في 15 فبراير، نقلت مصلحة السجون لدى الاحتلال الإسرائيلي، القيادي الفتحاوي الأسير، مروان البرغوثي، من سجن عوفر إلى العزل الانفرادي في سجن آخر لم يُحدّد مكانه. حينذاك قالت «القناة 13» العبرية إن «نقل البرغوثي جاء خوفًا من التصعيد، بعدما تلقّت مصلحة السجون معلومات تفيد بأنّه يعمل على التحريض وإشعال انتفاضة ثالثة في الضفة».
مصدر المعلومة، بحسب ما كشفه الباحث في مركز القدس للعلاقات العامة، يوني بن مناحيم (25-2-2024) هما أمين السرّ لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، ومدير المخابرات العامة التابعة للسلطة الفلسطينية، ماجد فرج، اللذان نقلا معلومات عن نشاطات البرغوثي وتحضيره لـ«إثارة انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية في رمضان المقبل».
عميدا التنسيق الأمني مع الاحتلال حرصا على إبلاغ السلطات الإسرائيلية عن مخططات البرغوثي، بهدف:
- أولًا، إبعاده عن المشهد الفلسطيني، وإقناع العدو الإسرائيلي بأنّ إخراجه من الأسر في أي صفقة مقبلة مع حركة المقاومة الإسلامية – حماس، يعني وضعًا أمنيًا سيّئًا سيؤثّر على المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
- ثانيًا، ضمان مستقبلهما كمرشحين محتملين لرئاسة السلطة بعد رحيل محمود عباس.
سيناريو عباس وعصابته يتكرّر
في السنوات الماضية، عمل حسين الشيخ وماجد فرج مع عباس على محاربة البرغوثي، خارج الأسر وداخله. ففي العام 2011، وأثناء التفاوض على صفقة تبادل بين العدو الإسرائيلي وحماس، ضغطت السلطات الفلسطينية على قيادة «تل أبيب» لمنع إخراج البرغوثي، وهو ما نجحت في تحقيقه بعدما استطاعت إقناع «إسرائيل» والولايات المتحدة بأنّ إطلاق سراح مروان البرغوثي سيُعرّض التعاون الأمني مع كيان العدّو للخطر، ويقوّض اتفاقيات «أوسلو». تسعى السلطة الفلسطينية إلى تكرار السيناريو نفسه اليوم. فقد كشف بن مناحيم، أنّ «رجال عباس» تواصلوا مع قيادات إسرائيلية وعبروا عن وجود مخاوف داخل السلطة الفلسطينية من أنّ إطلاق سراح البرغوثي والمئات من نشطاء الجناح العسكري لحماس، كجزء من صفقة متوقعة، قد يؤدّي إلى زعزعة استقرار السلطة التي «تُعارض إطلاق سراح مروان البرغوثي من السجن بسبب تحديه لسلطة محمود عباس». وأضافت مصادر أمنية إسرائيلية أنّ «البرغوثي يعمل من خلال قنوات مختلفة لإثارة الاضطرابات في يهودا والسامرة (التسمية اليهودية للضفة الغربية المحتلة) قبل شهر رمضان، بهدف إطلاق انتفاضة ثالثة».
الخوف من البرغوثي
ولطالما اعتُبر البرغوثي بمثابة تهديدًا لمحمود عباس وسلطته. فهو يتمتع بتأييد كبير في الشارع الفلسطيني وداخل حركة فتح، خاصة نتيجة دوره في الانتفاضة الثانية، وهو ما سعى عباس إلى محاربته. فأثناء تنفيذ البرغوثي إضرابًا مفتوحًا عن الطعام في العام 2017، شارك فيه العشرات من أبناء فتح، قرّر «أبو مازن» إفشال الاضراب لمنع زيادة تأثير البرغوثي في الضفة، فعزله من منصبه كممثّل لأسرى الحركة في المعتقلات وعيّن مكانه الأسير السابق كريم يونس. أما الصدام الأبرز بين الرجلين فسُجّل في العام 2021 عندما ترشّح البرغوثي لرئاسة السلطة الفلسطينية. وخوفًا من شعبيّته، أرسل عباس، حسين الشيخ إلى سجن «هداريم» للقاء البرغوثي وتقديم عرض من «أبو مازن»، ينص على عدم ترشحه للرئاسة مقابل الحصول على المكان الأول في قائمة فتح للانتخابات البرلمانية، وحجز 10 أماكن في القائمة وفقَا لاختياراته ومنح عائلته مساعدات مالية. رفض البرغوثي العرض، ممّا دفع عباس إلى إلغاء الانتخابات، مُتحجّجًا بمنع «إسرائيل» إجراء الانتخابات في القدس.
حاليًا، تسعى السلطة إلى عرقلة خروج البرغوثي من الأسر، خاصة بعد تسرّب معلومات عن موافقة سلطات الاحتلال على إطلاق سراح الأسرى أصحاب المحكوميات العالية، وإصرار حماس على أن تتضمّن أي عملية تبادل إطلاق سراح مروان البرغوثي والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات، والقيادي في حماس عبدالله البرغوثي.
تتخوّف السلطة الفلسطينية من إطلاق سراح البرغوثي لمعرفتها بقدراته إنهاء الخلاف بين حركتَي فتح وحماس، وذلك بسبب طبيعة العلاقة التي تجمعه مع قيادات حماس الذين شاركوه الأسر، وتوجهّه لتطبيق النقاط العشر التي شارك في وضعها في العام 2016 لإنهاء الانقسام بين الحركتين.