أعلنت قوّات العدو الإسرائيلي مع بداية العام الجاري سحب 5 ألوية قتالية، من قوات الاحتياط، من شمال قطاع غزة.
أتى القرار بعد أن جرفت قوّات العدو أجزاء واسعة من شمال غزّة، دمّرت آلاف المباني والبيوت، قتلت أكثر من 20 ألف شهيد بمجازر استهدفت المدنيين من أطفال ونساء وصحافيين. استنفد العدّو بنك أهدافه في شمال القطاع من دون تحقيق أي إنجاز يستطيع تسويقه في الداخل.
وبعد نحو ثلاثة أشهر من القصف الجوّي والمدفعي، رفض عدد كبير من سكّان شمال قطاع غزة النزوح إلى مناطق أخرى، ما أجبر قوّات العدو على التقدّم عبر المناطق الزراعية الفارغة شمال وشرق القطاع والالتفاف على جزء من التجمعات السكانية الكبيرة، كمعسكر جباليا.
ما أسباب سحب قوات العدّو؟
وضع الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري سحب قوات الاحتياط من شمال قطاع غزة في إطار أخذ استراحة تحضيرًا للمرحلة القتالية الثانية. فقال إنّ جزءًا من الذين سيتم تسريحهم «سيعودون إلى عائلاتهم ووظائفهم هذا الأسبوع ممّا يمنح راحة كبيرة للاقتصاد، ويسمح لهم باكتساب القوة قبل انطلاق الأنشطة الجديدة في العام المُقبل، فالقتال مُستمر وسنحتاج إليهم». أمّا الجزء الآخر فسيتم نقله إلى خانيونس، جنوب قطاع غزة للانضمام إلى 6 فرق قتالية هناك.
التبدّل في الواقع العسكري شمال غزة، جاء نتيجة لخطط الحرب التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أمريكي لم تُسمّه اعتقاده أنّ «هذا هو بداية التحول التدريجي نحو عمليات أقلّ كثافة في شمال غزة، والتي كنا نُشجّعها».
وتطلب واشنطن من جيش الاحتلال الانتقال نحو القيام بعمليات مُركّزة شمال القطاع وفي خانيونس، مع استمرار الحرب لكن بوتيرة منخفضة، إذ ستتحول إلى استهدافات جوية محددة وعمليات برية خاصة، بدلاً من موجات القصف التدميرية والاجتياحات الواسعة النطاق التي لم تحقّق أيًا من أهداف الحرب.
وبحسب ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية في الأول من يناير الحالي «ستحلّ محل المناورة البرية العمليات المركّزة والهجمات الجوية، من المفترض أن تستغرق وقتًا طويلًا وتؤدّي في النهاية إلى انهيار حُكم حماس». وأضاف التقرير الصحافي أنّ «إسرائيل تُدرك أنّ المرحلة الثالثة قد تتحول إلى حرب استنزاف متواصلة، وخصوصًا إذا لم تنجح في ضرب قيادة حماس، أو في انهيار حركة حماس التي أثبتت، بعد 86 يومًا من القتال، قدرتها على خوض مواجهة ضارية». واعتبرت الصحيفة أنّه «بالنسبة إلى حماس، المرحلة الثالثة يمكن أن تُشكّل فرصة. فهي ستسمح لها بالادّعاء أنها لم تتنازل،(…) الحقيقة أنّ نصف القطاع يحتّله الجيش الإسرائيلي، لكن حماس ستقول إنّها صمدت وتواصل القتال داخل غزة وخارجها، ستُحقق مبدأ الصمود».
بناءً على ذلك، يمكن الاستنتاج بأن الدافع الأول للانسحاب الإسرائيلي من مناطق في شمال قطاع غزة هو أن جيش الاحتلال يخشى أن يتحوّل جنوده إلى فريسة لحرب استنزاف تشنّها المقاومة، في ظل نية الحكومة الإسرائيلية، ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية، إطالة أمد الحرب، وإنْ بوتيرة منخفضة.