ما بين مصر وكيان الاحتلال «أزمة صورية» لا غير، فرضتها حرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني، وتظهر بسبب الخلاف على مرور المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، أو محاولة «إسرائيل» السيطرة على ما يُسمّى بـ«محور فيلادلفيا» الواقع على الحدود بين غزّة ومصر، أو تهديد الكيان بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء. كلّ البيانات والخطابات والمواقف المصرية الرسمية التي تدّعي نُصرة الشعب الفلسطيني، ومعارضة العدّو في العلن، تُمحى مع انكشاف استمرار تدفّق الغاز الفلسطيني المنهوب من الأراضي المُحتلة إلى الأراضي المصرية، مُتسبّبا بارتفاع الصادرات الإسرائيلية من الغاز، وبالتالي تأمين موارد مالية لكيان الاحتلال تسنده في “محنته” الحالية، وتفتح له مجالات لبيع الموارد التي يُسيطر عليها.
زيادة صادرات الغاز من الأراضي المُحتلة
ارتفعت كمية «الغاز الإسرائيلي» المُصدّر إلى مصر بعد تاريخ 7 أكتوبر سنة 2023 مقارنة بالفترة السابقة. ومنذ بداية يناير سنة 2024، ارتفعت كمية الغاز المورّد بحوالي 15% مقارنة بشهر ديسمبر سنة 2023. تُزوّد «إسرائيل» السوق المصرية حاليًا بحوالي 1.15 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في اليوم. جزء يذهب إلى السوق المصرية المحلية، وجزء آخر تُصدّره مصر إلى أوروبا بعد تسييله. ومن هذه المبيعات، تتمكّن مصر من الحصول على دخلٍ بالعملة الصعبة، في ظل أزمة اقتصادية مُعقّدة.
اعتماد مصر على «إسرائيل»
اشتد اعتماد مصر على كيان العدو عام 2023 بسبب انخفاض الإنتاج المحلي من الغاز من الحقول المصرية، تحديدًا حقل ظهر الضخم. كما انخفضت واردات الغاز بشكل حاد في أكتوبر الماضي بعد توقّف إنتاج الغاز من «حقل تمار» المُحتلّ، فوصلت إلى نحو 150 مليون قدم مكعبة يوميًا.
منذ نوفمبر عام 2023، بدأت تظهر تدريجيًا الزيادة في الصادرات من «إسرائيل» إلى مصر:
- في بداية نوفمبر من العام الماضي، صدّرت «إسرائيل» إلى مصر حوالي 350 مليون قدم مكعبة يوميًا؛
- ارتفعت الكمية في نهاية شهر نوفمبر إلى 850 مليون قدم مكعبة يوميًا.
تقارب مصري – إسرائيلي
التقارب بين «إسرائيل» ومصر لا يقتصر على صادرات الغاز، بل يشمل كلّ قطاع الطاقة.
عام 2019، توصّلت مصر إلى اتفاق مع «إسرائيل» تدفع بموجبه شركة الكهرباء المصرية مبلغ 500 مليون دولار لكيان الاحتلال، من خلال دفعات تتمّ كل بضعة أشهر بقيمة حوالي 30 مليون دولار للدفعة الواحدة. لكن في 18 يناير الحالي، غضّت «إسرائيل» طرفها مؤقتًا عن دفع الدين، ولا تزال تؤجّل السداد «حتى تتحسّن الأوضاع في مصر»، والسبب الثاني هو «دورها الحاسم في الحرب». ما يجري عمليًا أنّ كيان العدو يُمسك مصر «من اليد التي تُوجعها»، وهي أزمتها الاقتصادية، و«يشتري» عبر قطاع الطاقة موقفها السياسي بما خصّ الحرب على قطاع غزة. ارتفاع الصادرات الإسرائيلية، في ظل الحرب التي تتعرّض لها غزة والضفة الغربية، يؤكّد مرة جديدة أنّ مصر شريكة في المجزرة بحقّ الشعب الفلسطيني.