منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023، تخلّت الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة (الحدود الفلسطينية – اللبنانية تحديدًا) عن الهدوء الذي يحكمها نتيجة توازن الردع القائم بين جيش الاحتلال والمقاومة اللبنانية الممثلة بـ”حزب الله”.
العمليات التي ينفّذها حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية عبر الحدود تزداد حدّة يومًا بعد آخر، في مسار يبدو تصاعديًا بالتناغم مع الحرب على قطاع غزة، ويهدف بوضوح إلى إشغال جزء كبير من جيش الاحتلال بعيدًا عن قطاع غزة، كما إلى توجيه رسالة عملية تفيد بأن الجبهة الشمالية ربما تزداد سخونة متى قررت قوى المقاومة ذلك.
منذ اليوم الأول لـ”طوفان الأقصى”، وجّهت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من تحذير إلى “حزب الله”، لمنعه من دخول الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية في غزة، في مواجهة جيش الاحتلال.
التحذيرات الأمريكية لم تنحصر في الجانب الكلامي، بل تعدّته إلى إرسال حاملة طائرات أمريكية إلى شرقي البحر الأبيض المتوسط، “لدعم إسرائيل وردع أعدائها”، على حد قول مسؤولين أمريكيين ذكروا “حزب الله” تحديدًا كهدف للردع. تلت حاملة الطائرات بارجتان بريطانيتان، ثم فرقاطة إيطالية.
هذه الرسائل لم تردع “حزب الله” عن تنفيذ عمليات على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، ولا عن تقديمه المساعدة لفصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا المقاومة الإسلامية – حماس والجهاد الإسلامي، لتنفيذ عمليات ضد جيش الاحتلال عبر الحدود.
نتيجة لذلك، أعلنت الولايات المتحدة عزمها إرسال حاملة طائرات جديدة إلى المنطقة، إذ إنها قرأت سلوك المقاومة اللبنانية تهديدًا بدخول الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية في غزة.
الجبهة الشمالية تودّع الهدوء
شهدت الجبهة الشمالية مع فلسطين المحتلة، سلسلة عمليات امتدت على أيام طوفان الأقصى.
في اليوم الأول، الأحد (8-10-2023) استهدف “حزب الله” 3 مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا المحتلة، فقصف مواقع الرادار وزبدين ورويسات العلم بعدد كبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة.
9-10-2023: أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، مسؤوليتها عن عملية تسلّل مُسلحة إلى داخل الأراضي المُحتلة، كانت نتيجتها مقتل أربعة جنود من جيش الاحتلال، بينهم ضابط، في مقابل استشهاد اثنين من مقاومي السرايا.
بعد العملية، قصف جيش الاحتلال مواقع للمقاومة اللبنانية، ما أدى إلى استشهاد 3 مقاومين من “حزب الله”. ردّاً على الهجوم الاسرائيلي، أعلن “حزب الله” أنه هاجم ثكنتي برانيت وأفيفيم الإسرائيليتين وقيادة كتيبة تابعة للواء الغربي في الجيش الإسرائيلي ومركز قيادة فرقة الجليل الإسرائيلية بالصواريخ الموجهة وقذائف الهاون، فيما وُصف بأنّه “ردّ أولي”.
10-10-2023: أعلنت كتائب القسّام أنّها نفّذت قصفاً صاروخياً من جنوب لبنان على الجليل الغربي. من جهته، استهدف “حزب الله” مدرّعة إسرائيلية في شمال الأراضي المُحتلة بصاروخين موجهين.
11-10-2023: “حزب الله” استهدف موقع الجرداح الإسرائيلي مقابل منطقة الضهيرة بالصواريخ المُوجّهة، رداً على استشهاد عناصره. ردّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف مواقع في لبنان، معترفًا بمقتل أحد جنوده.
13-10-2023: دخلت مجموعة من حركة المقاومة الإسلامية حماس الأراضي الفلسطينية المحتلة انطلاقًا من لبنان. وبعد اشتباكها مع جنود الاحتلال، استشهد ثلاثة مقاومين من أفراد المجموعة.
بعد العملية، قصف جيش الاحتلال منطقة قريبة من الحدود، يستخدمها مندوبو وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والأجنبية لتغطية الاحداث الحدودية. أدى هذا القصف إلى استشهاد مصوّر لبناني يعمل في وكالة “رويترز”، وإلى جرح خمسة صحافيين. القصف الإسرائيلي كان متعمّدًا ومباشرًا للموقع المدني الذي يستخدمه الصحافيون.
ليل 13-14 أكتوبر 2023: طائرات مسيّرة تدخل الأجواء الفلسطينية انطلاقًا من الأراضي اللبنانية، ما أدى إلى تفعيل الدفاعات الجوية لجيش الاحتلال أكثر من مرة، وانفجار عدد من الصواريخ في سماء المنطقة الممتدة من إصبع الجليل إلى مدينة حيفا.
14-10-2023: “حزب الله” يرد على القصف الإسرائيلي لمواقع تابعة له، ويهاجم بالصواريخ مواقع جيش الاحتلال في مزارع شبعا، ما أدى إلى تدمير أجهزة الرصد والمراقبة الموجودة في هذه المواقع المشرفة على غالبية مناطق جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة.
جيش الاحتلال قصف منازل مدنية في بلدة شبعا اللبنانية، ما أدى إلى استشهاد مدنيَّين.
كذلك استشهد مُقاوِم ينتمي إلى “حزب الله” جراء القصف الإسرائيلي على مواقع الحزب.
القصف الذي نفّذه الحزب بالصواريخ على مواقع الاحتلال يوم 14 تشرين الأول / أكتوبر كان الأعنف منذ “طوفان الأقصى”.
15-10-2023: “حزب الله” يستهدف بالقصف الصاروخي مستوطنة ومواقع لجيش الاحتلال بينها تجمّع للدبابات. وفي جزء من الحدود، تعمّد مقاتلو “حزب الله” إطلاق النار على كاميرات المراقبة التي يوجهها الاحتلال نحو الأراضي اللبنانية ما أدى إلى تدميرها.
بصواريخ موجهة، استهدف “حزب الله” مواقع للمدرعات الإسرائيلية، مدمّرًا اكثر من دبابة.
جيش الاحتلال اعترف بمقتل جندي.
في الأيام السابقة، تم تفعيل الدفاع الجوي الإسرائيلي أكثر من مرة في شمال فلسطين المحتلة، من دون إطلاق صواريخ أو مسيّرات. ويحقق جيش الاحتلال في إمكان تعرّض منظومة الرصد التابعة له لاختراق إلكتروني تسبب بإطلاق الإنذار في غالبية مناطق الشمال الفلسطيني، إضافة إلى تفعيل القبة الحديدية ومنظومات الباتريوت.
من الأراضي السورية، تم إطلاق أكثر من صاروخ باتجاه الأراضي المحتلة.
في إحدى العمليات، تم إطلاق صاروخ من الأراضي السورية وآخر من الأراضي اللبنانية، نحو هدف قررت قوات الاحتلال منع نشر معلومات عنه. سلاح الجو الإسرائيلي شن عدوانًا على مطار حلب مرتين، ما اعتُبِر ردًا على إطلاق الصواريخ من جنوب سوريا نحو الجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة.