لماذا وافقت حكومة الاحتلال على تزويد السلطة الفلسطينية بأسلحة وآليات مدرعة؟
الإجابة بلسان مسؤول إسرائيلي وآخر من السلطة الفلسطينية:
1- مصدر أمني إسرائيلي أكّد لصحيفة “معاريف” أن “نقل 9 مركبات مدرعة قدمها الأمريكيون للسلطة الفلسطينية هو مصلحة أمنية واضحة لإسرائيل”.
2- أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ قال إن السلطة – كما قوات جيش الاحتلال – غير قادرة على مواجهة “الخلايا المنتشرة” في جنين ونابلس وطولكرم، مما دفع الجانب الأمريكي إلى “تفهّم حاجات السلطة لاستخدامها في عمليات الاقتحام والاشتباك”.
ماذا نسنتنج؟
1- لا تمانع الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” تسليح السلطة الفلسطينية، إن كان هذا السلاح موجهًا ضد خلايا المقاومة في الضفة الغربية المحتلة.
2- وجود السلطة حاجة لـ”إسرائيل”، فهي يدها التي تصل إلى أماكن لا يُمكن للوحدات الخاصة الإسرائيلية الوصول إليها. السلطة أداة يعقد “المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغّر” (الكابينت)، اجتماعًا (9-7-2023) لإقرار مساعدات عاجلة لإنقاذها. كل هذا مقابل أداء أجهزة محمود عباس الأمنية لواجبها، بحماية المستوطنين عندما يتيهون ويدخلون الى الضفة المحتلة، أو لإحباط خلايا المقاومة قبل تنفيذ العمليات، أو إلقاء القبض على مطلوبين لا تستطيع اسرائيل الوصول اليهم.
لتأدية هذه المهمة، تحتاج السلطة للأسلحة، وهو ما توفره الولايات المتحدة الأمريكية وتوافق عليه “إسرائيل” بشرطين:
1- حصر استلامه بـ”بعض الأجهزة الأمنية الفلسطينية”، التي تضمن “إسرائيل” ولاءها؛
2- استخدامه في أنشطة مكافحة “الإرهاب”.
في هذا السياق تحديدًا، يأتي ما كشفته إذاعة الجيش الإسرائيلي (13-9-2023) عن أن حكومة الاحتلال وافقت على نقل أسلحة ومعدات عسكرية للسلطة بشروط، وذلك في إطار سلسلة من الخطوات لدعم السلطة الفلسطينية وتعزيز التنسيق الأمني معها. ونقلت الاذاعة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين أن “هذه الخطوة، ضمن سلسلة من المساعدات لتعزيز السلطة الفلسطينية، واستمرارها مشروط بأمرين:
1- عرض الإنجازات العملياتية للسلطة الفلسطينية (خاصة في جنين).
2- العودة الرسمية للتنسيق الأمني مع إسرائيل”.
بحسب الإذاعة العبرية، فقد تضمنت الصفقة آليات مصفحة وما لا يقل عن 1500 قطعة سلاح، منها بنادق M-16 المعززة بمناظير الليزر وبعض بنادق الكلاشنيكوف.
هذه الاسلحة والمدرعات طلبتها السلطة الفلسطينية منذ أكثر من عام، إلا أن “إسرائيل” رفضت الطلب. وجاءت الموافقة عقب قمتي العقبة وشرم الشيخ (آذار الماضي)، اللتين عقدتا بطلب أمريكي لتهدئة الأوضاع الأمنية في الضفة.
لماذا نهتم بهذا الخبر؟
لأن الدعم الإسرائيلي والأمريكي للسلطة يأتي في سياق الترتيبات التي تقوم بها الولايات المتحدة في العالم العربي، لضمان “دمج إسرائيل في محيطها”.
تحقيق هذا الهدف غير ممكن من دون “هدوء” الأراضي الفلسطينية المحتلة. فهذا “الهدوء” يعني القبول بكل المشاريع الأمريكية – الإسرائيلية التي تُنفّذ لتوجيه ضربة نهائية للقضية الفلسطينية، من خلال إسقاط حق العودة نهائيًا، وتحويل الضفة الغربية المحتلة إلى “أرض إسرائيلية”.
ولضمان هذا “الهدوء”، تضطر “إسرائيل” وأمريكا إلى الاستعانة بأجهزة السلطة، ودعمها من حين لآخر ماليًا وتسليحيًا.
ماذا قالوا؟
رغم أن نقل الأسلحة والمركبات المدرعة إلى السلطة “مصلحة أمنية واضحة لإسرائيل”، بحسب مسؤول أمني في كيان الاحتلال، فقد أثارت هذه الخطوة غضب عدد من أعضاء حكومة بنيامين نتنياهو.
إذ كشفت صحيفة “إسرائيل هايوم” (13-9-2023)، ما وصفته بـ”تفاصيل مذهلة من اجتماع الكابينت الذي عُقد في اليوم السابق: عرض (وزير الأمن القومي الإسرائيلي) إيتمار بن غفير في الجلسة تقريراً نشرته صحيفة “إسرائيل هايوم” بشأن توريد الأسلحة والمعدات إلى السلطة الفلسطينية، وتساءل: من وافق على ذلك؟ ردّ عليه مسؤولون من المؤسسة الأمنية: هذا قرار تمت الموافقة عليه في كانون الثاني 2022. قال نتنياهو في الجلسة: لا علم لي بهذا. وقال وزير الدفاع غالانت: أنا ليس لي صلة، هذا ليس قراري”.
وتسببت عملية نقل السلاح إلى السلطة بحسب، القناة السابعة العبرية بغضب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي “لم يكن على علم بنقل الأسلحة والعربات المدرعة إلى السلطة، وعقد جلسة خاصة بسبب تسليم الأسلحة للسلطة الفلسطينية من دون علمه”.
وفي تغريدة على موقع اكس قال بن غفير: “سيدي رئيس الوزراء إذا لم تتعهد بأن ما يتم تداوله حول نقل معدات عسكرية إلى السلطة الفلسطينية هي أخبار غير صحيحة، فستكون هناك عواقب لهذا، وإذا كنتم تنوون التحول إلى حكومة أوسلو 2 فيرجى إبلاغ وزيركم والجمهور وسنتصرف وفقًا لذلك”.
بعد ردود الفعل من وزراء اليمين الإسرائيلي سارع وزير الأمن يؤاف غالانت إلى التنصل من المسؤولية وأصدر بيانًا قال فيه: “منذ توليت منصبي وزيرًا للجيش، لم أوافق ولم أقم بنقل أسلحة أو معدات إلى السلطة الفلسطينية، وأي محاولة لتقديم الأمور بطريقة مختلفة هي كذب صارخ”.
مكتب نتنياهو برّر هذه الخطوة بأنها “بقايا قرار صدر من أيام (رئيس الحكومة الاسبق) نفتالي بينيت”. وخرج نتنياهو في تسجيل فيديو قال فيه: “نقلنا للسلطة الفلسطينية عددًا من العربات المدرعة لتحل محل مركبات مدرعة أخرى أصبحت قديمة، هذا ما فعلناه، لا دروع، ولا دبابات، ولا بنادق كلاشنيكوف، ولا شيء، لذلك من الجيد أن نكشف هذه الكذبة”.
هل وصلت الأسلحة؟
نقلت الأسلحة والمدرعات الأسبوع الماضي من قواعد أمريكية في الأردن، عبر جسر اللنبي.
وقال مسؤولون فلسطينيون لصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، ان السلطة تسلمت يوم الخميس الماضي (7-9-2023)، مدرعة واحدة تم جلبها براً من الأردن وأنواع مختلفة من التجهيزات والأسلحة، مثل كلاب كشف المتفجرات، وسائل تفريق مظاهرات هراوات وقنابل صوت وغاز مسيل للدموعة.
وبحسب الصحيفة العبرية ستستخدم هذه الأسلحة والعربات المدرعة من قبَل جهازي الأمن الوقائي والأمن الوطني والشرطة لفرض ما اعتبرته السلطة “القانون والنظام في المناطق الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية”.
وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والمسؤول عن التنسيق الأمني مع الاحتلال “الاسرائيلي” حسين الشيخ أن السلطة – كما قوات جيش الاحتلال – غير قادرين على مواجهة “الخلايا المنتشرة” في جنين ونابلس وطولكرم، ممادفع الجانب الأمريكي “لتفهم حاجات السلطة لاستخدامها في عمليات الاقتحام والاشتباك”. الاشتباك الذي يتحدّث عنه الشيخ هو بطبيعة الحال مع كتائب المقاومة الفلسطينية في الضفة وتحديدًا جنين.
في السياق نفسه، ترأس رئيس السلطة محمود عباس، بحسب صحيفة “القدس” (12-9-2023)، اجتماعات عدة في مقر الرئاسة في رام الله، في الأسبوعين الماضيين، طالب فيها بضرب الخلايا المسلحة “بيد من حديد” لأنها تعمل على إضعاف السلطة وإظهارها أمام الجانبين الأمريكي والأوروبي بأنها عاجزة، على الرغم من اعتقالها عددًا من الشبان في مناطق الضفة لتنفيذهم عمليات ضد الاحتلال.