بعد 200 يوم من بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لا يزال العدو يتكبّد خسائر بشرية ومادية ملحوظة، من دون أن يُحقّق أيًا من الأهداف التي وضعها عند بداية حربه في السابع من أكتوبر سنة 2023. وفي حين أنّ جبهة غزة لا تزال الأكثر أهمية بالنسبة لقادة العدو، إلّا أن ما يفعله حزب الله في جنوب لبنان رفع أهمية جبهة الشمال لتوازي، من ناحية الجهد العسكري والأبعاد الاستراتيجية جبهة الجنوب (غزة). فمسيّرات حزب الله باتت تمرّ مؤخرًا بسلاسة لتصل إلى أهدافها من دون أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من اعتراضها أو حتى من دون إطلاق صفّارات الإنذار في مستوطنات الشمال المستهدفة. هذه النتيجة حقّقها الحزب بعد أن قام طوال الأشهر الماضية باستهداف بُنية الرصد الجوي لدى العدو (رادارات تجسُسية، أبراج مراقبة، تجهيزات…). وقبل يومين، دخلت منطقة شمال عكا في دائرة مسيّرات الحزب، إذ شنّ الحزب هجومًا مركبًا جويًا بمسيرات انقضاضية وإشغالية، على مقر قيادة «لواء غولاني» ومقر وحدة «إيغوز 621» في ثكنة شمال عكا، وأصابت أهدافها بدقة، وذلك ردًا على استهداف الاحتلال أحد المقاومين التابعين لحزب الله في عدلون.
وقبل أسبوع، دخلت مسيّرتان من الأراضي اللبنانية وانفجرتا في إصبع الجليل من دون إطلاق صافرات الإنذار. وقد استهدفت المسيرتان قاذفات القبة الحديدية في «بيت هلل»، فيما أصيب 3 أشخاص بجراح جرّاء سقوط المسيرة.
كذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه تمّ تشخيص مقذوفات عدّة من صواريخ مضادة للدروع وطائرة مسيرة أُطلقت من الأراضي اللبنانية إلى منطقة عرب العرامشة. نتيجة ذلك، أُصيب 6 جنود بجروح بالغة (تبيّن مقتل أحدهم لاحقًا)، وإصابة 2 بجروح متوسطة، و6 بجروح طفيفة.
ووفق ما نُقل عن مصادر صهيونية، فإن قوات الاحتلال تفحص ما إذا كان حزب الله قد استخدم في الإطلاق على عرب العرامشة صاروخًا موجّهًا غير اعتيادي للتغلّب على منظومات الكشف. تعليقًا على هجوم عرب العرامشة، أشار مُعلّقون صهاينة إلى نجاح حزب الله في إدخال طائرة مسيرة متفجرة من تحت الرادار الإسرائيلي وتحقيق إصابات.
وفي هذا السياق، رأى كبير مُحلّلي الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، رون بن يشاي، أنّ «الإصابات الخطرة التي سبّبتها طائرات حزب الله المسيرة تشير إلى منحنى تعلّمي للمنظّمة التي تستغل مناطق ميتة، لا تغطيها الرادارات أو وسائل الكشف البصري». ولفت إلى أن «برمجة مثل هذه الطائرات تتطلّب قدرات تقنية، ومُشغّلين مهرة».
«الشمال» خالٍ… إلى الأبد
– على إثر الأحداث الأخيرة على جبهة شمال فلسطين المحتلّة، كشف رئيس المجلس المحلي في «مستوطنة المطلة» أنّه «لم يبق في المستوطنة حاليًا سوى 34 شخصًا فقط»، مضيفًا أنّ «الجنود الإسرائيليين يمكثون في منازل المدنيين».
– لا يزال نحو 62 ألفًا من مستوطني الشمال خارج المستوطنات بطلب رسمي من حكومتهم، بالإضافة إلى نحو 30 ألفًا غادروا منازلهم طوعًا، وفقًا لتقديرات رؤساء السلطات المحلية في الشمال.
– أفادت تقارير إسرائيلية إلى أن مستوطنين إضافيين قرّروا مغادرة مستوطنة «كريات شمونة» إلى الأبد.
التطورات الميدانية
– بالتزامن مع مخاوف وتقديرات اسرائيلية من اشتعال الضفة الغربية، أصيب جندي إسرائيلي في الضفة الغربية لدى محاولته انتزاع علم فلسطيني مجهّز بعبوة صغيرة. المشهد صوّرته صهيونية من داخل السيارة وهي تنتظر الجندي الذي كان بلباس مدني، وسُمعت تتحدّث عن عدم وجود شيء اسمه أرض فلسطين. عكس المشهد استفزاز المستوطنين وسعيهم إلى محو كلّ ما يرمز إلى الشعب الفلسطيني.
– سُجّلت محاولة طعن في الخليل في «بيت عينون»، كما جرت عملية إطلاق نار على «موقع سالم»، شمال جنين. كذلك، حصلت محاولة هجوم على آلية عسكرية قرب «بيت سيرا».
– أعلن الجيش الإسرائيلي عن انتهاء العملية العسكرية في مخيّم «نور شمس»، في مدينة طولكرم، التي دامت أيام عدّة وسقط فيها 9 جرحى من قوات الاحتلال.
– قال اللواء احتياط إسحاق بريك إنّ «إسرائيل خسرت بالفعل الحرب في غزة، وتحتاج الآن إلى إعلان وقفها، إذ لا يمكن تدمير غزة بالكامل». وأضاف أنّ «دخول رفح لن يُساعد».
– عقد وزير الأمن، يوآف غالانت جلسة تقدير وضع حول الاستعدادات لدخول برّي إلى رفح. ونشر مكتب غالانت أنّه أمَر بالاستعداد لإخلاء السكان من المدينة. ووفق تقارير صهيونية، فإن قوات الاحتلال ستدخل في الأسبوعين المقبلين إلى محيط 10 آلاف خيمة إلى المنطقة المحيطة برفح، على أن يرتفع العدد في مرحلة لاحقة إلى 30 ألف خيمة إضافية.
– نُقل عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أنه كان مقررًا أن يبدأ سلاح الجو الإسرائيلي بإسقاط منشورات على أجزاء من رفح وسط استعدادات لهجوم بري على المدينة، لكن تلك الخطط تأخرت بسبب الردّ الإيراني على «إسرائيل»فجر 14 نيسان – ابريل 2024.
صور بحر غزة تهز الإسرائيليين!
الصور التي انتشرت من بحر غزة، مؤخرًا، والتي ظهر فيها الغزيون وهم يستجّمون على الشاطئ، هزّت المجتمع الإسرائيلي، خصوصًا أنّ شاطئ مستوطنة «زيكيم» القريب من غزة ظهر خالٍ من الرواد. هذا الأمر دفع بإعلامي إسرائيلي إلى القول إنّ «هذه المفارقة سببت لي أوجاعًا في جسدي».
انتحارات بالجُملة؟
قال أحد الناجين من احتفال «نوفا» الموسيقي في السابع من أكتوبر، في جلسة للجنة مراقبة الدولة في الكنيست، إنه «نحو 50 شخصًا ممن نجوا من الحفلة، قبل شهرين، انتحروا».
ماذا عن صفقة التبادل؟
– قال مصدر في «الكابينت» إنّ ردّ حماس على مفاوضات تبادل الأسرى والرهائن يجعل الصفقة «مستحيلة»، إذ لا أحد من أعضاء الكابينت، بما في ذلك رؤساء الوفد إلى القاهرة، مستعدّ للموافقة على مطالب حماس (وقف الحرب، الانسحاب، عودة المهجّرين إلى منازلهم، حرية الحركة لأهل القطاع).
قطر تعيد حساباتها؟
يبدو أنّ قطر باتت في صدد إعادة حساباتها في استكمال دورها كوسيط في صفقة تبادل الأسرى والرهائن بين حركة حماس و«تل أبيب». يأتي القرار القطري نتيجة الانتقادات والضغوط الإسرائيلية والأمريكية المتزايدة على الدول الخليجية. وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء القطري الأسبوع الماضي إنّ بلاده «تعيد تقييم دورها كوسيط بين إسرائيل وحماس». وأضاف: «هناك استغلال وإساءة للدور القطري»، من دون أن يُحدّد مِمّن، مؤكدًا أنّ قطر «كانت ضحية تسجيل النقاط من قِبل السياسيين الذين يحاولون إدارة الحملات الانتخابية من خلال الاستخفاف بدولة قطر»، من دون ذكر اسماء المسؤولين المعنيين.
وكان رئيس الوزراء القطري قد أخبر رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، سابقًا، أن الدوحة «تريد أن ترى تحولًا كبيرًا في سلوك إسرائيل تجاه قطر»، مشيرًا إلى حالات عدّة سُجّلت خلال الحرب ادّعى فيها أن البنية التحتية التي تموّلها الدوحة في غزة قد تم استهدافها بشكل خاطئ».
كما أثار رئيس الوزراء القطري مخاوف بشأن تأكيد نتنياهو أكثر من مرّة أن قطر فشلت في الضغط بشكل كافٍ على حماس في المحادثات، وهو ادعاء ترفضه الدوحة، رغم تكراره أيضًا من بعض المشرعين الأمريكيين.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية قد أفادت أنّ «قيادة حماس تدرس مغادرة قطر على ضوء الضغوط الأمريكية على قطر للتوصل إلى صفقة أسرى ووقف إطلاق نار، ومن بين الخيارات التوجه إلى سلطنة عُمان».
الاقتصاد الإسرائيلي المتضرّر
– انخفض الناتج المحلي الإجمالي في «إسرائيل» بنسبة 21%، مع نهاية الفصل الرابع من السنة الماضية، مقارنة بالفصل الثالث، وفقًا لتقارير صهيونية.
– تسبّبت الحرب بانخفاض الصادرات الإسرائيلية بنسبة 22.5% ؛ الإنفاق الخاص بنسبة 26.9%؛ الاستثمارات في الأصول الثابتة بنسبة 67.9%، والواردات بنسبة 42.4%. وفي المقابل، قفز الإنفاق الحكومي بنسبة 83.7%، وارتفع معدل التضخم إلى 2.7%.
– خفّضت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» التصنيفات طويلة الأجل لكيان الاحتلال على خلفية تصاعد المواجهة مع إيران، وفي ظلّ المخاطر الجيوسياسية المرتفعة لـ«إسرائيل». وقالت الوكالة في بيانها: «نتوقّع أن يتّسع العجز الحكومي العام لإسرائيل إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى زيادة الإنفاق العسكري».
– سُجّل تراجع في الأسواق المالية والعملات في كيان الاحتلال خاصة، والعالم عامة، في ظل التوترات المتصاعدة بين «إسرائيل» وإيران. وانخفضت المؤشّرات الرئيسة بنسبة 1.2% في بورصة «تل أبيب». وشهدت العملة الإسرائيلية تأرجحًا، قبل أن تتراجع لاحقًا مع تداولها عند 3.75 شيكل مقابل الدولار الأميركي.
نتائج الضربة الإيرانية
– أظهرت صورة التقطها قمر صناعي الأضرار الناجمة عن سقوط أحد الصواريخ الباليستية في قاعدة «نيفاتيم» الجوية. وأشار تحليل إسرائيلي للصورة إلى أنه «يمكن رؤية إصابة المدرج بالقرب من سرب النقل وقرب طائرات هيركوليس في الجزء الجنوبي من القاعدة».
– اعتبرت وزيرة القضاء الإسرائيلية السابقة، أيليت شاكيد، أنّ الهجوم الإيراني «هو انهيار تام للردع الإسرائيلي (…) الردع الإسرائيلي انهار على يد هذه الحكومة مقابل حماس وإيران وهذا هو الأمر الأكثر إثارة للقلق».
– رأى مُعلّقون صهاينة أنّ الاحتلال مُلزم ببلورة الحلف الغربي – العربي – الإسرائيلي، لأن «هذا الحدث (المواجهة مع إيران) كبير جدًا عليها».
– كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن «وثائق داخلية إسرائيلية» وصلت إليها، تُظهر أنّ التخطيط لاغتيال المسؤول الإيراني حسن مهدوي، استمر نحو شهرين، وأن «إسرائيل» لم تُقدّر أنّ الردّ الإيراني على الاغتيال سيكون بحجم مماثل للذي حدث في الواقع.
«الردّ» الإسرائيلي على الردّ الإيراني
– أرسل وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، رسائل إلى 32 دولة في العالم، دعاها فيها لتعزيز العقوبات على مشروع الصواريخ الإيراني وتصنيف حرس الثورة كـ«منظمة إرهابية».
– عبّر معلقون ومراسلون عسكريون صهاينة عن حالة الصمت المطبق في المؤسسة الأمنية والعسكرية حول الرد الإسرائيلية على الضربة الإيرانية، بالتوصيفات التالية: «صمت لاسلكي»، «لا يردُّون»، «الجيش صامت». وأشار معظم المعلقين والمراسلين إلى أنّ الهجوم في محافظة أصفهان وقع قرب قاعدة لسلاح الجو في الجيش الإيراني، قريبة من منشأة عسكرية لحرس الثورة أُطلقت منها طائرات مسيرة نحو الأراضي المحتلة.
– ألمح مُعلّق عسكري إلى أنّ «الموساد» وليس جيش الاحتلال هو من نفّذ الهجوم على إيران، ما يرجّح بأن الهجوم كان عملية استخبارية جرى تنفيذها من داخل الأراضي الإيرانية.
– انصّب حيّز كبير من المقاربة الإعلامية حول مسألة فعالية الهجوم الإسرائيلي في أصفهان على مستوى الردع الإسرائيلي، وظهر أن ثمّة اتفاق واسع على أن الهجوم الإسرائيلي ليس رادعًا لإيران، التي قامت «بسابقة دراماتيكية وفعّلت هجومًا صاخبًا وضخمًا ضد إسرائيل».
– تعليقًا على الهجوم الإيراني، قال رئيس لجنة الخارجية والأمن سابقًا، تسفي هاوز، إنّ إيران «تستعد لحرب كبرى (…) للأسف ما جرى في إيران (الرد الإسرائيلي) لا يُبعد الحرب، بل على العكس، إيران لديها مزيد من الشهيّة لحرب كبرى». وأضاف أنه «يجب الإدراك أنّ الحادث في الشمال هو الأكبر، فحزب الله هو الذراع الأكثر فاعلية لإيران وأكثر تأثيرًا مما قد يأتي من إيران».
– اعتبر معلقون إسرائيليون أنّ الإيرانيين «بدأوا مرحلة جديدة وخطيرة من دون أن يدفعوا ثمنًا أبدًا، لا من الدول العظمى ولا من الولايات المتحدة وفرضوا ميزان رعب في الشرق الأوسط».
تغريدة بن غفير تُخجل «إسرائيل»
أدت تغريدة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، التي اكتفى فيها بكتابة كلمة (مسخرة) للتعليق على «الردّ» الإسرائيلي في إيران، إلى ردود غاضبة على لسان شخصيات سياسية، من بينها وزراء كبار، وصفوا تعليقه بـ«السخيف ويتسبّب بأضرار للدولة». وقالوا أنّ «بن غفير صبياني يفرّط بأمن سكان إسرائيل من أجل عدة لايكات». ووفق تقارير عبرية، قال أحد الضباط السابقين إنه «من المؤسف أن يستخدم كلمة دردليه (مسخرة)… هذا لا فائدة منه وغير مناسب».
ومع تفاعل «عاصفة الردود» على تغريدته، ردّ بن غفير: «سأواصل قول الحقيقة حتى لو لم تتسّق مع رسائل بايدن ومهندسي الوعي».
أمريكا تزيد مساعداتها
صوّت مجلس النواب الأمريكي يوم السبت الماضي، على خطة مساعدات واسعة لصالح كلّ من كيان الاحتلال وأوكرانيا وتايوان. والحزمة الضخمة البالغة قيمتها الإجمالية 95 مليار دولار يطالب بها الرئيس جو بايدن منذ أشهر، سيُخصص 13 مليار دولار منها كمساعدات عسكرية لكيان الاحتلال، دعمًا لها في حربها على غزة والضفة الغربية.
– أثنى وزير الأمن، يوآف غالانت على إقرار المساعدة المالية الأميركية لحكومته. واعتبر أنّه «فيما تواجه إسرائيل تهديدات من سبع جبهات بما فيها إيران، تقف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل».
– اعتبر معلقون أنّ إقرار المساعدة المالية الأمريكية، هو بمثابة مكافأة لـ«إسرائيل»، مقابل أخذ الأخيرة الموقف الأمريكي بشأن الهجوم في إيران بعين الاعتبار.
– عقدت «تل أبيب» وواشنطن، لقاءً افتراضيًا حول تنفيذ عملية محتملة في رفح. ووفق البيت الأبيض فإن «الطرفين اتفقا على الهدف المشترك بهزيمة حماس في رفح». كما وشدّد الجانب الإسرائيلي على أنه سيأخذ بالحسبان موارد القلق الأمريكية.
متفرقات
– ادعت منظمة قراصنة مؤيدة للفلسطينيين اختراق حواسيب لقوات الاحتلال الإسرائيلية، وأنه وقع بيدها «حوالي ربع مليون وثيقة عسكرية».
– وصل إلى الكيان الصهيوني قبل أيام وفد من المؤثرين على الإنترنت وأكاديميين مسلمين من دول عربية، شاركوا في ورشة عمل حول مراقبة المحتوى «المعادي للسامية» على الإنترنت، ومن بينهم ياسمين محمد والناشط المغربي فيصل مرجاني ومراسل الشؤون الخارجية الباكستاني أحمد القريشي.
– نشرت تقارير صحيفة أنّه تم إرسال بطاقات تعزية زائفة لعائلات الأسرى الإسرائيليين، كما تلّقى صحافيون إسرائيليون تهديدات. واتهمت التقارير الصهيونية الحكومة الإيرانية بالوقوف خلف ذلك بهدف «زرع الفوضى وإثارة الجنون في إسرائيل».