رسمياً، دخلت المقاومة في اليمن متمثلةً بحركة “أنصار الله” على خط الجبهات الداعمة للمقاومة الفلسطينية ضد العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة. فيوم الثلاثاء 31-10-2023 استطاعت طائرة مسيّرة آتية من اليمن اختراق الأجواء الفلسطينية المحتلّة. حلّقت فوق أم الرشراش التي يسمّيها المحتلون “إيلات”. الجيش الإسرائيلي زعم أن دفاعاته الجوية اعترضتها.
وعلى الفور، رجحت وسائل إعلام عبرية أن يكون مصدر هذه المسيّرة اليمن، وهو الأمر الذي دفع برئيس سلطات الاحتلال في “إيلات” للإعلان عن “تعزيز أنظمة الدفاع الجوي في محيط إيلات على نحو كبير جداً”.
لم تكن هذه المرة هي الأولى التي يتم فيها إطلاق صواريخ ومسيّرات من اليمن، دعمًا لمقاومة غزة وأهلها، منذ بدء العدوان الإسرائيلي عليهم في السابع من أكتوبر.
لكن الفارق هذه المرة أن المسيّرة وصلت إلى الأراضي المحتلة، وهو الأمر الذي يعني أنها استطاعت التسلل من دون أن ترصدها الدفاعات الجوية التي عززتها الولايات المتحدة الأمريكية أخيرًا لتطويق اليمن عبر قواعدها العسكرية وقواتها في كل من السعودية والأردن والبحر الأحمر وفلسطين المحتلة نفسها، إضافة إلى الدفاعات الأمريكية الموجودة أصلًا في القواعد التي يحتلها الجيش الأمريكي في سوريا والعراق.
بعد ساعاتٍ من هذا الحدث، أعلنت القوات المسلحة اليمنية على لسان متحدثها الرسمي العميد يحيى سريع، عن إطلاق دفعة كبيرة من الصواريخِ البالستيةِ والمجنحة، وعدد كبير من الطائرات المسيرة على أهداف مختلفة للعدو الاسرائيليّ في الأراضي المحتلة.
– أوضح سريع أن هذه العملية هي الثالثة التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية “نصرةً لإخواننا المظلومين في فلسطين”.
– وأكّد سريع استمرار القوات المسلّحة “في تنفيذ المزيد من الضربات النوعية بالصواريخِ والطائرات المسيرة حتى يتوقفَ العدوانُ الإسرائيلي”.
اليمن في المعركة منذ اليوم الأول..
يبدو أن المقاومة في اليمن متمثلة بـ”أنصار الله” (الحوثيين)، مصمّمة على تثبيت حضورها في قلب معركة “طوفان الأقصى”. وعلى الرغم من البعد الجغرافي الذي يفصل اليمن عن فلسطين (١٤٠٠ ميلاً) غير أن صنعاء ليست بحاجة إلى حدود مباشرة مع فلسطين المحتلة للدخول إلى جانب المقاومة الفلسطينية على خط المواجهة العسكرية القائمة.
عملية 31-10-2023 ليست الأولى، بحسب ما أكّد سريع.
في المرات السابقة، لم تصل الصواريخ والمسيّرات اليمنية إلى فلسطين المحتلة. لكن المقاومة اليمنية أصرّت على الاستمرار في إطلاق الصواريخ وتغيير تكتيكات إطلاقها لضمان وصولها إلى الأرض المحتلة.
في المرة الأولى، تصدّت البحرية الأمريكية للصواريخ والمسيّرات فوق البحر الأحمر.
في المرة الثانية، الطائرات الحربية الإسرائيلية تصدّت للمسيّرات اليمنية قرب سواحل سيناء.
في المرة الثالثة، نجحت القوات المسلّحة اليمنية بإيصال المسيّرات إلى أجواء فلسطين، فانشغل المستوطنون في أقصى الجنوب الفلسطيني بصواريخ الدفاعات الجوية وأصوات انفجاراتها.
هذا المسار يعني احتمال أن تكون الضربة اليمنية المقبلة في عمق الأراضي الفلسطينية، ومن غير المستبعد أن تصل إلى أهدافها.
ما الذي أعلنه الإسرائيليون والأمريكيون قبل الإعلان اليمني؟
– يوم الخميس 19-10-2023، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية اعتراض المدمرة البحرية الأميركية “يو إس إس كارني” بين ثلاثة وخمسة صواريخ باليستية وأكثر من ١٢ طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون في شمال البحر الأحمر.
وفوراً، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” إن “الصواريخ كانت متجهة شمالاً باتجاه إسرائيل عندما تم إسقاطها”. وأتى هذا التحرك بموازاة تحرك للمقاومة العراقية والسورية الذين استهدفوا قواعد عسكرية أمريكية في سوريا والعراق، بما ينبئ بأن هذه الهجمات كانت منسّقة.
- يوم الثلاثاء 24-10-2023، “أطلقَت خمسة صواريخ كروز ونحو 30 مسيّرة، اعترضت المملكة العربية السعودية أحد هذه الصواريخ على الأقل” وفق ما ذكرت مصادر لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
- يوم الجمعة 27-10-2023، تصدّت الطائرات الحربية الإسرائيلية لصواريخ ومسيّرات مصدرها جنوب البحر الأحمر. وسقطت أجزاء من المسيّرات التي أسقطتها الطائرات الحربية الإسرائيلية في مدينة طابا وقرب نويبع المصريتين في سيناء.
- يوم الاثنين 30-10-2023، قالت وسائل إعلامٍ إسرائيلية إنّ صاروخاً باليستياً أطلق من اليمن، وقد تم اعتراضه من قِبل سلاح البحرية الأميركي شمالي البحر الأحمر.
ونقلت وسائل إعلام أجنبية عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية، قوله: “دعونا نكون واضحين… إيران تعمل على زيادة توفير معدات أكثر تطوراً وفتكًا للحوثيين حالياً… نرى نمطًا واضحًا من الاستمرار في مساعدة الحوثيين، وقد قدم لنا الحوثيون للتو بعض قدراتهم التي تشكل تهديدًا للمنطقة”.
عملياً، يبرز هذا التصريح التخوف الأميركي من توسيع معركة “طوفان الأقصى” إلى حربٍ إقليمية تشارك فيها دول محور المقاومة كافة بما فيها ذلك اليمن.
على خلفية هذه التطورات، قالت “وول ستريت جورنال” إن الولايات المتحدة تعتزم إرسال أنظمة دفاع جوي إلى دول الخليج، فيما يتخذ الجيش الأمريكي خطوات جديدة لحماية قواته في الشرق الأوسط مع تزايد المخاوف من هجمات تشنها دول محور المقاومة.
وأكد البنتاغون نشر منظومة “ثاد” المضادة للصواريخ وبطاريات “باتريوت” إضافية للدفاع الجوي “في أنحاء المنطقة”.