تواجه “إسرائيل” حاليًا جدلًا حول مشروع قانون مقترح يمنح أجهزتها الأمنية صلاحية استخدام تكنولوجيا “التعرف على الوجه”، في الأماكن العامة في الداخل المحتل عام 1948، من دون الحاجة إلى إشراف قضائي. يهدف مشروع القانون، الذي يقوده وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، ووزير العدل ياريف ليفين، إلى تثبيت كاميرات تتعرف على الوجه، ما اعتبره حقوقيون انتهاكًا للخصوصية. علماً أنّ هذه التكنولوجيا تستخدمها أجهزة الاحتلال العسكرية والأمنية يوميًا ضد الفلسطينيين في القدس والضفة المحتلة، من دون أن يُسمع صوت أي من هؤلاء الحقوقيين.
فلدى “إسرائيل” أحدث منظومات المراقبة في العالم، تستخدمها ضد الشعب الفلسطيني بصورة دائمة، من دون أي نقاش “قانوني”.
على سبيل المثال، منظومة “قطيع الذئاب”، وهي كناية عن قاعدة بيانات واسعة للغاية تحتوي على جميع المعلومات الشخصية المتوفرة عن الفلسطينيين، وتغذيها كاميرات للتعرّف على الوجه، تتعقب الفلسطينيين في الضفة والقدس بشكل “مؤتمت”.
تضمّ هذه المنظومة برنامج “الذئب الأحمر”، الذي تنشره سلطات الاحتلال عند الحواجز العسكرية في مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة. يعمل “الذئب الأحمر” على مسح وجوه الفلسطينيين ويضيفها إلى قواعد البيانات الإسرائيلية.
كذلك، يستخدم جنود جيش الاحتلال تطبيق “الذئب الأزرق”، عبر هواتفهم والأجهزة اللوحية. بمجرد تصوير الشخص، يعرض التطبيق معلومات فورية مخزّنة في قاعدة بيانات “قطيع الذئاب” عنه. عملياً، هي بيئة أنظمة تجسّس مترابطة.
التشريع المقترح
تشير المسودة الأولية لمشروع القانون، المقرر مناقشته في اللجنة الوزارية للتشريعات، إلى أن قرار استخدام كاميرات التعرف على الوجه سيكون بيد ضابط الشرطة فقط، من دون تحديد رتبته، ما أثار الخوف من إساءة استخدام هذا النظام. ومشروع القانون جزء من حزمة تشريعية يدعمها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يُراد تمريرها بذريعة “معالجة الجريمة داخل المجتمع العربي”، وهو مصحوب بقانون مقترح آخر يعرف باسم “التفتيش”، والذي يمنح الشرطة صلاحيات إضافية لتفتيش الأجهزة الإلكترونية للأفراد “المشتبه في ارتكابهم جرائم خطيرة”.
مشاريع القوانين المطروحة لا تتضمن ضوابط وتوازنات صارمة، مما يسمح لأجهزة الاحتلال العسكرية والامنية من الوصول السهل وعلى نطاق واسع إلى المعلومات البيومترية.
لماذا يهمنا هذا الخبر؟
هذا النوع من الإجراءات التي تعلن سلطات الاحتلال القيام بها في أراضي الـ48، سيؤدي بطبيعة الحال إلى إطلاق يد المؤسسات الأمنية الإسرائيلية ضد فلسطينيي الـ48 دون غيرهم، بسبب الطبيعة العنصرية للكيان الإسرائيلي. وما كان يُستخدم ضد الشعب الفلسطيني في القدس والضفة تريد “إسرائيل” ليشمل أيضًا فلسطينيين الـ48.
المخاوف الانتقائية
كل أنظمة التجسس تستخدمها “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية المحتلة. وغالبية منظمات “حقوق الإنسان”، والجماعات “اليسارية” الإسرائيلية، صمتت تجاهها. لكن بعد التلويح باستخدامها في أراضي الـ48، عبّر هؤلاء عن الخشية على الخصوصية. لكن بطبيعة الحال، الخصوصية التي يُطالب “الحقوقيون” بحمايتها ليست خصوصية العربي الذي يعيش في الأراضي المحتلة في العام 1948… بل خصوصية المحتلين.