بعد ساعات من عملية “طوفان الأقصى”، في السابع من أكتوبر الجاري، تحرّك العالم مطالباً حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بإطلاق سراح الأسرى الذين اعتقلتهم الحركة من الثكنات والمستوطنات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة.
لم يتطلب الأمر سوى ساعات حتى تحرّكت دول عربية قبل الغربية مطالبة بإطلاق سراح “الرهائن”. هم أنفسهم الذين تحركت إنسانيتهم لم يحرّكوا ساكناً عندما كانت المقاومة تنادي في السنوات الماضية مطالبة بإطلاق سراح آلاف المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتلك الأنظمة العربية والغربية نفسها، لم تحرك ساكناً، عند استشهاد أسرى فلسطينيين في المعتقلات.
وهم انفسهم لم ينبسوا ببنت شفة او يتعاطفوا ولو وهمياً، عندما استشهد تحت التعذيب منذ يومين الاسيرين عرفات حمدان (25 عامًا) من بلدة بيت سيرا غرب رام الله، والمعتقل الإداري عمر دراغمة (58عامًا) من طوباس. هذا العالم الذي لا يتحرك ولا يفهم سوى لغة القوة، جاء عند “حماس”، عندما أصبحت تملك أوراقًا تفاوض عليها للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
شروط التفاوض
مفاوضات الإفراج عن الأسرى تركّزت عبر الوسيط القطري.
في البداية، طالب الوسيط ببادرة حُسن نية، فأفرجت المقاومة عن أسيرين أجنبيين، وأسيرتين إسرائيليتين. ورفضت المقاومة تقديم المزيد من دون الإفراج عن أسرى فلسطينيين من معتقلات الاحتلال.
وعندما عرض الوسيط القطري فكرة الإفراج عن جميع الاجانب والإسرائيليين الذين يحملون جنسيات أخرى، ردّت المقاومة بطلب إطلاق سراح جميع النساء والأطفال وكبار السن المعتقلين في سجون الاحتلال، وبإقرار هدنة إنسانية لمدة 5 أيام يُمنع فيها القيام بأي عمل عسكري أو حتى استطلاعي طوال هذه المدة. كذلك طالبت بفتح معبر رفح لإدخال جميع المساعدات الإنسانية من دون قيد أو شرط في أيام الهدنة.
لم يوافق الاحتلال على مطلب إطلاق كبار السن الأسرى في المعتقلات الإسرائيلية، فعادت المقاومة لخفض عدد الأسرى الذين تنوي الإفراج عنهم، ليقتصر على النساء والأطفال من مزدوجي الجنسية، إضافة إلى “الضيوف غير الإسرائيليين”.
وكان من المنتظر أن تبدأ الهدنة يوم الجمعة، لكن صفقة التبادل عادت لتتعقّد، لأسباب منها من سيوقّع على اتفاقية التبادل.
قد صعّد العدو فجر أمس (28-10-2023) من عملياته الحربية، منتقلاً من القصف الجوي إلى “توسيع العملية البرية”، كما قال الناطق باسم الجيش دانيال هجاري. هذه الخطوة، قد تكون رداً على فشل المفاوضات، أو محاولة للضغط على المقاومة، والتفاوض معها تحت النار. واعتبر امس الناطق باسم الجيش الصهيوني أثناء مؤتمره الصحافي الذي أعلن فيه توسيع العملية العسكرية، ان كل ما نشر عن وقف إطلاق نار هو مجرد اشاعات وذلك رداً على التسريبات التي نشرتها قناة “الجزيرة” القطرية، عن قرب إتمام صفقة تبادل جزئية.
وتشير المعلومات الخاصة بعملية التفاوض إلى أن الوسيط القطري لا يزال يسعى إلى إنجاز صفقة التبادل، وأن إتمامها ممكن قريبًا.
الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ بداية عملية “طوفان الأقصى” في السابع من الشهر الجاري، نفذ حملة اعتقالات كبيرة في الضفة الغربية المحتلة اسفرت عن اعتقال ما يقارب 1380 شخصًا، في محاولة منه لمنع انتفاضة في الضفة، كما للمساومة عليهم في أي صفقة تبادل مقبلة.