يوم 25-10-2023، وفي جلسة مجلس الأمن الدولي في نيويورك المنعقدة للتصويت على مشروع قرار قدّمته الولايات المتحدة الأمريكية لإدانة حركة حماس ومطالبتها بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الموجودين لديها، أكد مندوب روسيا الدائم لدى مجلس الأمن الدولي فاسيلي نيبينزيا، أن القانون الدولي لا يمنح “إسرائيل” حق الدفاع عن النفس، لأنها دولة احتلال.
هو موقف قانوني وسياسي واضح، يؤكّد حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال، رغم أن روسيا ليست دولة معادية لـ”إسرائيل”، لا بل تربطها بها علاقات قوية (رغم تراجعها بعد الحرب في أوكرانيا).
في المقابل:
يوم 26-10-2023، أصدرت 8 دول عربية، هي الإمارات والأردن والسعودية وعُمان وقطر والكويت ومصر والمغرب، الخميس، بيانًا، صدر بعد خمسة أيام على “قمة القاهرة للسلام” التي عقدت يوم 21-10-2023، وعجزت عن إصدار بيان ختامي نتيجة الخلاف على مضمونه مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية المشاركة فيه التي أرادت ان يكون البيان منحازًا لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
رغم ذلك، فإن البيان الذي أصدرته الدول العربية المذكورة أعلاه، أكّد ما يُسمى “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”. ففي إحدى فقراته، ورد حرفياً:
“التشديد على أن حق الدفاع عن النفس الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة لا يبرر الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، أو الإغفال المتعمد للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها حق تقرير المصير، وإنهاء الاحتلال المستمر من عشرات السنين”.
العبارة الأولى في هذه الفقرة واضحة. فهي تنطلق من تثبيت “حق الدفاع عن النفس” في الحالة التي يناقشها البيان، أي الحرب الإسرائيلية على غزة، من دون أن تقول إن “إسرائيل” لا تملك هذا الحق، لأنها دولة احتلال. وفي المقابل، لم يذكر البيان حق الشعب الفلسطيني بالعمل على تحرير أرضه، إذ اكتفى بالحديث عن “إنهاء الاحتلال”. بذلك، فإن البيان يمنح “إسرائيل” حق الدفاع عن النفس، لكنه يطالبها بعدم انتهاك القانون الدولي أثناء ممارستها لهذا “الحق”، من دون أن يؤكد حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال. حتى لفظياً، ترفض هذه الدول أن تكون “محايدة” بين “إسرائيل” والشعب الفلسطيني.
الموقف الروسي لم يصدر من العدم. فهو مبنيّ على قرار صادر عن محكمة العدل الدولية، عام 2004، يؤكد أن أي سلطة قائمة بالاحتلال لا تملك حق الدفاع عن النفس. وبالتالي، كان يمكن الدول العربية الموقعة على البيان تبنّي هذا القرار.
لكن تلك الدول (العربية) قررت منح “إسرائيل” حق الدفاع عن النفس، وهو المرادف، في حالتنا الراهنة، لتدمير قطاع غزة وقتل أهله وتهجيرهم.