون لهوية العدو الصهيوني الجمعية.([3]) يوضح بجلاء إيلان غور زئيف (Ilan Gur-Ze’ev)، الأستاذ في جامعة حيفا الإسرائيلية، ما يلي: “يصبح من السهل التماسك الفردي والجماعي حول تسويغ تطبيق مصير عماليق تطبيقًا كاملًا على مصير الفلسطينيين، عماليق زمننا، وهذه الأفكار شائعة جدًا في إسرائيل وبدرجات متفاوتة”.([4])
يشوع بن نون بطل شعب “إسرائيل”!
استحضر نتنياهو الشخصية التوراتية “المُتخيلة”، يشوع بن نون، في إشارة إليه ضمن من وصفهم بـ”أبطال إسرائيل” التاريخيين على مدار ثلاثة آلاف عام. يُشكل يشوع في الذهنية الصهيونية مكونًا رئيسيًا من مكونات التوجه نحو الإبادة. ويحتل، بكل ما نُسب إليه من جرائم إبادة في السفر المسمى باسمه، بؤرة الإعجاب والاهتمام في المشروع الصهيوني القائم على التطهير العرقي.
تخبرنا حكايات “العهد القديم/التناخ” بأن يشوع بن نون “المُتخيل”، في اقتحامه أرض كنعان، كان يتصرف وفقًا لأوامر يهوه وما كان يوحى به إليه ويخطط له. فقد أمر ببدء حملته العسكرية على ما يسمي أريحا، ولكن كان ينبغي عبور نهر الأردن كخطوة أولى لابد منها لبدء الهجوم، فجفف الرب مياه النهر، وعبر الشعب مقابل أريحا. وأحاط يشوع وجيشه بأريحا، فسقطت أسوار المدينة، وانهارت حصونها، فأمر يشوع بإبادة السكان جميعهم الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، بل والبقر والغنم والحمير، ولم ينجُ من تلك المذبحة التوراتية سوى راحاب قحبة أريحا وأهلها، “وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا، إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. وَاسْتَحْيَا يَشُوعُ رَاحَابَ الزَّانِيَةَ وَبَيْتَ أَبِيهَا وَكُلَّ مَا لَهَا، وَسَكَنَتْ فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ” (سفر يشوع 6: 24- 25). كذلك فعل الشيء نفسه بمدينة عاي: “وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ وَسَقَطُوا جَمِيعًا بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا، أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ” (سفر يشوع 8: 24- 25).
أضف إلى هذا كله أن رب “بني إسرائيل” اشترك في المعركة: “وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ. حِينَئِذٍ كَلَّمَ يَشُوعُ الرَّبَّ، يَوْمَ أَسْلَمَ الرَّبُّ الأَمُورِيِّينَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ أَمَامَ عُيُونِ إِسْرَائِيلَ: يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ، وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ. فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. أَلَيْسَ هذَا مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِل. وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُ ذلِكَ الْيَوْمِ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ سَمِعَ فِيهِ الرَّبُّ صَوْتَ إِنْسَانٍ، لأَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ” (سفر يشوع 10: 11- 14). وتابع يشوع انتظارته وبطولاته الفذة، “فَضَرَبَ يَشُوعُ كُلَّ أَرْضِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ وَالسُّفُوحِ وَكُلَّ مُلُوكِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا، بَلْ حَرَّمَ كُلَّ نَسَمَةٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ” (سفر يشوع 10: 40). “ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ حَاصُورَ وَضَرَبَ مَلِكَهَا بِالسَّيْفِ، لأَنَّ حَاصُورَ كَانَتْ قَبْلاً رَأْسَ جَمِيعِ تِلْكَ الْمَمَالِكِ. وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ، وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ، وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ” (سفر يشوع 11: 10- 11).
أصبحت صورة عماليق، المطلوب إبادته كما جاء في “العهد القديم/التناخ”، نموذجًا كلاسيكيًا للآخر المغاير وفق ما يرى جيرالد كرومر
يلاحظ أن سفر يشوع بن نون، الذي أورد هذه الحكايات التي رويناها بإيجاز، ينضح ربما أكثر من غيره من أسفار “العهد القديم/التناخ” بالفظائع التي ارتكبت بحق سكان أرض كنعان.
ما أبلغ الكلمات التي قالها اللورد بولنغبروك ـ سياسي وفليسوف إنكليزي (1678 ـ 1751) ـ بهذا الصدد: “هل يعقل أن يكون إلهًا أبًا للناس كلهم، وفي الوقت نفسه يقود ذلك البربري المتوحش ويرافقه؟! إن أكثر آكلي لحوم البشر دموية يخجل أن يكون شبيهًا لابن نون. يا عظمة الله!! لقد أتى من عمق الصحراء ليُبيد مدينة غريبة، ويقتل سكانها كلهم، ويذبح حيواناتها كلها، ثم يحرق منازلها بما فيها، بينما هو لا يملك سقفًا يأوي تحته، ولم يرحم سوى قحبة نتنة خانت وطنها، واستحقت أن تسام مُرَّ العذاب، ولو لم تكن هذه الخرافة عديمة الجدوى، لكانت مثيرة للاشمئزاز وحسب، وعلى أي حال لا يستطيع كتابه مثل هذه الأشياء سوى سكير نذل، ولا يصدقها سوى سكِيِر أحمق نهش الغباء ما في جمجمته”. ([5])
إنّ هذه الصورة التي جاءت في حكايات “العهد القديم/التناخ” عن العمليات العسكرية التي قام بها يشوع بن نون، إنما هي صورة مُتخيلة، إذ ليس هناك دليل تاريخي من خارج “العهد القديم/التناخ.”
إنّ استحضار نتنياهو للخطاب الديني اليهودي، المتمثل بـ حكايات “العهد القديم/التناخ”، لهذه الحوادث “المُتخيلة”، واستخدامه لتعبير “أبطالنا القوميّين”، محاولة لاختلاق امتداد تاريخي يربط المستوطنين الصهاينة بالجماعات التوراتية “المُتخيلة”. ومحاولة يائسة من نتنياهو لرفع معنويات جيشه المهزوم.
[1] ليوتاكسل، التوراة: كتاب مقدس أم جمع من الأساطير؟، ترجمة: د. حسان ميخائيل إسحاق، ط1، الجندي
للطباعة والنشر، بدون بلد نشر، 1994، ص (291ـ 292).
[2] عصام سخنيني، الجريمة المقدسة: الإبادة الجماعية من أيديولوجيا (الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني)، ط1، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2012، ص (58- 59).
[3] أحمد الدبش، سفك الدماء: تراث الصهيونية للبشرية سفك الدماء: تراث الصهيونية للبشرية | الكرمل (alcarmel.net)
[4] سخنيني، مرجع سبق ذكره، ص 66.
[5] ليوتاكسل، مرجع سبق ذكره، ص 215.