«ما بعد اغتيال أبو شجاع راح تشتد» هكذا خاطب أبو شجاع المستقبل. فالمقاوم هو الإنسان الوحيد الذي يخاطب اغتياله واستشهادية كحتمية.
ولأنها شهادة، فهو يرى أيضًا أن استمرارية النضال من بعدها محتوم. إلا أن أبا شجاع لم يؤمن بالاستمرارية وحسب، بل باشتدادها.
كان قائدنا الشهيد يرى العالم من طولكرم، من داخل المخيم، من أزقة نور شمس، وحتماً مهما أردنا أن نقرأ الواقع أو نحلل أو نستشرف الأحداث، فلا يمكننا أن نرى العالم من ذلك المنظور. وحده الفدائي الذي يراه ومنه نتعلم، ومنه يجب علينا الاستمساك بما قال ورأى وفعل.
قلّة من ظنوا حينها وبعد شهادة رائد الكرمي في طولكرم بداية الألفية – أنه وبعد عقدين – أن نبض الضفة لن يتوقف. وهذا في زمن أوسلو والسلطة ودايتون والتنسيق الأمني والاستيطان، إلا أنها في الأخير اشتدت. وها هي الضفة التي أرادتها دايتون مذبح إبادة هادئ لا حاجة فيه للفرق العسكرية والقصف الجوي والهجوم الصاخب، اليوم تتحول لأرض معركة وملحمة، ورعب مخيماتها أمام جبروت الدولة النووية، أمام فتى وصحبه وازنوا استضعافهم أمام العدو بشجاعة حتى أمسوا أبًا للشجاعة.
ستشتد الضفة ليس فقط لأن أبا شجاع قالها، بل لأن لا خيار لها غير ذلك، ولأن الضفة التي اشتدت رغم زمن أوسلو، ستشتد بزمن الطوفان. ولأنها حتمية… أخبرنا بها الشاب النحيل الفقير الزاهد، الذي تخاله من أساطير المتصوفين وحكايات الأنبياء. هو النقيض الكامل لعصرنا في شخص، النقيض الكامل لزمن دول الترف والاستهلاك والترفيه والبذخ في ممالك العرب ودولهم. أخبرنا أنه «يقدّم لنا هدية الاغتيال».
وصف لنا أبو شجاع موته وشهادته كهدية! قدم لنا لحمه وعظامه وعروقه ودمه هدية. ولأنه من عالم آخر، فالمكسب الذي يريد لنا أبو شجاع هو أن تشتد الضفة، أن تشتد فلسطين، أن تشتد العمليات، أن تشتد الضربات على رؤوس المستوطنين، فلا معادل لما قدمه أبو شجاع أو أي شهيد سوى استمرار الشهادة.
فيا ضفة اشتدي، يا شباب الضفة والداخل المحتل اشتدوا. فدم أبو شجاع من أمامكم والإبادة الصهيونية من خلفكم!