الكيان الإسرائيلي مجدّدًا في «قفص الإتهام» الدولي. «الضربة المعنوية»، التي تستفز حكّام الاحتلال، أتت، بعد جنوب أفريقيا، من أمريكا اللاتينية.
مرة جديدة، تُثبت دول اليسار، أو ما يسمّى أمريكيًا بدول «ترويكا الشّر» في أمريكا اللاتينية، أنّ القضية الفلسطينية هي إحدى القضايا الرئيسية في وجدانها السياسي. الدول الأربعة، نيكاراغوا وفنزويلا وكوبا (ومعها بوليفيا)، رفضت التطبيع مع العدو الإسرائيلي، ولطالما دعمت قضية فلسطين في المحافل الدولية ورفعت الصوت عاليًا ضدّ وحشية الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الفلسطينيين.
الجديد أن نيكاراغوا برئاسة دانييل أورتيغا – التي تبعد عن فلسطين أكثر من 11،909 كيلومتر عن غزة – تحرّكت لدعم فلسطين، إذ قدّمت طلبًا إلى محكمة العدل الدولية للسماح لها بالتدخّل في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد «إسرائيل» بتهمة «الإبادة الجماعية» في قطاع غزة. وأكّدت نياكراغوا أنّها ستتّخذ خطواتٍ إضافية لتقديم ألمانيا وكندا وهولندا والمملكة المتحدة إلى المحكمة الدولية، على خلفية دعم تلك الدول جرائم الحرب التي ترتكبها «إسرائيل» في غزة، من خلال تزويد جيش الاحتلال بإمدادات عسكرية.
وحمّلت السلطة التنفيذية في نيكاراغوا هذه الدول المسؤولية – «وفقًا للقانون الدولي» – عن «الانتهاكات الصارخة والمنهجية لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والقانون الإنساني الدولي والقانون العرفي، بما في ذلك قانون الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، وخاصة قطاع غزة.
لماذا يهمنا هذا الخبر؟
لأنّ نيكاراغوا، الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى والتي تبعد ألاف الأميال عن فلسطين، رأت أنه من واجبها اتخاذ خطوات فعّالة لوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر2023، وأثبتت مجددًا التزامها بالقضية الفلسطينية على عكس الدول العربية القريبة من فلسطين والتي تتحمّل مسؤولية مباشرة عما يحدث فيها. ففي حين رفعت نيكاراغوا الصوت عاليًا نصرةً لفلسطين، فإنّ الدول العربية والخليجية تمسّكت بالتطبيع الدبلوماسي مع «إسرائيل»، بل وسهّلت ووفرت لها ممرًا بريًا لإيصال البضائع لها بعد أن تم محاصرتها من قبل اليمن في البحر الأحمر، وزادت من تعاملها التجاري معها، وتآمرت مع العدّو لإبادة شعب غزة وتنفيذ الأعمال ضدّ الضفة الغربية. نيكاراغوا قرّرت، بعد جنوب أفريقيا، محاربة دولة الاحتلال بسلاح الاستعمار نفسه، أي المؤسسات الدولية.
طلب وقف تسليح “إسرائيل”
نيكاراغوا ذكَرت في بيانٍ رسميّ تم إرساله إلى زعماء الدول المُتهمة، بأنّ الإجراءات التي اتخذتها «إسرائيل» ضد فلسطين دفعت محكمة العدل الدولية إلى الاستنتاج في 26 يناير 2023، في أعقاب الشكوى التي قدمتها جنوب أفريقيا، بأنّ «بعض الحقوق المُطالب بها على الأقل مكفولة».
وعليه، طالبت حكومة أورتيغا بأن تكون جزءًا من الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد حكومة الاحتلال لاتهامها بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد السكان الفلسطينيين في غزة. كما طالبت نيكاراغوا من المحكمة اتّخاذ تدابير مؤقتة لوقف الإمداد الدولي بالأسلحة إلى «إسرائيل»، كحثّ حكومات المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا وكندا على «الوقف الفوري» لشحن الأسلحة والذخائر والتكنولوجيا والمكونات إلى كيان العدّو، حيث إنّ هذه المواد قد تُستخدم لارتكاب انتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية.
وشدّدت نيكاراغوا في بيانها على أنّ قرار التدخل كدولة طرف في الموضوع «يعكس التزام حكومة نيكاراغوا وشعبها بتحرير الشعب الفلسطيني والإنسانية بشكلٍ عام من ويلات الإبادة الجماعية… من أعمال الإبادة الجماعية التي يتم تنفيذها في قطاع غزة».
يُذكر أنّه في حال تمت الموافقة على هذا التدخّل، فإنّ نيكاراغوا ستُشارك كدولة طرف في العملية، «مع كل الآثار القانونية الناجمة عن حكم المحكمة».