بخطى حثيثة، يسير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نحو “إسرائيل”. هذه هي خلاصة المقابلة التي أجراها بن سلمان مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية.
لماذا يهمّنا هذا الخبر؟
المفاوضات السعودية – الإسرائيلية، بوساطة ورعاية أمريكيتين، تتجه نحو اتفاق – تحالف على غرار اتفاقيات ابراهام التي جمعت إلى “إسرائيل” كلًا من الإمارات والمغرب والبحرين، ثم السودان.
لكن في الحالة السعودية، الاتفاق الذي يتم العمل لإنجازه هو اتفاق أشمل، ويبدو محاولة لفرض تغيير على المشهد الاستراتيجي في العالم العربي، بصورة تشبه ما جرى في اتفاق كامب ديفيد بين كيان الاحتلال والرئيس المصري الأسبق أنور السادات في أيلول 1978.
المفاوضات الجارية بين السعودية و”إسرائيل” تشمل التبادل الدبلوماسي، والتحالف السياسي والطاقوي والاقتصادي، وصولًا إلى الحماية الأمريكية للسعودية.
يريد المتفاوضون أن تحظى هذه الصفقة بـ”غطاء فلسطيني”، فاستقدموا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لأداء دور “شاهد الزور”، في ظل قرار إسرائيلي استراتيجي بمنع قيام أي دولة فلسطينية مهما كان شكلها. يُستثنى من ذلك الشكلُ الحالي للسلطة الفلسطينية، بصفتها ذراعًا أمنية للاحتلال في الضفة الغربية.
مطلع شهر أيلول 2023، أقر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي “تساحي هنيغبي” تبنيه شخصيًا إدارة قناة تواصل مع السلطة الفلسطينية بوساطة أردنية عبر منتدى ثلاثي لإجراء الكيان مفاوضات مع السلطة الفلسطينية سعيًا للوصول إلى التطبيع الكامل مع السعودية.
الأمير على “فوكس”
رغم تصريح مسؤولين أمريكيين عن غياب “أي إنجاز ملموس على الأرض حتى الآن” في المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة نحو اتفاق للتطبيع بين الرياض وتل أبيب، ورغم تقارير عن توقف مباحثات التطبيع السعودية “الإسرائيلية” بسبب سياسات حكومة الاحتلال ضد الفلسطينيين، والتي نفتها وزارة الخارجية الأمريكية، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة حصرية لقناة فوكس نيوز يوم الأربعاء 20-9-2023 استمرار المباحثات بين الفريقين، مؤكدًا أن “تطبيع العلاقات مع إسرائيل يقترب كل يوم”.
وفي تفاصيل المقابلة، قال بن سلمان:
- “نقترب كل يوم أكثر فأكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل”
- “بالنسبة لنا، القضية الفلسطينية مهمة للغاية. علينا حلها”
- “نأمل أن تؤدي إلى نتيجة تجعل الحياة أسهل للفلسطينيين وتسمح لإسرائيل بأن تلعب دورًا في الشرق الأوسط”
- “إذا نجحت إدارة بايدن في إبرام صفقة تاريخية، ستبدأ علاقتنا بإسرائيل وستستمر بصرف النظر عمّن يرأس إسرائيل”.
ويوم الخميس 21-9-2023، توقع وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين، أن توقيع اتفاقية التطبيع سيتم في الربع الأول من عام 2024.
شروط سعودية عديدة لعقد الاتفاق، أبرزها:
- “إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق حل الدولتين”، وهو ما اعتبره مراقبون شرطًا شكليًا لإظهار “عدم نسيان الرياض للقضية الفلسطينية باعتبارها زعيمة العالم العربي والإسلامي”. في مقابلته، تراجع بن سلمان عن شرط إقامة الدولة الفلسطينية، إذ تحدّث بكلام عام عن “حل القضية الفلسطينية” وعن “جعل حياة الفلسطينيين أسهل”. هذا الكلام العام يُحوّل القضية الفلسطينية إلى “شأن مطلبي”، وينفي عنها صفتها السياسية وأساسها أن الشعب الفلسطيني تعرّض للتهجير والقتل بعد احتلال أرضه، وأن الحل يبدأ بتحرير الأرض وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على كامل التراب الفلسطيني.
- إقامة برنامج نووي سعودي مدني برعاية أمريكية. إلا أن بن سلمان قال في مقابلته: “حصول أي بلد على هذا السلاح أمر مقلق وخطير”، مشيرا إلى أنه في حال امتلكت إيران سلاحا نوويًا فإن السعودية ستضطر لتمتلك واحدا بالمقابل، لضمان أمنها وعدم الإخلال بميزان القوى في الشرق الأوسط. لكن ولي العهد السعودي لم يعلّق على واقع أن “إسرائيل” تمتلك أسلحة نووية.
- تأمين حماية دفاعية أمريكية للسعودية – تمامًا كما تفعل واشنطن مع دول حلف الناتو وكوريا الجنوبية.
بايدن – نتنياهو
تزامن حديث محمد بن سلمان مع مباحثات رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن في نيويورك التي تركّزت على التطبيع مع السعودية.
في الاجتماع، أكد نتنياهو:
- عدم تغيير تركيبة حكومته للتوصّل إلى اتفاق مع السعودية. هذه العبارة تعني أن نتنياهو لن يقدّم أي “تنازل” للسلطة الفلسطينية يؤثر على وحدة حكومته التي ترفض غالبية الأحزاب المشاركة فيها تقديم أي “تنازل” للسلطة.
- إجراء محادثات مع الأمريكيين حول البرنامج النووي السعودي لإيجاد صيغة تسوية تناسب الأطراف الثلاثة.
يتزامن كلام نتنياهو مع بروز معارضة أمريكية – من بعض أعضاء مجلس الشيوخ وخبراء نوويين – ومعارضة “إسرائيلية” للسماح للسعودية بتخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية. ويطلب المعترضون بالاكتفاء بالنموذج الإماراتي حيث يُستورد الوقود النووي لإنتاج الكهرباء من دون أن تكون دورة إنتاج هذا الوقود موجودة في الإمارات.
اجتماع أوروبي – عربي لـ”حل الدولتين”
تزعم السلطة في السعودية بأنها متمسكة بما يُسمى “حل الدولتين” بهدف “ضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة”.
فعقب عقد اجتماع عربي أوروبي لإحياء “عملية السلام” في الشرق الأوسط، في نيويورك يوم الاثنين (18-9-2023)، وبمشاركة 50 دولة منها مصر والأردن والسعودية وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن “الناس بدأت تفقد الأمل في حل الدولتين ونريد من خلال المجهودات إلى إعادته إلى الواجهة”.
علق السفير الفلسطيني أحمد الدق من الخارجية الفلسطينية أن “السعوديين يقولون في الغرف المغلقة إنهم لن يتنازلوا عن أي اتفاق يقوم على إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة”.