الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تقود الحرب الإسرائيلية على غزة، من كافة النواحي.
هذه العبارة ليست تهمة من دون دليل. بل هي استنتاج توصّلت إليه “إسرائيل” نفسها، وصولًا إلى حد تحذير بعض الخبراء فيها من انكشاف حقيقة أن “إسرائيل” ليست سوى مستعمرة أمريكية، والأثر السلبي لذلك على قوة الردع الإسرائيلية.
“إذا نُظر إلى إسرائيل على أنها تعتمد على المساعدات والدعم الأميركيين، والأسوأ من ذلك – حتى في المجهود الحربي – فإن ذلك سيعزز ادعاءات أعداء إسرائيل بأن إسرائيل مستعمرة أميركية ووجودها يعتمد على المساعدات الأميركية. الأمر الذي سيضعف قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة وفي العالم”.
هذه الكلمات قالها عومر دوستري، الخبير الإسرائيلي في الاستراتيجيا والأمن العسكري والوطني في “معهد القدس للاستراتيجيا والأمن”.
قبله، كتب المعلّق الإسرائيلي يوسي يهوشع في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية (16-10-2023) أن “إدارة المعركة في غزة باتت تحت السيطرة الأمريكية الكاملة”.
ويوم الإثنين 23-10-2023، نشر الصحافي الإسرائيلي الشهير، باراك رافيد، في موقع “أكسيوس” معلومات حصرية كشف فيها أن الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت إلى “إسرائيل” مجموعة من ضباط مشاة البحرية، بقيادة الجنرال جيمس غلين، لمساعدة جيش الاحتلال في عمليته البرية المتوقعة في غزة. وهذا الجنرال يتولى منصبًا رفيعًا في مشاة البحرية الأمريكية، وكان حتى العام 2022 يتولى قيادة العمليات الخاصة فيها.
في الواقع، لسنا بحاجة إلى “شهادة” الصهاينة أنفسهم لنكتشف أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تقود الحرب على غزة.
أمريكا نفسها أعلنت (23-10-2023) على لسان الناطق باسم خارجيتها رفض أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، بذريعة أن المستفيد من ذلك سيكون حركة حماس!
رفض وقف إطلاق النار عبّرت عنه أيضًا وزارة الخارجية الألمانية، في موقف لم يعد مستغربًا صدوره من برلين التي تزايد على “إسرائيل” نفسها في تبرير قتل الشعب الفلسطيني.
ما الذي قدّمته الولايات المتحدة لـ”إسرائيل” منذ السابع من أكتوبر؟
عسكرياً:
- إرسال حاملتي طائرات أمريكية إلى شرق المتوسط، بهدف معلن هو ردع أعداء “إسرائيل”، وعلى رأسهم حزب الله في لبنان، ومنعهم من التدخل في الحرب.
- عشرات آلاف القذائف أرسلتها أمريكا إلى جيش الاحتلال.
- أكثر من ألف طن من المعدات العسكرية نقلتها إلى “إسرائيل” جوًّا.
- 14 مليار دولار طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن تقديمها لـ”إسرائيل” بصيغة مساعدات عاجلة، غالبيتها مساعدات عسكرية.
- إرسال أكثر من 2000 جندي أمريكي إلى فلسطين المحتلة لمعاونة جيش الاحتلال في حربه وردع أعدائه.
- إرسال ضباط من مشاة البحرية الأمريكي (المارينز) بقيادة الجنرال جيمس غلين لإدارة الحرب البرية على قطاع غزة.
- قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، الجنرال مايكل كوريللا، يزور فلسطين المحتلة “لضمان أن تحصل “إسرائيل” على ما تحتاجه”.
- توجيه التهديدات لجميع أعداء “إسرائيل” في الإقليم لمنعهم من دخول الحرب.
سياسياً:
- زيارتان لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، وزيارة لوزير الدفاع لويد أوستن إلى فلسطين المحتلة، لدعم حكومة الاحتلال.
- الرئيس جو بايدن يصل إلى فلسطين المحتلة صبيحة اليوم التالي لمجزرة مستشفى المعمداني في غزة، ويبرّئ جيش الاحتلال من المجزرة.
- مشاركة وزير الخارجية أنتوني بلينكن في اجتماع المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغّر، لاتخاذ قرار بشأن وجهة الحرب على غزة.
- إجراء الاتصالات مع حلفاء الولايات المتحدة في الوطن العربي والدول المجاورة لضمان وصول المساعدات العسكرية إلى جيش الاحتلال، والضغط لمنع صدور مواقف تنتقد الحرب على غزة.
- بيان رئاسي خماسي صدر عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا في التاسع من أكتوبر يؤكد “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
- بيان مشترك بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يؤكد “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
- بيان أمريكي – بريطاني – فرنسي – إيطالي – ألماني – كندي (23-10-2023) يؤكد “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. البيان صدر في ليلة شهدت أعنف الغارات الجوية الإسرائيلية على المدنيين في قطاع غزة، والتي أدّت إلى استشهاد أكثر من 400 مدني.
في الخلاصة:
هذه المرة، الموقف الأمريكي ليس ترخيصًا بقتل الشعب الفلسطيني وحسب، ولا مشاركة في قتله، بل قيادة العملية برمّتها. بعبارات واضحة تقول الولايات المتحدة الأمريكية لكيان الاحتلال: اقتل المزيد من الفلسطينيين، ونحن نرشدك إلى الطريقة المثلى لقتلهم.