السلطة الفلسطينية لا تكتفي بالأسلحة والمدرعات المتحصلة من الولايات المتحدة الأمريكية والأردن بموافقة إسرائيلية، بل ستحصل أيضًا على تجهيزات تكنولوجية لتأسيس وحدة تجسس تقنية (سيبرانية) جديدة لتحسين قدراتها الاستخبارية.
وسيخضع أفراد من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة لتدريبات من قبَل خبراء أمريكيين وأردنيين في بيتونيا، حيث مقر الأمن الوطني الفلسطيني.
لماذا يهمنا هذا الخبر؟
لأن الهدف الأمريكي – الإسرائيلي من تأسيس وحدة تجسس جديدة لدى أجهزة السلطة هو تمكينها من تعقب المقاومين في الضفة الغربية المحتلة (في مخيم جنين، مثلًا)، من خلال مراقبة هواتفهم، ما يسمح باعتقالهم.
كذلك ستكون هذه الوحدة أداةً قمعية بيد أجهزة السلطة، بذريعة “مكافحة التحريض” على مواقع التواصل الاجتماعي، لـ”منع تأجج الوضع” وتنفيذ عمليات ضد الاحتلال.
“8200” خاصة بالسلطة
الوحدة التي ستحصل عليها أجهزة التنسيق الأمني، ليست سوى نسخة – رديئة مهنيًا، بطبيعة الحال – عن الوحدة 8200 التابعة لاستخبارات الجيش الإسرائيلي، والمسؤولة عن التجسس التقني والهجمات الإلكترونية.
مسؤول فلسطيني قال لصحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية في 13-9-2023: “إن الوحدتين التكنولوجيتين الموجودتين لدى السلطة حاليًا غير كافيتين لعدم وجود قدرات مهنية عالية كما ينبغي. والوحدة السيبرانية الجديدة يجب أن تعتمد على معدات حديثة”.
ستسمح هذه المعدات والبرامج لأجهزة السلطة بتنفيذ عمليات تجسس واختراق الهواتف المحمولة التابعة لشركات الاتصالات الفلسطينية لجمع معلومات استخبارية. لم يكن هذا الإجراء متاحًا للسلطة الفلسطينية مِن قَبل، لخشية “إسرائيل” من كشف العملاء الفلسطينيين الذين يعملون مع الاستخبارات الإسرائيلية.
نهاية عام 2021 ومطلع عام 2022، قامت مجموعات المقاومة في مدينتي جنين ونابلس بنشر شبكة متطورة من الكاميرات، لمراقبة تحركات جيش الاحتلال الإسرائيلي وقوات الأمن الفلسطينية. وبحسب الصحيفة، ستسمح المعدات الجديدة للسلطة الفلسطينية باختراق هذا النوع من أنظمة الكاميرات أيضًا.
السياق السياسي
في إطار المسعى الأمريكي لترتيب تفاهمات جديدة في المنطقة العربية، والهادفة إلى دمج “إسرائيل في محيطها”، لا بُد من ضبط الضفة الغربية المحتلة، ومنع تحويلها إلى بؤرة لتفجير اتفاقيات التطبيع التي يُعمل على التوصل إليها.
المحاولات الإسرائيلية المتكررة فشلت في القضاء على المقاومة في الضفة الغربية المحتلة. واشتكى مسؤولون في كيان الاحتلال من أن مجموعات المقاومة في الضفة تستفيد من ضعف السلطة الفلسطينية، فصار لزامًا على “إسرائيل” والولايات المتحدة والأردن، وسائر دول التطبيع، التعاون من أجل الحفاظ على السلطة الفلسطينية، وتقويتها، لاستخدام أجهزتها في محاربة المقاومة.
ولهذا السبب، تقرر دعم السلطة بالأسلحة والمعدّات، وبتأسيس “وحدة تجسس” تقني حديثة.