خطوة جديدة، تضاف إلى الخطوات التي تتّخذها دول اليسار في أمريكا اللاتينية لمعاقبة كيان الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه في قطاع غزة. هذه المرة تصدّرت تشيلي المشهد، بعد أن أعلنت وزارة الدفاع فيها “عدم السماح بمشاركة شركات الأسلحة الإسرائيلية في معرض الطيران والفضاء السنوي الذي سيقام في (العاصمة التشيلية) سانتياغو في نيسان / أبريل المقبل”، بحسب ما أفادت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية “كان ريشت بيت”.
بيان وزارة الدفاع لم يورد أسباب القرار الأخير، لكنّه لا يشذّ عن سياسة الحكومة التشيلية تجاه الحرب على قطاع غزّة. فمنذ بداية الحرب، وصفت حكومة غابرييل بوريك الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأنها “رد غير متناسب”.
كذلك، استدعت تشيلي – التي تضم أكبر عدد من الفلسطينيين خارج العالم العربي – سفيرها لدى “إسرائيل” في أواخر تشرين الأول / أكتوبر للاحتجاج على “الانتهاكات الإسرائيلية غير المقبولة للقانون الإنساني الدولي” في غزة. مؤخرًا، انضمت تشيلي في كانون الثاني / يناير إلى الحكومات التي تُطالب المحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق في ارتكاب جرائم حرب محتملة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
في تشيلي كما العديد من الدول اللاتينية، تلتقي مواقف الحكومة مع ردود الفعل الشعبية. إذ إنّ قرار منع مشاركة كيان العدّو في معرض الطيران والفضاء تزامن مع تظاهرات شعبية تُطالب الرئيس بوريك بقطع العلاقات مع “إسرائيل” بسبب الحرب في غزة.
تشيلي أقرب إلى فلسطين من عرب التطبيع
منع المشاركة في مؤتمر خطوة جدًّا مُتقدمة من تشيلي، التي تربطها علاقات “طبيعية” مع كيان العدّو، فضلًا عن أنّ “إسرائيل” تُعدّ أحد أبرز مزودي تشيلي بالتكنولوجيا الزراعية والدفاعية، كالصواريخ، وأنظمة خاصة بالطائرات الحربية من طراز “أف 16″، البنادق وغيرها من التقنيات التي تتطلب دعمًا لوجستيًا. رغم ذلك، لم تقف سانتياغو عند أي اعتبار، بخلاف ما فعلت ممالك النفط العربية والأنظمة العربية المُتحالفة مع “إسرائيل”، ولم تبع فلسطين مواقف لا تردّ آلة القتل عنها. لم تكترث تشيلي إلى إمكانية أن تمتنع دول أخرى عن بيعها سلعًا تكنولوجية أو خدمات التشغيل لهذه السلع.
وكانت وكيلة وزارة الخارجية التشيلية السابقة، وممثلة تشيلي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، شيمينا فوينتيس قد نشرت مقالًا في صحيفة “لا تيرسيرا” أشارت فيه إلى امتلاك العدّو “لواحدة من أقوى الصناعات العسكرية في العالم، وظلّ المورّد الرئيسي لقواتنا المسلحة لسنوات… كما يُشارك في تنفيذ نظام الأقمار الاصطناعية التشيلية، وهو أمر ضروري للسيطرة الكاملة على أراضينا”. لكنّها دافعت عن قرار بلادها، واصفةً إياه “بالأخلاقي ويتوافق مع مبدأ سياستنا الخارجية المتمثّل باحترام حقوق الإنسان”. وقالت إنّ “مجرّد وجود الشركات الإسرائيلية صانعة الأسلحة التي تسبّبت في الوضع الإنساني الرهيب في قطاع غزة أمر غير مقبول”.
امتعاض إسرائيلي
قال سفير “إسرائيل” لدى تشيلي، غيل أرتزيلي في حديثٍ مع وكالة الصحافة الفرنسية، إنّ الحكومة التشيلية لم تتصل به لإبلاغه بقرارها، “لا يمكننا القول إننا فوجئنا بالنظر إلى عقيدة الحكومة التشيلية السلبية تجاه إسرائيل”.
وفي تعليق، هو أقرب إلى التهديد، اعتبر أرتزيلي أنّ القرار “يُلحق المزيد من الضرر بالعلاقات الثنائية التي دامت أكثر من 70 عامًا، ليس فقط في مجال الدفاع والأمن، ولكن أيضًا في إدارة الموارد المائية والزراعة والصحة والتبادل الأكاديمي والعلوم والتكنولوجيا”.
معرض الطيران ليس البداية
منع المشاركة في معرض الطيران والفضاء السنوي يُضاف إلى سلسلة قرارات تشيلية تجاه كيان العدّو بدأت عام2022 حين رفض الرئيس التشيلي استلام أوراق اعتماد غيل أرتزيلي. ثمّ رفضت وزارة العلوم في سبتمبر عام 2023 دعوة “إسرائيل” للمشاركة في مشروع غير مسبوق لاستكشاف القمر.
ووفق ما نقلته وسائل إعلام إسبانية عن “خبراء”، فإن “هذه الخطوات التشيلية المتتالية من شأنها أن تُعرّض العلاقات الدبلوماسية بين سنتياغو وتل أبيب للخطر ويمكن أن تكون لها عواقب مهمة في المستقبل”. لكن رغم ذلك، تبدو الحكومة التشيلية ماضية في إجراءاتها ضد كيان الاحتلال من دون أن تكترث لأي عواقب تجاهها.