في صميم الأهداف الصهيونية ضرب علاقتنا بيوم السابع من أكتوبر، أن تقتل كونه منجزًا، أن تحوّل الصورة والسردية، بالإجرام والإبادة الجماعية والتدمير الهمجي، وعبر جحافل من ذيول الغزاة من عرب الملوك وإعلامهم وذبابهم. إلا أن جميعهم استهانوا، بل لم يعرفوا، حقيقة أثر ذلك اليوم علينا، فلسنا ذات الكائنات، فلم يكونوا يتنفسون عبق الكرامة الذي ملأ المشرق، بل العالم كله. ولو علموا بحجم الكرامة التي تنفّسناها ذلك اليوم، لربما علموا أن مهما سيفعلون فلا معادل لذلك النفس، لذلك الشعور ونحن نحاول استيعاب ما تراه عيوننا ذلك الصباح.
حقيقة، ورغم كل الذي جرى ويجري من أهوال، لا يزال وقع إعادة مشاهد ذلك اليوم علينا هو نفسه، ذات تسارع النبضات، ذات الأدرينالين، حتى مع مرور عام. خسئت وفشلت “إسرائيل” أن تهز هذا الشعور فينا، منذ أيام فقط، والأصوات تصدح من غزة نفسها، أم شهيد في مركز إيواء تخاطب نتنياهو: “سبعة أكتوبر بكون كل سنة”. شاب ومن خلفه شهب صواريخ الجمهورية الإسلامية في إيران يصيح: “كل يوم سبعة أكتوبر وهينا قاعدين”.
ركام الضاحية الجنوبية، وبعد أكبر اغتيال ليس في تاريخ الصراع بل في تاريخ العرب، واستشهاد السيد الشهيد نصرالله، ولمن يعرف جمهور المقاومة في لبنان يعلم أن هذه أقصى أقصى تضحية، أقصى عطاء، ومن فوق الركامك “لن نترك فلسطين”. وفي ميدان السبعين في صنعاء يصيح الملايين بهذا اليوم، ينشدون “زوامل” التغني بهذا اليوم، بـ”صباح السبت”. ومن عمق منبر الجمعة في جبال طهران، يقول أعلى هرم الثورة السيد خامنئي أن “العملية التي نفذت العام الماضي في مثل هذه الأيام تقريبًا كانت حركة صحيحة، منطقيّة، قانونيّة”.
عام كامل على السابع من أكتوبر ولم يهتز السابع من أكتوبر الذي في كل منا، بل الذي حصل هو قلب للصورة التي استهدفها العدو، فلم يزدنا الإجرام الغربي في عصر الإبادة سوى يقين، أن ذلك اليوم كان أكثر أيام الإنسانية عدالة وإنصافًا وحرية، وأنه القادم من الأيام والأعوام هي أكتوبر يتكرر طوال الزمان حتى إزالة “إسرائيل” من الوجود.