على قدمٍ وساق، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على إتمام صفقة التطبيع بين السعودية وكيان الاحتلال الإسرائيلي. اتفاق يبدو أنه اقترب من النضوج على رغم تكرار الرياض الحديث عن شروطٍ للقبول بهذا الاتفاق، وأبرزها ما يخص ضمان حقوق الفلسطينيين.
لكن على ما يبدو أنّ حكّام السعودية تراجعوا مقابل موافقة الولايات المتحدة على إقامة مظلة أمنية للسعودية. إذ كشفت وكالة “رويترز” يوم 29-9-2023 نقلًا عن مصادر أن الرياض “ستطبّع علاقتها مع إسرائيل في حال تحقيق شرط واحد، وهو إلزام الولايات المتحدة باتفاقية دفاع عنها”. وأوضحت الوكالة نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة على مفاوضات التطبيع أنه في “حال تحقق هذا الشرط، فسيتم تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، من دون النظر بمطالب السعودية الأخرى المتعلقة بحقوق الفلسطينيين”. وقال أحد المصادر إن “السعودية تدعم خطة سلام للفلسطينيين، لكنها تريد هذه المرة شيئاً لنفسها، وليس للفلسطينيين فقط”.
لماذا يهمنا هذا الخبر؟
منذ سبعينيات القرن الماضي، كان كل نظام عربي يقيم علاقات مع “إسرائيل” يبرّر ذلك بسعيه إلى تحصيل حقوق الشعب الفلسطيني.
المبادرات العربية لـ”السلام”، كما المشاركة في مؤتمر مدريد وما تلاه من اتفاقيات أوسلو ووادي عربة وصولًا إلى اتفاقات “ابراهام” في العام 2020، كانت تُسوّق على أن أحد أهدافها الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني.
السلطة الحاكمة في السعودية لم تشذّ عن هذه “القاعدة”، إذ لم تكفّ منذ 6 سنوات على الأقل عن تكرار معزوفة وجوب أن يقترن أي اتفاق مستقبلي مع “إسرائيل” بإقامة دولة فلسطينية.
- بعد ذلك، خفضت السلطة السعودية سقف مطالبها إلى تحصيل حقوق للفلسطينيين.
- ثم نسف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هذا المطلب بقوله، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية (يوم 20-9-2023) إن المطلوب هو “تحسين حياة الفلسطينيين”.
ما نشرته “رويترز” يكشف حقيقة ما يدور في المفاوضات بين السعودية و”إسرائيل”، بوساطة أمريكية، حيث لا دولة فلسطينية، ولا حقوق للفلسطينيين، ولا تحسين لحياتهم. على ذمّة وكالة “رويترز” التي لم ينفِ أحد ما نشرته، جلّ ما يريده الأمير محمد بن سلمان، هو الحصول على الحماية الأمريكية الواضحة.
“اتفاق دفاعي”
وفق الوكالة فإن حصول السعودية على اتفاق دفاعي ملزم مع الولايات المتحدة، سيدفعها نحو التطبيع “حتى لو لم تقدم إسرائيل تنازلات كبيرة للفلسطينيين من أجل إقامة دولة مستقلة لهم”، مضيفة أنّ “الاتفاق المنشود قد لا يرقى إلى مستوى الضمانات الدفاعية الصارمة على غرار حلف شمال الأطلسي”، والتي سعت إليها المملكة في البداية عندما نوقشت هذه القضية لأول مرة بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي جو بايدن في زيارته للمملكة صيف عام 2022.
كذلك، نقلت “رويترز” عن مصدر أمريكي قوله إن “الاتفاق قد يبدو مثل معاهدات أبرمتها الولايات المتحدة مع دول آسيوية، أو إذا لم يحظ هذا بموافقة الكونغرس، فإنه قد يكون مشابهًا لاتفاق أميركي مع البحرين التي تستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية. ولا يحتاج مثل هذا النوع من الاتفاقات إلى دعم من الكونغرس”. وشدد المصدر على أن واشنطن يمكنها أيضًا “تحسين أي اتفاق من خلال تصنيف السعودية حليفًا رئيسيًا من خارج حلف شمال الأطلسي، وهو الوضع الممنوح لإسرائيل بالفعل”.
على أنّ كل المصادر أكدت أن “السعودية لن تقبل بأقل من ضمانات ملزمة للولايات المتحدة بحمايتها إذا تعرضت لهجوم، مثل ضرب مواقعها النفطية بالصواريخ في 14 أيلول/سبتمبر 2019 مما هز الأسواق العالمية”.