«انتظار الردّ من حزب الله وإيران مُستمر ومُثير للأعصاب». هذا الموقف الذي نقلته «القناة 13 العبرية» يتكرّر تقريبًا كلّ يوم منذ أن قرّرت «إسرائيل» اللعب بالنار عبر استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال القيادي في حزب الله، فؤاد شكر واستشهاد عدد من المدنيين، فضلًا عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في طهران.
تأخُّرالرد نقل العدّو من موقع المُبادر إلى موقع المُنتظر، غير العالِم متى ومن أين ستأتيه الضربة. وفترة الانتظار «المتوترة ستُعتبر في حدّ ذاتها إنجازًا لحزب الله والإيرانيين، على غرار الأيام التي سبقت الهجوم الإيراني في 14 أبريل»، وفق ما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.
لماذا انتظار ردود (أو ردّ) محور المقاومة يُزعج “إسرائيل”؟
منذ عمليتَي الاغتيال، وبينما كان العالم ينتظر ردّ فعل محور المقاومة، ودوائر القرار تُسابق عقارب الساعة للتوصّل إلى اتفاق أو تخفيف الأضرار قدر الإمكان، كانت المستوطنات الصهيونية تتحضّر للأسوأ، وهو ما انعكس في مؤشرات اقتصادية، مالية، واجتماعية.
خلال الأيام الماضية:
- توقّف النشاط الصناعي حتى حدود الـ40 كلم مع لبنان، بعد أن كان ينحصر في مسافة 4 كلم (وفق صحيفة «معاريف» العبرية).
- جُهّز ميناء «أسدود» ليكون بديلًا عن موانئ شمال فلسطين المُحتلة (بحسب ما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية).
- أُوقف العمل داخل أحد المصانع في «عكّا» لوجود خزانات تحتوي على غاز الأمونيا. وصدرت تعليمات للمصانع الأخرى التي تستخدم مواد خطرة بتفريغ وإخلاء خزانات الغاز (استنادًا إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت»).
- مطار «بن غوريون» فارغ بعد أن ألغت شركات الطيران رحلاتها إلى كيان الاحتلال، ما أدّى إلى احتجاز حوالي 150 ألف مستوطن في الخارج.
- أُخلي ثلثَا قاعدة «رمات دافيد»، وهو المطار العسكري الأساسي في شمال فلسطين المحتلة بعد حيفا (كما قال الأمين العام لحزب الله في كلمته يوم السادس من أغسطس).
- تراجع مؤشرات الأسهم الكبرى في بورصة «تل أبيب» بأكثر من نقطتين مئويتين، بالتزامن مع انخفاض قيمة الشيكل مقابل الدولار.
- استمرار ارتفاع العجز في الميزانية العامة، الذي بلغ الشهر الماضي 8.5 مليار شيكل، مقابل 600 مليون شيكل في يوليو من العام الماضي، وارتفع منذ بداية العام الحالي إلى 72.1 مليار شيكل.
- جامعة «حيفا» تطالب موظفيها العاملين في الطابق الخامس وفوق في برج «أشكول» بالعمل من بيوتهم.
- مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي في أكثر من 60% من كيان الاحتلال، وقد يستمر الانقطاع لنحو 48 ساعة، وربما يمتد لحوالي ثلاثة أسابيع.
«المجتمع الإسرائيلي» في حالة تأهّب. الرعب وعدم اليقين والمبادرة إلى الفعل التي أرادها العدّو سلاحًا بيده لترهيب اللبنانيين، وتأليبهم ضدّ المقاومة، وبالتالي إجبارها على إقفال جبهة إسناد قطاع غزّة، ارتّدت عليه. الرحلات التي تُلغى، المصانع التي تُقفل، فتح الملاجئ، تراجع شركات عن الاستثمار في الأراضي المحتلة وتحديدًا الجزء الشمالي منها، تسجيل البورصة تراجعًا، وفقدان العملة المحلية لقيمتها أمام الدولار، هي جزء من سلسلة بدأت منذ «طوفان الأقصى». وتُضاف إلى مستوطنات في شمال فلسطين المحتلة تحوّلت إلى مُدن أشباح، مع نزوح المُحتلين الصهاينة عنها، توقّف السياحة، توقّف المصانع، إتلاف المحاصيل الزراعية، الضربة لمزارع المواشي والدواجن، ومغادرة الشركات الناشئة.
انتظار الضربات لن يؤدي بحدّ ذاته إلى انهيار كيان الاحتلال. ولن يكون اقتصاده بخطر يفوق ما مرّ به منذ السابع من أكتوبر حتى اليوم، ولكنّه مسار تراكمي من خطوات تُصيب «هيبة الدولة الإسرائيلية» في الصميم.