رغم مرور أكثر من عقدين من الزمن على تدمير مسار التسوية الإسرائيلي – الفلسطيني الذي تُوّج باتفاق “أوسلو” عام 1993، ورغم انسداد أفق مسار التسوية الإسرائيلي – العربي الذي انطلق في “مؤتمر مدريد للسلام” عام 1991، لا تزال الهزات الارتدادية الناتجة عن هذين الزلزالين تحدث حول العالم. فهذان المساران ساهما في أكبر حملة لتحسين علاقات كيان الاحتلال مع الكثير من دول العالم التي كانت ترفض إقامة علاقات طبيعية مع “إسرائيل”. فيتنام هي واحدة من تلك الدول، التي لم تُقِم علاقات دبلوماسية مع كيان الاحتلال قبل العام 1993، ولم تعيِّن سفيرًا دائمًا لها في تل أبيب قبل العام 2009. لكن، مع مرور الوقت، تطورت العلاقات الثنائية إلى حد أن وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، أعلن يوم 16-8-2023 أثناء زيارته لڤيتنام، أن خط طيران مباشر بين مطارات كيان الاحتلال في فلسطين وعاصمة فيتنام هانوي، سيفتتح في بداية شهر تشرين الأول 2023.
وأضاف بركات أنه “سيتم إلغاء ضرورة ذهاب المواطنين الإسرائيليين إلى السفارة الفيتنامية قبل السفر لإصدار تأشيرة مكتوبة وستحل محلها تأشيرة إلكترونية”، معتبراً أن هذا “إنجاز تاريخي مهم”.
وفي أواخر تموز 2023 وقّعت “إسرائيل” اتفاقية للتجارة الحرة مع فيتنام، وذلك في مراسم احتفالية بمرور 30 عامًا على العلاقات بين الجانبين. وهي ثاني اتفاقية تجارة حرة يُنجزها كيان الاحتلال مع دولة في شرق آسيا، بعد كوريا الجنوبية.
وتعززت العلاقات التجارية بين هانوي وتل أبيب، حتى بات كيان الاحتلال ثاني أكبر مصدّر للأسلحة إلى فيتنام بعد روسيا.
أبرز صادرات فيتنام إلى “إسرائيل” الهواتف الذكية والأحذية والمأكولات البحرية، بينما تستورد منها إلكترونيات وأسمدة ومعدات عسكرية.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين أكثر من مليار دولار سنوياً.
صحيح أن العلاقات الفيتنامية – الإسرائيلية جزء من سياسة هانوي الرامية إلى تعزيز علاقاتها على دول الغرب، بسبب التوتر القائم بين فيتنام والصين، لكن لا يمكن إغفال أن المسؤول الأول عن نشوء هذه العلاقة هو مسار “الحل السلمي” العربي – الإسرائيلي مطلع تسعينيات القرن الماضي، وهو ما ينطبق على عدد كبير من دول الجنوب العالمي.