تسعى الولايات المتحدة الأمريكية للتوصّل إلى هدنة بين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال في شهر رمضان، الذي يبدأ بعد أيام (11-3-2024)، وهي تضغط حاليًا على مصر وقطر من أجل إنجاح التسوية والتوصّل إلى الهدنة.
الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مُصّر على إعلان الهدنة في شهر رمضان، بهدف تحسين صورته لدى الناخبين الأمريكيين قبيل الانتخابات الرئاسية التمهيدية، ولتخفيف الضغوط التي يتعرّض لها نتيجة الأوضاع الإنسانية والاجتماعية الصعبة (كالمجاعة) التي يُعاني منها سكّان قطاع غزة. لذلك، يضغط بايدن على فريق التفاوض لإتمام الصفقة في غضون أيام.
إلا أنّ ما يتمنّاه بايدن يُخالفه ما يجري في قاعات التفاوض. فما يدور في مصر من نقاشات بين مختلف القوى المعنية، أكّد للدول والجهات المفاوضة أنّ «تل أبيب» غير معنية بأي هدنة. والعراقيل التي وضعها رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، لجهة المطالبة بلائحة أسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء لدى حماس، رفضها حتى المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر على اعتبار أنّها “خطوة غير ضرورية تجعل من الصعب الدفع بالمفاوضات إلى الأمام”، وذلك بحسب ما نقلته قناة «كان» العبرية (3-3-2024).
ماذا لو أفشل العدّو جهود التوصّل إلى هدنة؟ في هذه الحال، علم موقع «الكرمل» أنّ واشنطن ستطلب من «إسرائيل» إعلان هدنة من جانب واحد في شهر رمضان (لمدة 30 يومًا)، تشمل وقف العملية العسكرية في قطاع غزة، مع استمرار قوات العدّو في استهداف المقاومين في حال رصدهم، على أن يبقى الوضع القائم على ما هو عليه لجهة عدم إدخال المساعدات أو السماح بعودة سكان شمال قطاع غزة إلى منازلهم.
وبحسب معلومات «الكرمل»، فإنّ كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة العالمي، عاموس هوكشتاين، سيُبلغ المسؤولين اللبنانيين بهذا الطرح «على أمل» أن يسري مفعوله في جنوب لبنان أيضًا. وبذلك، تعتقد واشنطن أن «إسرائيل» ستحظى بهدوء يدوم لثلاثين يومًا على الجبهتين اللبنانية والغزية.
لكن حتى اليوم، لم تكن واشنطن قد حصلت على موافقة نتنياهو بشأن هذا المقترح، علمًا بأن جيش الاحتلال وسائر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يخشون اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين في شهر رمضان في حال استمرار الحرب على قطاع غزة.
تمنّيات القيادة الأمريكية في وادٍ، والوقائع العملية في واد آخر. فبحسب ما قاله قيادي في المقاومة الفلسطينية لــ«الكرمل»، فإنّ «الطروحات التي قدّمها المفاوضون في مصر وفرنسا بعيدة عن مطالب المقاومة. والقناعة التي توصّلنا إليها أن أمريكا وإسرائيل تريدان إنهاء ملفّ الأسرى لاستكمال الحرب علينا». وبشأن الهدنة المتوقعّة، قال القيادي في المقاومة الفلسطينية إنّ «الإدارة الأمريكية تسعى إليها في شهر رمضان حرصًا على أمن إسرائيل وخوفًا من الاحتجاجات في الضفة». وأضاف أنّ مطالب المقاومة واضحة وهي «وقف إطلاق نار شامل، انسحاب كامل لقوات الاحتلال لما قبل حدود السابع من أكتوبر، ومعالجة أوضاع النازحين». ما عرض حتى الآن على المقاومة، لا يُلبّي متطلبات الشعب الفلسطيني الذي قدّم تضحيات كبيرة ولا يزال صامدًا ويرفض تقديم تنازلات للعدو، لذلك لن توافق المقاومة، بحسب القيادي فيها، على هدنة خلال شهر رمضان “ولن نتنازل لتخليص العدو وواشنطن من مأزقهما”.
أما عن الطرح الأمريكي إعلان إسرائيل هدنة من طرف واحد، فقال القيادي في المقاومة الفلسطينية لـ«الكرمل» إنّه «سنتعامل مع التطورات بحسب الظرف، وكل هذه الطروحات هي محاولة أمريكية للضغط على المقاومة، التي لا تعتبر نفسها معنية بها”.
وكشفت القيادي أنّ المقاومة الفلسطينية هدّدت مؤخرًا بوقف المفاوضات في القاهرة، بسبب المجاعة التي يُعاني منها سكّان شمال قطاع غزة، «فما كان من واشنطن إلا تنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات شمال القطاع لتخفيف الحرج عن إسرائيل ولتأمين هدنة في رمضان خوفًا من اشتعال الضفة”.