هل هناك أثقل من هذه الحرب.. أثقل مِن الدم وأطلال المدن وفجائع القصف الذي لا ينتهي؟ شيء واحد ربما؛ أن يرافق هذه الأهوال بحر من الإسفاف، وأن يزدحم المنبر بأصغر الرجال. كلام كثير تضطر لسماعه، لا لأنك تريد سماعه ولكن لأن مكبّرات الصوت حُشدت أمامه، ولأن غثاءه المأجور يؤدي دورًا سياسيًا مطلوبًا. كلام منبَتّ عن مكانه وخارجٌ عن تاريخه ولا يربطه مع الواقع إلا صدفة التزامن. وتعود حينها فتتذكر أقبح ما في هذه الحرب: الاغتراب الذي تعيشه المقاومة -في كل جبهاتها- عن بقية هذه الأمة؛ البقية التي ضيّعت نفسها في أقدس لحظة ممكنة وظهرت غريبةً، لا في الوجه واليد واللسان،…
الكاتب: عوني بلال
أسباب عديدة تدعو للاشتباه بفكرة التخصص. لا أقصد التخصص المهني وحسب بل التخصص المفاهيمي قبل ذلك: صناعة الأصناف، وأصناف الأصناف، وتمزيق المفهوم العام لجمهرة مفاهيم صغرى كل واحد منها “حقل دراسي” له حدوده وبواباته الأمنية، يحرسها أكاديمي متجهّم أو خبير متوتر لا يحب الغرباء ويعتقد أن الحقل مُلكٌ له ولجماعته. في عُرف حرس الحدود هؤلاء، أي حركة حرّة بين هذه المجالات تُعدّ خفّة علمية وعطبًا بموضوعية الدارس. وفي كثير من جوانبه، هذا وباء معاصر، والشواهد كثيرة على أن الحداثة (بمذهبها الغربي الطاغي) لها ثأر شخصي مع الفكرة الكبيرة. لن يقولها الحداثيون علنًا بالتأكيد. ولا هُم سيقولونها سرًا. لكنهم يمارسونها على…
تمرّدًا على الألم – كلام في الوجدانأين يلجأ المرء أمام صدمة كبرى كتلك التي تَنفّسَ عنها يومُ السبت، السابع من أكتوبر. السبت الذي يجدر أن يؤرَّخ بمواضع البروج والأفلاك، لا بالأعداد والتاريخ المرقّم. غالبًا أجد نفسي في أحوال كهذه مرتدًّا صوب المعاجم. صوب كهف اللغة وفهرس الأصوات ورزمة الورق التي دوّن فيها أسلافنا قصة الكلام.. حرفًا بحرف، وكلمةً بكلمة. ليس لي دافع علمي بهذا. دوافعي لا تمت للعقلانية بِصِلة، وهي تنبع من توق غريزي صوب مَأمن الإنسان في لحظة كبرى. صوب مكانٍ يألفه ويُجلّه بذات الوقت.. يأنسه ويقدّسه، ويثير روعَه ويُسكِنه ويفعل بك الشيء ونقيضه بنفس اللحظة.أقرأ باب “الطوفان” في…