- المتحدّث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، يوم أول من أمس (الخميس 30-11-2023)، يُعلن، قبل إسقاط الهدنة المؤقتة، بأنّه إذا قرّرت «إسرائيل» استئناف الحرب على قطاع غزّة، فـ«سندعمها»..
- وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن يصل إلى الأراضي المُحتلة مساء الخميس ويُشارك في اجتماع «كابينت الحرب» الإسرائيلي، «مُباركًا» استئناف الإبادة في غزة.. ثمّ يُعلن مساء اليوم الأول من ديسمبر / كانون الأول أنّ «الهدنة في غزّة توقّفت بسبب حماس. التركيز مُنصّب على فعل كلّ ما يلزم لعدم تكرار هجوم حماس في 7 أكتوبر / تشرين الأول»..
- صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تنشر أمس (الجمعة) معلومات عن تزويد واشنطن جيش الاحتلال الإسرائيلي بمئات آلاف الذخائر، ومن بينها قنابل خارقة للملاجئ بوزن طن للواحدة منها..
ما تقدّم يؤكد بأن الولايات المتحدة الأمريكية كاذبة في زعمها مطالبة «إسرائيل» بتمديد الهدنة أو بوجوب الحرص على المدنيين. فالتصريحات أعلاه تؤكّد بأن ما تفعله آلة القتل الإسرائيلية في قطاع غزة، يتمّ بضوٍء أخضر أمريكي، وشراكة أمريكية في القرار، وسلاح أمريكي للتنفيذ.
تصرّفات واشنطن وأقوال مسؤوليها تؤكّد بأنها أبلغت الجانب الإسرائيلي بوجوب استئناف الحرب على غزة، وبأنها ستبقى إلى جانبها.
في الأصل، يعتبر الرئيس الأمريكي، جو بايدن أنّ الحرب على الفلسطينيين في غزّة هي حربه شخصيًا، وما «إسرائيل» إلّا أداة تنفيذها. هو لم يتبنّ حصرًا الرواية الإسرائيلية بالكامل، سواء حين تحدّث عن «قطع حماس لرؤوس الأطفال» أو أنفاق المقاومة تحت مستشفى الشفاء وغيرها، بل أعلن في مؤتمر له يوم 20 أكتوبر / تشرين الأول أنّ ما جرى يوم السابع من أكتوبر موجّه ضدّه، إذ قال: «أعتقد أنّ أحد الأسباب التي دفعت حماس إلى القيام بالهجوم، هو علمها أنّني كنت أعمل بشكل وثيٍق مع السعوديين وغيرهم في المنطقة لإحلال السلام من خلال الاعتراف بإسرائيل وحقّها بالوجود».
بعد عشرة أيام على عملية «طوفان الأقصى»، وصل بايدن إلى «تل أبيب» لإعلان تضامنه مع حكومة بنيامين نتنياهو، مُشاركًا في جلسات «كابينت الحرب»، ليُشارك مع الإسرائيليين في وضع خطط الحرب.
إلى جانب تهديدها قوى المقاومة في المنطقة، وإرسال الدعم العسكري، تولّت أمريكا الترويج للرواية الإسرائيلية للحرب. نفى بايدن قصف «إسرائيل» للمستشفى المعمداني، وكرّر الأكاذيب التي تحدّثت عن وجود غرفة عمليات تحت مستشفى الشفاء، ليتبيّن بعد اقتحام جيش العدو المستشفى كذب هذه الادّعاءات.
من يُحاسب الولايات المتحدة؟ لا أحد. فهي نفسها تمنع محاسبة «إسرائيل». وهي تمنع وقف حرب الإبادة. أمريكا التي تشارك بقتل أهل غزّة، تدّعي من على المنابر وفي بعض وسائل إعلامها الموجّهة رفضها للحرب وقيامها بمساٍع لوقفها. لكن الحقيقة في مكاٍن آخر.
لماذا تكذب الإدارة الأمريكية علنًا؟
لأنّها تُريد إسكات الجهات الأمريكية الداخلية التي بدأت ترفع الصوت اعتراضًا على استمرار الدعم الأمريكي لـ«إسرائيل»، خاصّة بعد ارتكاب المجازر ضدّ المدنيين. ووفقًا لمذكّرة حصل عليها موقع «بوليتيكو» الأمريكي ونشرها يوم السابع من نوفمبر / تشرين الثاني، اعتبر مسؤولون في وزارة الخارجية أنّه يجب على واشنطن انتقاد الإسرائيليين علنًا، «بما في ذلك تكتيكاتهم العسكرية وطريقة معاملتهم للفلسطينيين». وكشفت المُذكّرة أنّ دبلوماسيين أمريكيين يعتبرون أن تصريحات المسؤولين في واشنطن «توحي وكأنّ الولايات المتحدة تُساهم في تثبيت التصورات العامة الإقليمية بأنّ واشنطن متحيّزة وغير نزيهة».
ويمكن الاستنتاج بأن الأمريكيين قرروا نشر تسريبات عن وجود خلافات بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، وأخرى عن سعي واشنطن للضغط على «تل أبيب» لتحييد المدنيين جنوب غزة، بهدف تخدير الأمريكيين المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، أو أولئك الذين لم يعودوا قادرين على تغطية وتبرير الجرائم الإسرائيلية. أما البيت الأبيض، فمُصّر عمليًا على استكمال تنفيذ مشروعه للمنطقة، وهو التطبيع بين الدول العربية و«إسرائيل» بعد القضاء على حركة حماس وسائر فصائل المقاومة في غزة، وتولّي السلطة الفلسطينية إدارة القطاع.
في هذا الإطار، يُمكن مرّة جديدة التأكيد أنّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة تُديرها واشنطن مُباشرًة. وكلّ التصريحات الأمريكية عن وجوب استمرار الهدن الإنسانية، ما هو إلا كذب محض. يكفي التذكير بأنّه قبل انطلاق أي مرحلة عسكرية إسرائيلية جديدة، يحطّ وزير خارجية الولايات المتحدة، أنطوني بلينكن في «تل أبيب» للإشراف على الخطط العسكرية والمُشاركة في وضع سقفها السياسي. فمنذ بدء عملية «طوفان الأقصى»، جاء بلينكن ثلاث مرات إلى فلسطين المحتلة. الأولى مع بداية الحملة العسكرية، يوم صرّح بأنّه «أتيت بصفتي يهودّيًا». المرة الثانية كانت قبل بدء العملية البرية، والثالثة حصلت يوم الخميس 30 نوفمبر / تشرين الثاني، قبل ساعات من كسر الهدنة واستئناف العدوان العسكري على القطاع. في المرّات الثلاث، شارك بلينكن باجتماعات «كابينت الحرب» الإسرائيلي.
مرّة جديدة، الأمر لا يُفترض أن يكون مُستغربًا. الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تشنّ الحرب على الشعب الفلسطيني.