إنّ لعملية البحث في مضمون المناهج العربية ومسار التغييرات فيها، وعلى وجه الخصوص “صهينتها”، أبعاد متداخلة، ذات أثر وحجم مختلفين. تنطلق عملية البحث هذه، من أساس غياب الذاتية والاستقلالية العربيتين في صياغة الثقافة ومضمون المناهج الدراسية التي تلقن للأجيال، حيث أن أحد الأبعاد المركزية للبحث هي العلاقات الدولية، والصراع والتجاذب مع الهيمنة الثقافية الغربية. إنّ المحرك الرئيسي للتحولات في المنهاج العربي على طول الخط الزمني، كانت ولا تزال العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تخصص بدورها مؤسسات حكومية وغير حكومية معنية بمراقبة ومحاكمة التعليم في دول العالم الثالث.
إلا أنه وفي حالة الوطن العربي، فقد أضاف المشروع الصهيوني على أرض فلسطين بعدًا آخر على علاقة عولمة الهيمنة الثقافية، في ثلاث نواحٍ مختلفة ومتضافرة: أولاها تصدّر أولوية عملية فرض تطبيع وجود الكيان الإسرائيلي على الأهداف الثقافية الأخرى. ثانيًا، استغلال التغطية الدينية للمشروع الصهيوني كنوع من العلاقة الإسلامية-اليهودية المضطربة تاريخياً والتي تمتد لصراع اليوم على أرض فلسطين. تؤول السردية الدينية المتبناة تاريخياً من قبل المملكة العربية السعودية، وخطاب العنصرية ومعاداة اليهود (ما يطلق عليه بمعاداة السامية)، إلى تغطية تمرير الصهيونية، كنوع من التنوير والتسامح الديني والمشترك “الإبراهيمي”. ثالثًا، تفكيك الهوية العربية السياسية الموحدة ومركزية القضية الفلسطينية فيها. بتعبير آخر، الحت والتعرية في كون الصراع عربي-صهيوني وتحجيمه لصراع “فلسطيني-إسرائيلي”، ولكل دولة عربية هوية وسردية وطنية خاصة ودور وموقف منعزل كطرف ثالث من الصراع، حيث تعد عملية اختلاق واصطناع الهويات الوطنية وما دون الوطنية من هويات طائفية ودينية أحد أبرز أدوات تمرير الهيمنة الثقافية للإمبريالية الأمريكية في السياق العربي تحديدًا.
يجادل هذا البحث أن التحولات في المنهاجين السعودي والقطري يعكسان ديناميكيات وتجاذبات العلاقة السياسية والاقتصادية والثقافية بالولايات المتحدة، ضمن معادلة الصهينة وتمرير التطبيع في مقابل مكاسب متنوعة تجنيها الطبقتان الحاكمتان في الدوحة والرياض. إضافة إلى ذلك، أن المضمون الثقافي لهذه التحولات لا يمثل تبدلًا من معاد للصهيونية إلى محاب لها، بقدر ما أن الخطاب العنصري المعادي لليهود والسردية الدينية للصراع بدورها تندرج ضمن عملية الصهينة، وأن ما يحدث اليوم من “إصلاحات” وتغيرات في المناهج التعليمية، ما هو إلا تمرير لشرعنة المشروع الاستعماري “إسرائيل” عبر ارتقاء وغلبة خطاب صهيوني على آخر. من المهم الإشارة إلى أن الاحتفاء الصهيوني بالتغيرات الأخيرة يكتسي الكثير من الرغبوية والحيلة السياسية لفرض تصور أمر واقع يدفع بالسعوديين تحديدًا إلى تسريع الجرأة بالاعتراف الفج والصريح بالكيان الإسرائيلي أسوة بالإماراتيين، بيد أن واقع الحال أن التغييرات تشكل سابقة وتمهيدًا خطيرًا يجب إبرازه والوقوف ضده.
الهيمنة الثقافية والمدرسة
دون إعادة وضع المسلّمات تحت المساءلة بل انطلاقًا منها، تمثّل “إسرائيل” كمشروع، أحد أذرع السياسات الإمبريالية لأمريكا في المنطقة العربية. وإن كانت الإمبريالية ككلمة وفكرة خلافية وحمالة أوجه وتكاد لا تكون قابلة للاستعمال بأي شكل كما يرى إدوارد سعيد، إلا أنه أيضًا رأى قصورًا في تسليط الضوء على دور الثقافة فيها [1]. وعليه، فقد عرفها في سياق الهيمنة الثقافية: بأنها الممارسة والنظرية التي يفرضها مركز مسيطر على بقعة جغرافية بعيدة. ووفقًا له، فإن هذا الدور أو العلاقة الثقافية المهيمنة التي تربط الغرب وفضائها الإمبريالي ما وراء البحار يشهد مراحل تكيّف متعددة، بما يمتد ليومنا الحاضر [2].
يواجه هذا الموضوع الثقافي جدلًا وتندرًا إلا أنه يصعب على أي تفنيده، فنحن نتحدث، خصوصًا من ناحية المناهج الدراسية للمؤسسات التعليمية في الدول، عن مؤسسات رسمية مقابلة في أمريكا والغرب عمومًا، تقوم بدور الرقيب الثقافي العالمي، وتصدر تقارير سنوية حول التغيير والتطور في المناهج الدراسية للعالم الثالث، ضمن مسطرة أخلاقية وسياسية، منها على سبيل المثال لجنة الولايات المتحدة حول الحريات الدينية في العالم USCIRF أو منظمة IMPACT-SE غير الحكومية والمرتبطة باللوبي الصهيوني. وعليه، يجب علينا نقل النقاش النظري عن الهيمنة الثقافية والذي يتدهور بسرعة إلى مغالطة الصراع الثقافوي، إلى الحيز المادي والبنيوي، وذلك عبر المعالجة المباشرة لهذه المؤسسات والسرديات التي تريد فرضها.
يولي سعيد في كتابه “الثقافة والإمبريالية” أهمية لصراع السرديات، مبينًا أنه لطالما حاولت الإمبراطوريات فرض سردية تاريخية مهيمنة تمنع وتقوّض أي سردية أخرى، مستعرضًا مثال البريطانيين في الهند، حيث عملوا على فرض تصور تاريخي قسري، يضفي طابعًا لاتاريخيًا للحكم البريطاني في شبه القارة الهندية، أي أنه لا قبل ولا بعد للوجود البريطاني في الهند، وأن حكم الملكة الإنجليزية جزء أصيل من القومية الهندية [3]. وبينما يعترف سعيد بعدم ذكر فلسطين كثيرًا في كتابه، إلا أنه نبّه إلى أن فلسطين تؤدي “دورًا تأسيسيًا هامًا في التفكير بين الثقافة والإمبريالية” [4]. يبنى على ذلك، التشابه في عمليات صناعة السرديات بين اليهودية الصهيونية في أرض فلسطين، ومحاولة فرض سرمديتها التاريخية -أي أن لا مبتدأ ولا منتهى لها- وتلك في المشاريع الاستعمارية الكبرى البريطانية والفرنسية ومن ثم الأمريكية، أو كما يشخصها سعيد؛ أن هذه السرديات المخترعة يوضحها أتم توضيح تاريخ الصهيونية.
الفارق هو الشكل التاريخي المختلف لأدوات فرض هذه السردية، حيث يوضح سعيد أيضًا اختلاف أشكال توظيف الثقافة إمبرياليًا بين إمبراطورية وأخرى خصوصًا ما بين فرنسا وبريطانيا، وهذا ما يمكننا تحريه في النموذج الإمبراطوري الأمريكي، وتحديدًا في سياق المشروع الصهيوني في الوطن العربي. ففي نهاية المطاف، إن فرض السردية القومية الصهيونية في الوعي العربي هو امتداد لأذرع الهيمنة الثقافية للإمبراطورية الأمريكية، ولا وجود لمشروع استعماري صهيوني مجرد ومستقل عن الولايات المتحدة.
يتخذ التكيّف التاريخي لدور الثقافة والتعليم في الإمبريالية الأمريكية في سياقنا العربي نمطًا مركبًا وهجينًا يتميز عن دونه. ويعود ذلك إلى عوامل عدة، أبرزها تحولات هذا التكيف على طول التاريخ الاستعماري الأمريكي، من خطف أطفال القبائل الهندية من السكان الأصليين وإدخالهم لمدارس داخلية إلى “التخلص من الهندي الذي داخلهم” تحت قانون Civilization Fund Act عام 1819، مرورًا بنماذج الاحتلال الأمريكي المباشر في بورتوريكو والفلبين بين نهاية وبداية القرنين التاسع عشر والعشرين، حيث أسس الأمريكيون عبر إرسال مئات المعلمين النظام والمنهاج الدراسي للفلبين، في أحد أكبر البرامج المدرسية الاستعمارية طموحًا. بل أن اللفظ المتداول “عبء الرجل الأبيض” ظهر لأول مرة عام 1899 في قصيدة شعرية بذات العنوان تتحدث عن المهمة الحضارية للوجود الأمريكي في الفلبين لتعليم “أنصاف الشياطين” من الأطفال كما تنص الأبيات. وصولًا إلى اليوم والمهمة الحضارية لتعليم البنات الأفغانيات والتي تستدعي شن حرب ثم فرض عقوبات على موارد البلد المنهك.
تحتل المدرسة كمؤسسة دورًا تاريخًا ومعاصرًا في آلية عمل الهيمنة الثقافية، ومن ناحية شخصية يعكس إدوارد سعيد في مذكراته (خارج المكان) أثر المدارس بين القدس ولبنان والقاهرة عليه، مشيرًا إلى أن تلقينه في مدرسة الجزيرة للسردية القومية البريطانية وتاريخها كانت أول تجربة مباشرة له مع المأسسة المنظمة للجهاز الاستعماري البريطاني [5]. لم ينقطع هذا المسار حتى مع استقلال الدول العربية حيث تستمر عملية الشد والجذب الثقافي حول محتوى التعليم في الدول العربية الناشئة، وما نواجهه اليوم، ويجب علينا فهمه، هو آلية عمل الإمبراطورية الأمريكية على فرض السردية القومية الصهيونية بشكل ممأسس في التعليم العربي.
الإمبراطورية: مؤسسات متشعبة
يفرض الحجم الهائل للإمبراطورية الأمريكية واقع أن التعامل معها من كل الأطراف الخارجية، هو تعامل مع مؤسسات وبنى مختلفة. بل إنّ آلية عمل الإمبراطورية هي عملية التنسيق والتوفيق بين مصالح مؤسسات ومراكز قوة وصنع قرار مختلفة، وإن كانت جميعها ضمن التعريف الاقتصادي لللإمبريالية يجمعها قاسم مشترك أوحد وهو استدامة مراكمة رؤوس الأموال. إلا أنه ما يميز الإمبراطورية الأمريكية، تحديدًا ومع بداية صعود النيوليبرالية، تبنيها لأنماط وسبل جديدة لفرض الهيمنة. ففي السابق، وبشكل شبيه بالإمبراطوريات الأخرى (لربما باستثناء نموذج شركة الهند الشرقية)، مثّل الجسد الحكومي والمؤسسات الرسمية الذراع الأساسية لتمكين المصالح الاستعمارية، ومنها توظيف الثقافة وتشكيلها. بيد أنه وفي الحالة النيولبرالية تشعّبت المؤسسات الأمريكية، ولم تعد المؤسسات الفدرالية الأمريكية الأداة الوحيدة لتحقيق المصالح الأمريكية، فقد نشأت شبكة منظمات غير حكومية واسعة النطاق مرتبطة بنظيرتها الفيدرالية، سواء بالشخوص أم الموارد، تقوم بدور رديف في العالم الثالث، من الأدوار الاقتصادية والمنح والتنمية وصولاً إلى التعليم. فمن ناحية مبسطة، وفي حين كانت الحكومة الأمريكية الموفر شبه الحصري والوحيد للمنح التعليمية، فاليوم وإلى جانب الحكومة توفر مئات المؤسسات غير الحكومية الدور ذاته. وكذلك بالنسبة لجميع أشكال العلاقات الثقافية، وصولًا إلى علاقة الضبط والمراقبة الثقافية لدول العالم الثالث، ضمن مقياس السمو الثقافي للقيم الليبرالية العالمية.
إلا أن المسألة هنا، أنه، وفي الحالة العربية، يتشعّب الوضع بشكل أكثر تعقيدًا، فإلى جانب أن ما يقع على العالم الثالث يقع على الوطن العربي، يضيف وجود “إسرائيل” في الأرض العربية تشعباً آخر ومركز ضغط مختلف، وفي داخل الولايات المتحدة ذاتها، تمثّله شبكات أموال اللوبي الصهيوني بروابط المادية والأيديولوجية بشكل متداخل مع كل من المؤسسات الفدرالية والنيوليبرالية. وهو أمر يستدعي فهم مراكز القوة البنيوية للمشروع القومي الصهيوني نفسه.
يشرح الكاتب الصهيوني ديفيد بيلي في كتابه “القوة وانعدام القوة في التاريخ اليهودي”، طبيعة قوة السياسية الصهيونية اليهودية في الولايات المتحدة، مشيرًا إليها كأكبر قوة شتات في ما يرسمه كسردية للتاريخ اليهودي، مبيّنًا ما تنتجه هذه القوة من اعتماد متبادل بين “إسرائيل” واليهود الصهاينة في أمريكا، بل يصل الأمر ببيلي إلى اعتبار الوجود اليهودي في أمريكا التجسيد الحقيقي لـ”الأرض الموعودة” لليهود [6]. والنقطة المهمة في حديثه هي ملاحظته أنه في جميع التنظيرات الكلاسيكية للصهيونية، لم تتصوّر وجود مركزين للقوة اليهودية يغذّي أحدهما الآخر، أولهما في “الشتات” مندمج في “وطن آخر”، والثاني في “لوطن/ الدولة اليهودية”. وعليه، انعكس هذا التمازج بين مركزَي القوة حتى على العرب، الذين سلبت أرضهم وتقام عليها “الدولة اليهودية”، وترتبط بدولهم عبر إمبريالية الولايات المتحدة، المركز الآخر للقوة الصهيونية، وهي قوة بمركزَيها سخّرت نفسها لخدمة المصالح الأمريكية. ينعكس هذا الواقع على الرقابة على التعليم في الوطن العربي بين ذراعين، الأولى فيدرالية حكومية والأخرى نيوليبرالية صهيونية عبر جماعات الضغط. وعليه، فإنّ تنوع وتكرار تقارير الرقابة والدفع لصهينة المناهج الدراسية العربية ليست مصادفة بل انعكاسًا لمؤسسات مزدوجة ذات هدف إمبريالي واحد.
هذا الازدواج هو ما تتعامل معه دول الخليج والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد، وبشكل تبدّل وتطوّر تاريخيًا، حيث كان نمط العلاقة القديم عبر ضغط مختلف مؤسسات اللوبي الصهيوني على الأجهزة الحكومية الفيدرالية بشكل ينعكس على علاقتها مع السعودية وباقي دول الخليج، التي بدورها تحاول تقديم تنازلات للأمريكيين ومن خلفهم اللوبي الصهيوني لتحصيل امتيازات على صفقات الأسلحة أو مجمل العلاقة والمكانة والصورة السياسية كما حدث في ورشة العلاقات العامة وإعادة التأهيل الضخمة للسعودية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. كانت علاقات القوة والمصلحة ضمن هذا النمط قائمة على رابطة مثلث بضلعين، حيث يمارس السعوديون علاقتهم مع اللوبي الصهيوني بشكل غير مباشر وذلك عبر إدارة العلاقة مع الحكومة الأمريكية التي بدورها وضمن شروط موازين القوى في واشنطن تولي أهمية للأفراد والجماعات الصهيونية.
ينعكس غياب الذاتية والاستقلال الثقافي في صياغة المنهاج العربي، والقطري السعودي تحديدًا، على مضمون المناهج، ففي مسح تاريخي سريع للمناهج نلاحظ أن الناظم الرئيس للتحول في المناهج هو الوضع الدولي والعلاقة مع الولايات المتحدة على وجه الخصوص
لأسباب ذاتية تبدّل هذا النمط من العلاقة في الحالة القطرية والإماراتية بشكل مبكّر مقارنة بالسعودية، حيث وبتصريح مباشر لمسؤولين القطريين، لم تكن البرامج الاقتصادية الطموحة والانخراط التام لرؤوس الأموال القطرية والإماراتية في العولمة وتحويل دورهم مراكز رئيسية للمحافل الدولية لتحدث لولا ضرورة تغيير نمط العلاقة هذا بإضافة الضلع الناقص، وهو التواصل المباشر مع مراكز القوى الصهيونية وتقديم التنازلات لها، لتنقلب لتكون مراكز ضغط لأجل -لا ضد- مصالح الطبقة الحاكمة الخليجية إلى حد كبير. بينما تأخر السعوديون لاعتبارات متعددة تتعلق بتقديم أهمية الشرعية الدينية الوهابية على الانفتاح الاقتصادي الليبرالي في تقدير أجنحة مختلفة في داخل بيت الحكم السعودي. أمّا اليوم، يمثّل التحوّل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ومحاولة اللحاق بالنماذج الخليجية السابقة، والاضطراب في العلاقة مع الجناح الديمقراطي في مؤسسة الحكم الأمريكية، دافعًا نحو إضافة الضلع الثالث بشكل متسارع، أي القيام بورشة لتكثيف الروابط مع الصهاينة في كل من “إسرائيل” والولايات المتحدة، وتقديم التنازلات والتغييرات السياسية وتمرير الصهينة بوتيرة وحجم غير مسبوق. وهنا تشكل المناهج الدراسية أحد أهم الأوراق السياسية التي ينظر لها إمبريالية كأبرز أدوات الهيمنة الثقافية، والتي سارع السعوديون والقطريون وبمستوى مختلف الإماراتيون، في تقديمها، كقربان للصهاينة.
يشرح المدير التنفيذي لـ IMPACT-SE معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي ماركوس شيف، وهي منظمة صهيونية تعنى بمراقبة المناهج التعليمية في الوطن العربي بالدرجة الأولى، في مقابلة تلفزيونية، طبيعة التحول في نمط العلاقة السعودية-الصهيونية-الأمريكية، حيث يقول إن النمط السابق الذي كانت فيه وزارة الخارجية الأمريكية والكونجرس يتصدّرون عملية الضغط على السعوديين لم تؤد إلى النتائج المرجوة، أمّا ومنذ عام 2019 فقد حدثت ثورة تغيرات غير مسبوقة. يكمل شيف أن منظمته تمكّنت من التواصل المباشر مع السعوديين وعرض تقاريرهم عليهم. أمّا من ناحية دولة قطر، فتعكس عنوان تقرير رصد المنهاج القطري منذ عام 2016، طبيعة الهدف القطري الرئيس من التواصل المباشر مع الصهاينة، حيث بمنظور المعهد الصهيوني كان العنوان “فهم الطموح القطري” [7].
المنهاج الدراسي العربي… خواء ثقافي
رغم حالة الاستقلال السياسي النسبي للدول العربية، فإن المؤسسات التعليمية لم تنعتق من ثقل الرابطة الثقافية مع الغرب. كانت المرحلة الناصرية أبرز مراحل الاستقلال العربي من ناحية صياغة النموذج الثقافي والتعليمي، حيث لعبت المناهج المصرية دورًا طليعيًا في صياغة المناهج التعليمية في دول الخليج خلال بناء المؤسسات التعليمية الرسمية؛ فقد ترك الثقل الثقافي المتبادل عربيًا من معلمين وخبرات أثرًا مباشرًا على التعليم العربي بشكل عام، إلى حد صياغة مرتكزات موحدة إلى حد كبير. إلا أن هذا الثقل الثقافي تعرض للحت وبشكل متسارع منذ اتفاقية كامب ديفيد، حيث تشكّل مساران متوازيان من الخطاب الثقافي والسياسي يعملان حتى اليوم على إعادة تشكيل الخطاب العربي ومقاربة القضية الفلسطينية: الأوّل، صعود الخطاب الوهابي المحافظ، ففي حين أنه بشكل عام في دول الجنوب أدى الصعود التام للهيمنة الأمريكية والأيدلوجيا النيوليبرالية مطلع الثمانينيات إلى تبنّي سياسات اقتصادية وثقافية ليبرالية، كان الظرف الإمبريالي ينعكس عربياً ضمن حاجة مغايرة للترويج للبرلة الاجتماعية والاقتصادية بل للخطاب المحافظ تحت عنوان الأيديولوجيا الوهابية المحافظة، وهو ما انعكس على المناهج الدراسية العربية والخليجية على وجه الخصوص.
الغرض من طرح هذه الفكرة المجادلة أن الخطاب الوهابي وسطوة سردية الصراع الديني بالنسبة للقضية الفلسطينية لم يكن انعكاسًا لممارسة استقلال عن الهيمنة الثقافية الغربية وحتى عن صهينة الوعي العربي. بل إنّ صعود الخطاب الوهابي أو حتى غيره من السرديات الإسلامية النظيرة، كان ممارسة لذاتية مشوهة (Distorted agency) فلم تكن هذه السردية في المناهج تمظهرًا لاستقلالية ثقافية رغم عناوينه وألفاظه واستقائه من التاريخ العربي الإسلامي، بل كان أثرًا للهيمنة الغربية ضمن الشروط التاريخية لتلك المرحلة. والأهم، أن عملية تصوير الصراع كعلاقة إسلامية-يهودية مضطربة منذ هجرة النبي للمدينة المنورة كانت بحد ذاتها أولى عمليات صهينة التعليم عربيًا، وهي تندرج في الإطار العام ضمن سردية صراع الحضارات الإسلامية في مواجهة الغربية. والمسألة هنا ليست فقط في أن الخطاب المعادي لليهود هو أقصى درجات الصهيونية وفقاً لجوزيف مسعد [8]، بل إن تصوير الحركة الصهيونية كاستمرار لتاريخ لشعب يهودي لآلاف السنين، ومن ضمنها العلاقة الإسلامية-اليهودية سواء بالعداء أو بخطاب “الأخوة الإبراهيمية” هو تسليم بالسردية التاريخية الصهيونية أن المنتمين للديانة اليهودية هم شعب وقومية ممتدة تاريخيًا ويحق لها “الاستقلال” واحتلال بقعة جغرافية وتشكيل دولة وانتزاع شعب منها، وهو نقيض لأحد أهم مسلماتنا العربية وحزمة المعارف التي طورناها ضمن مسار معرفة هذا العدو بأنه كيان استعماري أوروبي مصطنع دخيل على تاريخ وجغرافيا المنطقة العربية. تشكّل هذه الصهينة التاريخية للمناهج الويم الجسر للارتقاء بها إلى مستوى آخر تحت غطاء مناهضة الخطاب المتطرف، والانتقال إلى “الاعتدال” وهو ما يحدث للمناهج العربية الإماراتية والقطرية والسعودية.
أمّا المسار الثاني، هو المنحى التاريخي المتصاعد للخطاب الانعزالي والقُطري في مقابل الموقف العربي الموحد، حيث تحوّلت أي صياغة للقضية الفلسطينية للمدارس إلى سردية “وطن” في مقابل فلسطين، أي أمسى تعريف القضية هي علاقة السعودي أو القطري (وغيرهما) مع قضية الآخر أي الشعب الفلسطيني. حيث أن السمة الرئيسة لتغطية القضية الفلسطينية منذ الألفية هي تغطية الدور التاريخي للبلد المعين تجاه مأساة الشعب الفلسطيني، في مزيج من رفع العتب واستقاء الشرعية الوطنية والدينية والمسؤولية تجاه المقدسات والثقل التاريخي لفلسطين في الوجدان العام. تمثل المناهج الدراسية الرافعة الأساس لأي مشروع إنتاج هوية وطنية قُطرية، وذلك عبر رسم سردية تاريخية تتمحور حول بقعة جغرافية محددة من الوطن العربي، وتاريخ الأسرة الحاكمة فيه ومنجزاتهم، وهو أمر لم يبدأ اليوم، بل ومنذ انطلاقة التعليم في الخليج، إلا أن إعادة هيكلة التعليم بشكل مكثف نحو صياغة هوية سعودية وقطرية ذات ذاتية منفصلة عن الهوية العربية فهي ظاهرة مستحدثة منذ بداية الألفية، حيث تم الانتقال من خطاب هوية الحضارة الإسلامية كانتماء لهو سمو نسبي على الوطني، إلى تقديم الأخير، فهنا وللمفارقة غذت الهوية الدينية والوطنية الانعزالية إحداهما الأخرى.
فمن ناحية علاقات الهيمنة الثقافية، كان المستوى أو المرحلة المتقدمة التي تتلو التقسيم ورسم الحدود السياسية للدول العربية، هو تفكيك واقع أن المجتمع العربي عبر مشتركه الثقافي ورغم تعدد الدول والأعلام العربية فهو يمثل مجتمع ما فوق-الدولة، وذلك عبر هندسة واصطناع هويات وطنية محلية بسردياتها الخاصة من خلال التعليم في كل دولة، لتكون هوية كل مجتمع عربي منعزلة تحت سقف البنية البيروقراطية لكل دولة، وهذه السياسة هي ما تسبق أو تتلو إعلان التطبيع مع الكيان الإسرائيلي منذ نموذج أنور السادات.
دراسة نصوص المناهج هي أشبه إلى قراءة طرس أو Palimpsest أي تلك الصفحات التاريخية التي تتراكم فيها نصوص فوق بعضها من فترات زمنية مختلفة ولم يتم محو النص السابق بشكل جيد فبقي واضحًا، وشاهدًا على تبدل خطابي حدث
أمّا من ناحية تطبيقية، فكان مدخل تقديم القضية الفلسطينية للطلاب والطالبات العرب، إلى جانب مدخل معاداة اليهود، كسرد التاريخ النبوي مع يهود المدينة المنورة ثم الانتقال إلى سؤال “ما هي الدولة التي تعاني حتى اليوم من غدر اليهود؟”، كان المدخل بأنها تندرج كأبرز القضايا العربية أو الإسلامية، وسردها وفقًا لذلك، إلا أن ما يغلب على تقديمها اليوم هو منطلق موقف ودور البلد المعني من القضية تاريخيًا ومساهمته فيها. ومما يبرز هنا هو أن تأريخ القضية الفلسطينية يقف في المنهجين عند الانتفاضة الثانية، ولا يكاد يظهر ذكر للقضية بما يتجاوز الانتفاضة عام 2002، خصوصاً في الحالة السعودية سوى تحت خانة لدور الملك سلمان في دعم قضية فلسطين عبر تسمية قمة الظهران عام 2018 بـ”قمة القدس”، وبأن فلسطين من أكثر الدول استفادة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الانسانية. أمّا في القطرية، ولأسباب تتعلق بتكثيف الدور القطري المانح، فيتم تقديم قطر في التاريخ الفلسطيني من منح ومساهمات إنسانية، وكذلك خطاب الأمير القطري خلال افتتاح مجلس الشورى عام 2018. وبطبيعة الحال، يبقى أن فحوى المناهج العربية هو تأريخ للنظام العربي لنفسه، فلا وجود لصراع أو حروب مع الاحتلال في ما تلا حرب أكتوبر، حيث من النافل القول أن كل الحروب والمعارك التي خاضتها المقاومة العربية هي خارج المنظور التاريخي الرسمي.
ينعكس غياب الذاتية والاستقلال الثقافي في صياغة المنهاج العربي، والقطري السعودي تحديدًا، على مضمون المناهج، ففي مسح تاريخي سريع للمناهج نلاحظ أن الناظم الرئيس للتحول في المناهج هو الوضع الدولي والعلاقة مع الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وتبدلات الخطاب العربي مع وجود ترسبّات من حقب مختلفة، حيث أن دراسة نصوص المناهج هي أشبه إلى قراءة طرس أو Palimpsest أي تلك الصفحات التاريخية التي تتراكم فيها نصوص فوق بعضها من فترات زمنية مختلفة ولم يتم محو النص السابق بشكل جيد فبقي واضحًا، وشاهدًا على تبدل خطابي حدث.
اتخذت المسألة في المنهاج القطري شكل المزج بين محاولة استدخال المناهج التعليمية والكتب الدراسية المعولمة (البريطانية والأمريكية) مع الحفاظ على الهوية الإسلامية والخطاب العربي والإسلامي سياسيًا مما يعكس تناقض الخطاب الماضي الذي مال تاريخيًا للخطاب العالم-ثالثي بالعلاقة مع الاستعمار وحركة عدم الانحياز والصهيونية مع محاولة “تطوير” و”تحديث” تستلهم من سوق الكتب الدراسية العالمي مما شكل حالة أقرب للمسخ الثقافي منه إلى النموذج المستقل. يضاف إلى ذلك، رغبة كل سلطة عربية في استدخال دروس تتعلق بشرعية الحكم الراهن، كتاريخ الملك والأمير والحاكم ومراحل ذات أهمية كالصمود في وجه “الحصار” بالنسبة لقطر.
يتكرّر الأمر في السعودية ولكن على نطاق وحجم أكبر ووتيرة أبطأ، حيث تتراكم تناقضات الخطاب العالم ثالثي المعادي للاستعمار وتصوير الصهيونية، مع الخطاب الإسلامي والصراع الثقافي والحضاراتي الإسلامي-الغربي، ومن ثم وتجسير مباشر وغير مباشر للخطاب الوهابي المعادي للغير، بين معاداة اليهود والخطاب المناهض للصهيونية وربطهما ببعضهما. وصولًا لبدء استدخال الخطاب الليبرالي ومنهج الوطنية وحقوق الإنسان وماهية القوى العظمى في العالم. يضاف إلى ذلك أن أحد عوامل اعتباطية التغييرات وعشوائيتها مرتبطة بوجود مناعة بيروقراطية تعتمد على طبيعة التوجهات السياسية المهيمنة على هيئات صياغة المناهج، وهذا ما يلاحظ على الفرق بين العلوم الدينية والعلوم الاجتماعية حيث سطوة التيارات الدينية المحافظة كانت أقوى على الأولى.
لم تكن هذه المناعة بعيدًا عن الرعاية السياسية المباشرة، ففي أحد الشواهد على محدودية محاولة الضغط الفيدرالية في مقابل شكل العلاقة السعودية-الصهيونية، وثقت إحدى تسريبات “ويكيليكس” محضر جلسة جمعت الملك السعودي الحالي وأمير الرياض حينها الملك سلمان مع السفير الأمريكي عام 2007، حيث علّق الأخير على وضع المناهج السعودية وبطء وتيرة التغييرات فيها، ليرد الملك بأن المسألة تحتاج إلى وقت، مناكفًا ومحاججًا المسؤول الأمريكي بأن مسألة العنصرية الأمريكية ضد السود لم تعالج حتى مطلع الستينيات [9]. إلا أنه وبعدها بقرابة الـ13 عامًا، يبدو أنه حان الوقت ولكن بورشة تغيير متسارعة يقودها ليس سوى محمد بن سلمان، حيث مكنت مسألة السطوة الكاملة على تناقضات الأجنحة داخليًا وكذلك إقصاء التيارات المحافظة، أن تكون البيروقراطية السعودية مطواعة أكثر للتأثر الخارجي وبشكل أكثر تناسقًا. وعليه، شهدت المناهج في السنين الأخيرة عملية أكثر جرأة تمثل امتدادًا لسابقاتها ومعتمدة على تناقض الترسبات الماضية والخطاب الديني المعادي لليهود لتمرير عملية تخفيف الوهبنة كغطاء لعملية إعادة تقديم القضية الفلسطينية تدريجيًا بشكل يمهد للاعتراف والتسليم بوجود “إسرائيل” على الأرض العربية، التي تمت إعادة تقديمها للطلاب والطالبات بشكل أثار حماسة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.
إنّ ما يميّز الحالة السعودية عن القطرية، أنه وفي حين اتخاذ مسار التغيرات السعودية منحى تصاعديًا، فمن الواضح ممارسة القطريين نوعًا من الشد والجذب والمقايضات السياسية مع كل من الأمريكيين واللوبي الصهيوني في تصعيد وتخفيف حدة ونوع الخطاب في الكتب الدراسية في كل فترة، والصعود والنزول بشكل يرتبط باستثمار القطريين في “الإخوان المسلمين” رموزًا وخطابًا، حيث شهدت فترة ما بين 2012 و2016 صعودًا في الخطاب المتعلق بالمقاومة ورموزها، ومنها صورة وتعريف بالشيخين عزالدين القسام وأحمد ياسين، وتحديدًا حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إلا أنها سرعان ما أزيلت. فرغم هذا الصعود والنزول في الخطاب إلا أنه يؤول في نهاية المطاف بالتسليم بتقليم الخطاب الماضي أمام فرض واقع جديد يقتضي الاعتراف المباشر بـ”إسرائيل” والبحث عن سبيل لـ”السلام”، حيث هُندس المنهاج القطري على شكل رصد تاريخي لعملية السلام.
خاتمة
أكثر من أي وقت مضى وبجرأة أكبر تتم هندسة المناهج الدراسية القطرية والسعودية تمهيدًا للتطبيع أو ما يسمى بالسلام والتسوية مع العدو الصهيوني، وذلك عبر تسلل خطابي الاعتدال والتسامح وتقديم المصلحة الوطنية وهوياتها الضيقة، ويضاف إلى ذلك هدم مسلمات مركزية واستثنائية القضية الفلسطينية كقضية مقاومة لمشروع استعماري، وربطها بحزمة قضايا عربية أخرى تجمع كلها في سلة الخطاب الإنساني. تسلل الصهينة هذا بتغيير الألفاظ وإعادة ترتيب الأحداث هو ما يدفع الصهاينة بالاحتفاء بالتغييرات، والتي لا يمكن إنكار أثر التوغل المريع للإماراتيين في الصهينة في فتح الباب لها.
تكمن أهمية استيعاب هذه التغييرات في طرح إجابة على سؤال ما العمل في وجهها؟ وهي إجابة مستقاة من قراءة لأثر المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني طوال العقود الماضي، فلم يكن ليستدخل خطاب المقاومة أو مناهضة الاستعمار والصهيونية في المناهج العربية لولا الصمود الفلسطيني في المقام الأول، حيث شكّلت المقاومة العربية على الأرض جانب الضغط المضاد للهيمنة الثقافية الأمريكية على كل الشعوب العربية. بتعبير آخر، كان الشعب الفلسطيني حارسًا للوعي العربي في كل منزل وعائلة عبر صموده وفرض وجوده الثقافي على المناهج الدراسية. وهو ما يستمر إلى اليوم، حيث أن ما تغير اليوم هو انتهاء مسألة احتكار الكتب الدراسية لتشكيل الوعي للطلاب والطالبات، وحصرية كون الكتب والمقاعد الدراسية بوابتهم للعالم، فوسائل التواصل اليوم تشكل سيفًا ذا حدين، وفرضُ الفلسطيني نفسه فيها بالملاحم والبطولات والمقاومة ما هو سوى استمرارية لدوره حارسًا للوعي العربي كممارسة يومية. والفارق هنا هو الاختلاف في فلسفة الصراع بيننا وبين الصهاينة والحكام العرب المتواطئين معهم؛ ففي حين هم يحاولون اعادة كتابة التاريخ وهندسته على الورق بشكل يناقض الواقع، فإن ما يقوم به المقاومون هو صناعته على الأرض وبشكل مادي مباشر، يجعل -وبالمعنى الحرفي- من صهينة المناهج مجرد “حبر على ورق”.
المصادر
[1] الثقافة والإمبريالية، إدوارد سعيد، الطبعة الرابعة 2014، صفحة.
[2] إدوارد سعيد، المصدر نفسه، صفحة.
[3] إدوارد سعيد، المصدر نفسه، صفحة 58.
[4] إدوارد سعيد، المصدر نفسه، صفحة 11.
[5] خارج المكان، إدوارد سعيد.
[6] Biale, David. Power & Powerlessness in Jewish History (p. 177). Knopf Doubleday Publishing Group. Kindle Edition.
[7] تقرير منظمة IMPACT-SE عن المناهج القطرية، الرابط: https://www.impact-se.org/wp-content/uploads/Understanding-Qatari-Ambition_The-Curriculum-2016%E2%80%9320_Updated-Report.pdf
[8] جوزيف مسعد، معاداة السامية.. أعلى مراحل الصهيونية، 2023، الرابط: https://arabi21.com/story/1518232/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9
[9] وثيقة ويكيليكس عن لقاء الملك سلمان بالسفير الأمريكي عام 2007، الرابط: https://wikileaks.org/plusd/cables/07RIYADH651_a.html