قراءات التّطبيع: الطّبعات غير المنجزة
تفترضُ هذه المقالة أنّ التّطبيع مع “إسرائيل” ليس حاجةً أحاديّة الجانب، يُمليها – فقط – التّفوّقُ الكولونياليّ للكيان الصّهيونيّ، بل إنّ التّلاقي الودود مع هذا الكيان، والتّوقيعَ العلني معه على اتّفاقات “سلام”، أو الانسحاب نحوه بأيّ شكلٍ تطبيعيّ – استسلاميّ آخر؛ هو مآلٌ عقلانيّ مقصود، ونتيجة سياسيّة “منطقيّة” تتبلور على الأرض بعد أنْ تكتمل الحاجة المتبادلة بين الجانبين (سنُطلق عليها مصطلح التّبادليّات المتناظرة). لا يتمّ ذلك، بالضّرورةِ المطلقة، على طريقة الخيانة الاجتماعيّة لـ”البرجوازيّة الوطنيّة” (فرانز فانون[1])، بل في الغالب وفق إعادة التسيُّد والتّحبيك السّلطويّ والذي تسوِّي فيه الأنظمة المطبِّعة، والكيان الصّهيونيّ بالتّوازي، المعضلة المزدوجة: شرعيّة الوجود (مشروعيّة التّسلُّط)، وشروط البقاء (الاستمراريّة الآمنة).
ليس التّطبيعُ مجرّد تدرّج قهريّ نحو “السّلام الأقصى” وفق التّرسيم الذي اجترحه موشي ديان[2] للمسار الافتراضي الذي تكون فيه “الحدود مفتوحة بغير قيد” مع العرب (على نحو ما يحصل بعد اتفاقات أبراهام ٢٠٢٠)؛ إنّما هو ساحةٌ رخوة لمجابهةٍ مفتوحة، تنعكسُ فيها/ منها ظواهرُ صراع الهويّات (أنيس النّقاش[3])، ليُعيد هذا الصّراعُ دورته المركّبة من التّحوُّر والتّكرار داخل بنيّةِ الكيانات والسّياسات، ويُنتج بعدها، في كلّ حين، صيغًا وأدواتٍ جديدة في الهجوم والدّفاع، ومنها ذلك النّسيج العمليّاتيّ الذي يُغري الكيانَ السّياسيّ (المصْطَنع/ المُطبِّع) بحاجةِ التشبُّه (التزوُّد) بالسّرديّةِ الصّهيونيّة والتّطابُق (الاحتفائي) مع طابعها الاستعماريّ – التّدميريّ إزاء الآخرين (السّكان الأصليين).
هذا الافتراضُ يذهبُ، في أبعادٍ أخرى، إلى فوائد إعادة النّظر في المقاربة النّضاليّة الرّائجة حول المشروع الصّهيونيّ، وتحريرها من الإحالاتِ الملتبسة بالفضاء الكولونياليّ نفسه، من قبيل ربْط “التّطبيع”، من حيث النّشأة، بزيارة السّادات إلى القدس المحتلّة، واعتبار التّطبيع الجاري اليوم طبعةً واحدة (متدحرجة من النّموذج المصري أو الأردنيّ) يتمّ استنساخها، بعبثيّة، من “أعلى” بين وقتٍ وآخر، وفرْضها على الشّعوب التي تقفُ مكتوفة الأيدي تارة، أو تتعاطى مع الأمر تحت تأثيرِ منطق “ضرورات الأنظمة وخيارات الشّعوب” تارةً أخرى (محمّد مهدي شمس الدّين). عدا عن ذلك، فإنّ الالتباس الأكبر هو في إحالة التّطبيع إلى أرومة تفسيريّة أحاديّة، مثل الاستبداد، وحياكة الموضوع من مقولة أنّ جذور الاستبداد العربي هي التي تُفضي إلى “التّدجين” و”تطبيع العرب”، وتحويل المطبّعين إلى “عبيدٍ” تحت إمرة “مجموعةٍ من المستبدّين”، (إلياس خوري[4]). إنّ هذا التّقطيع الجواهريّ في قراءة التّطبيع وتعليله، سيظلّ قاصرًا عن تبيان الذّهول الذي رافقَ كثيرين تجاه القطار السّريع الذي التحقت به أنظمةُ الخليج العربيّة، والمتوجّه إلى تل أبيب.
التّطبيع: المفهوم الآخر
ابتكر العقلُ “الإسرائيلي” مفهومَ التّطبيع (محلّ الكلام، وليس المعنى الوارد في المعجم الصّهيوني الخاص[5]) تحت غطاء ما تسمّيه الأدبيّاتُ الصّهيونيّة بـ”طبيعة السّلام”، أي بما يتناسبُ مع الإسرائيلييّن في إدارةِ الصّراع. تلبّسَ هذا المفهوم بمعاني مختلفة عبر الزّمن، ولكنّه في مرحلة “ما بعد الصّهيونيّة”، وفق تعريف عبد الوهاب المسيري[6]، بدأ يجرّب استعمالات أخرى “أكثر صهيونيّة”، في مفارقةٍ تاريخيّة غير مستغربة في التّاريخ الاستيطاني، وبات التّطبيع يُضفي على المشروع الصّهيونيّ الرّاهن دوافعَ إضافيّة – وعالية القسوة – لتحفيز منظومة الاستعلاء الكولونياليّ التي تُعنى بالسّيطرةِ والاستملاك العدواني من جهة، وتوسيع نطاق الرّوايات المؤسطرة من جهةٍ أخرى (لذلك، نفهمُ كيف تصاعدَ، بعد اتّفاقات أبراهام، حجمُ تدمير الأرض وبناء المستوطنات، وقتل الفلسطينيين، والتمدّدات العدوانيّة خارج الحدود).
يتولّى التّطبيعُ دورًا فعّالًا في تشغيل ألوان متعدّدةٍ من التّضليل والهيمنةِ وصناعة القصص الكاذبة، لأنّ المشروع الصهيونيّ لا يقتصر على الأعمال المباشرة ضدّ الأرض والسّكان في النّطاق الاحتلاليّ الذي يتحرّك فيه/ عليه (فلسطين المحتلّة)، ولكنّه يستجمعُ دعائمَ أكثر حيويّة من خارج هذا الحيّز المكانيّ المحاصَر. يتأكّد ذلك مع التنبُّه إلى أنّ الإسعافات التي تقدّمها الدّولُ الاستعماريّة الكبرى (بريطانيا، الولايات المتّحدة في ما بعد)، وكذلك الانتشار اليهوديّ في العالم؛ لم تعد كافية لتأديةِ تلك الحاجة الخارجيّة في الإنعاش، ولسببٍ واضح، وهو أنّ المشروع الصّهيونيّ سيظلّ نتاج تطوّر جدليّ غير محدود، وتؤثّر عليه المتغيّرات داخل المجتمع/ الكيان الصّهيونيّ (تركيبة المجتمع، تغيّر أجيال الضّباط، وتداخل الأحزاب الإسرائيليّة وصراعاتها)، والآثار العميقة التي تراكمها المقاوماتُ المتعدّدة الأشكال.
ولذلك يجدّد المشروعُ الصّهيونيّ نفسَه باستمرار، ويبدو على الدّوام في تنقيبٍ متواصلٍ عن أسباب القوّة وأدوات التّحايل والإخضاع. إنّ التّطبيع، استنتاجًا من ذلك، هو طورٌ من أطوار تمدُّد المشروع الصّهيونيّ خارج حدوده المعهودة، وتكمن خطورته في أنّه يرفد موادّه الأوليّة من الأطراف المطبِّعة معه، ويتزوّد منها بمستلزمات التّغطية على هزائمه وفواحشه غير المحتملة، ويعطي في المقابل ما يحتاجه المطبّعون من حاجات ٍمماثلة على صعيد ترميم الشّرعيّة، والإنقاذ من الانحدار الدّاخلي، وخطر الابتلاع المفترض من الدّول المجاورة، أي بما يؤدّي، في خاتمة المطاف، إلى تحويل الأطراف المطبّعة إلى مَجازاتٍ صهيونيّة مصغّرة. لا يعني ذلك – كما تؤكّد نتاجات التّطبيع الجارية – أنّ تبادل الحاجات يتمّ على قدمٍ واحدة، فهي متناظرة من حيث الحاجة الوجوديّة، ولكنّها متخيّلة في محتوى الدّعايةِ ونسق خطاباتها التّرويجيّة.
الالتباس الأكبر هو في إحالة التّطبيع إلى أرومة تفسيريّة أحاديّة، مثل الاستبداد، وحياكة الموضوع من مقولة أنّ جذور الاستبداد العربي هي التي تُفضي إلى “التّدجين”
وقد نشأ هذا المفهومُ الوظيفي للتّطبيع، أوّل الأمر، في سياق الإصرار الفوقيّ المتولِّد من عدم التّخلّي الصّهيونيّ عن خرائط التّطهير العرقي، والأساطير التّأسيسيّة، والمفاعيل الاستيطانيّة الممتدّة. وكما يقول إيلان بابيه؛ فقد تمّ – منذ البدء – استبعاد قضيتي “النّكبة واللاجئين دائمًا عن جدول أعمال السّلام”[7]، تأسيسًا على إنكار إسرائيليّ مستمر حتّى الآن، يضيف بابيه، لـ”الجرائم التي ارتُكبت سنة ١٩٤٨”، والتّحايل الصّهيونيّ المتعمَّد بإرجاع الصّراع مع العرب حصْرًا إلى العام ١٩٦٧. إنّ إخلاء التّطبيع وخطط “السّلام” من الأسئلةِ الأخلاقيّة عن جرائم “إسرائيل” – والتي تضربُ وجودها ومستقبلها – ينبئ بوضوح عن تحفّز متجدّد لتفريع فصول الرّواية الصّهيونيّة، بما يُسعِف على استدراج الفلسطينيين والعرب إلى الاعتراف بـ”إسرائيل دولةً يهوديّة؛ أي إقرار جميع السّياسات التي اتّبعتها إسرائيل في الماضي للمحافظة على أغلبيّة يهوديّة بأي ثمن – حتّى بتطهير عرقي”[8]، ليخلص بابيه من ذلك إلى تسجيل النّتيجة التي يُقوِّيها التّطبيعُ الرّاهن، وهي تأييد “إسرائيل القلعة، أعتى عقبة في الطريق إلى سلامٍ في أرض فلسطين”.
التطبيع الخليجي: هويّات وعلاقات متعدّدة
تختصر كتابة فوّاز طرابلسي[9] الفهمَ السّائد للتّطبيع الخليجي، حيث تُدار السّرديّة المُكرّرة وفق المفاتيح التّفسيريّة التّالية: التّكريس الأمريكي لقاعدتي نفوذها في المنطقة: “إسرائيل” والنّفط – تلاقي اليمين الإسرائيليّ مع اليمين الأمريكي – الانسحاب أو التّموضع الأمريكي في المنطقة (أفغانستان والشّرق الأوسط) – مقتضيات المنافسة الأمريكيّة مع الصّين وروسيا – القلق الخليجي المزمن من إيران وسُبل الحماية الأمنيّة لدوله – البدائل الجديدة للاستثمار ووعود الاقتصاد الإسرائيلي. كلّ ذلك، ولا شكّ، له إسهامه في تفسير التّطبيع الهائل/الهائج في الخليج، وبيان أهدافه الممكنة، ولكنّها تبقى مشغولة، إلى حدودٍ كبيرة، بالرّؤية الخارجيّة (الجيوسياسيّة)، ويغيب عنها الجانبُ الآخر من القصّةِ المركّبة داخل البيت الخليجي المتنافس عليه.
عُمان: القابليّة للتّطبيع
لإيضاح التّفاوت الهويّاتي للتّطبيع الجاري لدى الأنظمة في منطقة الخليج، فمن المفيد إمعان النّظر في الباكورة التّطبيعيّة التي دشّنتها سلطنة عُمان، ورغم أنّ الأخيرة لم تجهر حتّى الآن باتفاقاتٍ علنيّة مع “إسرائيل”، ولكنّها فعّلت أعلى مستويات التّطبيع، وأبكره. يمكن مرْحلة السّياق مع القضاء على ثورة ظفار (١٩٧٥)، واستقطاب قادة الاحتجاجات المحليّة، وإجراء تحسينات في إدارة السّلطنة، لتنتقل مسقط بعدها إلى ضفّةٍ مغايرة على المستوى الدّاخليّ، وفي العلاقاتِ الخارجيّة. بمرونة مقيّدة مع المتغيّرات الإقليميّة؛ تقلّصت بقايا المشروع السّلطانيّ (ومنزعه الإمبراطوري)، وتحوّل إلى دبلوماسيّةِ الحضور والغياب الهادئة، وتأدية أدوار الوساطة والمراسلات، والمهام الخدميّة الوسطى بين المتنازعين، مع الإبقاء على التّبعيّة المنسوجة بالاستشارة الأجنبيّة العريقة (الارتباط الإمبرياليّ)، حيث لم يكن للقوى الاستعماريّة أن تترك الجيوبوليتك العُماني (بحر العرب، ومضيق هرمز) دون هندسةٍ صارمة وبيد نظامٍ موثوق به.
هذا الاستواء الدّاخليّ النّسبي، والرّضى العميق بالدّور الخارجي المناط بعُمان؛ قُدِّر له أن يُحاط باستتبابِ الهويّات العرقيّة والمكوّنات المتعدّدة التي تميّز تركيبة البلاد وتحت ظلال الإطار الدّيني الغالب: الأباضيّة (بما هي تشكيل مذهبي واجتماعي براجماتي)، وكان لهذه الحصيلة مجتمعةً أنْ جهّزت لمسقط “قابليّة التّطبيع” مع الكيان الصّهيونيّ، ليس على منوال “القابليّة للاستعمار” (مالك بن نبي)، بل بما هو أكثر تلقائيّة وإرادويّة من ذلك، على نحو ما تشي به العبارة التّقليديّة في وصف الدّبلوماسيّة العُمانيّة: الحياد. فعُمان الجديدة تحتاجُ إلى تأكيد وظائفها المستجدّة والتّباهي بها، وهي معنيّة بتتبُّع الصّراعات التي تسبحُ في المنطقة، ليسهُل التوسّط فيها أو تسهيل الوساطات حولها. وإذا كان الأرشيف الإسرائيليّ، لأسبابٍ معروفة، لا يُتيح معرفة بدايات العلاقة بين الجانبين، إلاّ أنّ المؤكّد أنّها تتجاوز ما هو معلن اليوم، وبالقدر الذي يحكيه التّطبيع الذي شهدته السّنوات الحرجة في تاريخ الصّراع مع “إسرائيل”، فكانت عُمان الدّولة الخليجيّة الوحيدة التي رفضت مقاطعة النّظام المصري بعد توقيع اتفاقيّة “السّلام” (١٩٧٩)، وتوالى القادة الإسرائيليّون (رابين، بيريز،… نتنياهو) على زيارة مسقط في العلن (١٩٩٤- ٢٠١٨)، إضافة إلى الشراكات الأمنيّة، واتفاق تحليق الطائرات الصهيونيّة في الأجواء العُمانيّة، وسلسلة الاتفاقات الاقتصاديّة والتّبادل التّجاري.
الكويت: فاعليّة الفلسطيني وخصوصيّة دولة الرّفاه
في الكويت، ثمّة جداليّات (داخليّة وخارجيّة) عميقة تشابكت مع منظومة حكم آل الصّباح، وأتاحت أكبر المساحات للانتشار الفلسطينيّ، والذي تمدّدَ في هذه الدّولة الخليجيّة لأسبابٍ موضوعيّة وتاريخيّة، كما ثبّتها اللّجوء الفلسطينيّ الأكبر بعد الأردن ولبنان[10]، وإلى ما قبل حرب “تحرير الكويت” (١٩٩١). الأكثر من ذلك؛ أنّ التعلّق الكويتي بفلسطين أخذ عمقه الأوسع بصحبةِ الحضور القياديّ للكويتيين في حركات التحرّر العربيّة وبزخمها المركزي حول فلسطين، ما أسهمَ في إحضار القضيّة الفلسطينيّة ومحتواها المقاوم داخل الفضاء الكويتي العام، فيما تولّت النّخبة المتعلّمة تسريب ذلك في أروقةِ الأمراء وبحدودٍ كبيرة. كان لمناخ الحريّات العامّة، وتوازنات الانتماء المذهبي، والحيويّة السّياسيّة والحزبيّة للشّارع الكويتي؛ دوره الآخر في دمغ الموضوع الفلسطينيّ في الحراك الاجتماعيّ العام، وتحريكه في صُلب القرار السّياسي للدّولة، برافعةٍ من الأدوار اللاّمعة للفلسطينيين في مؤسّساتِ الدّولة والمجتمع، وفي نواحي الثقافة والفنّ والسّياسة.
يختصر ذلك، وتجميعًا لحشْدٍ من الصّور الكاشفة؛ روحانُ ياسر عرفات في هذه البلاد واستنباتها لحركة “فتح”، ونزولها من جورج حبش لاكتشافِ الولادات النضاليّة الموعودة، ونشأة خالد مشعل في مدارسها وجامعاتها، وتفجُّر عبقريّة ناجي العلي في صحفها وإعلامها، وضلوع شفيق الغبرا في تفاصيل السّياسة الكويتيّة. في ملحقٍ علائقيّ آخر؛ كان لقسوةِ الطّقس الصّحراويّ أثره الاعتباريّ المرّ، كما وصفَ غسّان كنفاني فترة إقامته في الكويت، وكذلك كان للتّقسيم الفوقيّ، والعنصريّ أحيانًا، مضاضةٌ لا تُطاق، إلاّ أنّ الخيارات الميسورة في المعيشة والإقامة كانت فرصةً لتخفيف وطأة الشّتات وفقدان الأرض، وسهّل ذلك ما امتاز به اللاجئون الفلسطينيون – وبمفعول عكسيّ للنّكبة – من جدارة الانخراط في البُنى المحليّة، بما يفوق بقيّة الجاليات في الكويت[11]. خلاصة الأمر، وبالنّظر إلى السّياق التاريخي لنشأة الدّولة، ومع التّمايز الذي آلت إليه أسرة آل الصّباح في علاقاتها الخارجيّة، وتفاهمها مع خزّان القيادات التي ارتبطت بتدشين ولادة النّضال الفلسطيني؛ فقد كان من الطبيعي أن تتشكّل الكويت بهوى فلسطينيّ بعيد المدى، ما حالَ دون تبديد هذا الهوى إلى أشلاءٍ مفتّتة لحظة التباس الموقف الفلسطيني، العبثي، خلال حرب الخليج، وما تلاه من خروجاتٍ وترحيلاتٍ جماعيّة للفلسطينيين.
السعودية: في انتظار الهضمة الكاملة للتّطبيع
كان من المستبعد أن تبقى الكويت، حتّى اليوم، على ممانعتها في وجه الطّبعات التّطبيعيّة المتتالية لولا هذه التّركيبة المتداخلة من العلاقات والتّأثيرات التّحسينيّة، وهي قيمة بنيويّة أسعفت الكويت على عدم ابتلاع التّلاعبات المبرمجة، المسمومة، التي حيكت ضدّ صيغتها التفاوضيّة مع الدّاخل، وغير بعيدٍ عن التربُّص السّعوديّ التّاريخي للدّولةِ الأوسع (الأوحد فعليًّا) ديمقراطيًّا في مجلس التّعاون الخليجيّ، الذي تراه (أي المجلس) الرّياض بيتها الكبير (مزرعتها الوافرة) الذي تتولّى شؤونه، ورعايته، وتوزيع الأدوار بين أعضائه، وتأديبهم إذا استلزم الأمر. وإذا صحّ ذلك أم لا؛ فإنّ السّعوديّة تفعل ذلك بلا وَجل أو قلق من ردودِ الأفعال، لامتلائها الطّاغي بأدوار “الأخ الأكبر”، ما يجعل مخاطر التّطبيع، الظّاهر منها والباطن؛ دائرةً مدار القبول السّعوديّ، ووفق إشعاراتها وإشاراتها، وتاليًا فإنّ مقاومة التّطبيع تكون معرّضة للتّهديد الأكبر كلّما سوّت الرّياض طبختها “الدّاخليّة” لالتقاط التّطبيع، وهضْمه بارتياح، وهو ما قد يكون على وشك الاكتمال مع توالي استقبال المسؤولين الإسرائيليين في السّعودية.
كان من المستبعد أن تبقى الكويت، حتّى اليوم، على ممانعتها في وجه الطّبعات التّطبيعيّة المتتالية لولا هذه التّركيبة المتداخلة من العلاقات والتّأثيرات التّحسينيّة
إنّ السّعوديّة، وفي نسختها الحالية؛ تفيدها هويّةُ التّطبيع الهائمة والعائمة في دول الخليج، لأن ذلك يُتيح تسهيل وقوعه وتوقيعه من طرف النّظام الذي يحتكر تمثيلَ بلاد الحرمين الشّريفين. ولأجل ذلك، استفادت الرّياض، بأقصى ما يمكن، من التّجربةِ العُمانيّة المتعدّدة الأهداب والأهداف، كما دوّرت (من التّدوير) الدّروسَ المستفادة التي تجمّعت لدى أبو ظبي. فليس بعيدًا كلّ ذلك عن رؤية محمد بن سلمان حول “الحداثة السّعوديّة”، وتقطيع أوصال الاتصال بجذور نشأةِ الوهابيّة السّعوديّة، وهو متواز أيضًا مع مسار التهدئة مع إيران، وتشذيب المشاريع الإقليميّة المنافسة، والبحث عن قاطراتٍ غير تقليديّة للدّخول في “موجات ما بعد العروبة”، بما هي تشكيل هويّاتي غير متجانس من التّحديث المادي المستورد، والرّفاه الدّنيويّ غير المقنّن، وسيولة التشبّه بالثقافات المهيمنة، ومعاداة حركات التحرّر في كلّ مكان. وهذا التّشكيل الغرائبي هو – بين أشياء أخرى – ما يجمع دولَ الخليج ومشيخياتها الدّيكتاتوريّة، كما أنّ تنوُّعَ هذا التّشكيل وتكاثره، وتمايزه؛ يتجادل مع التّطوّرات الدّاخليّة لهذه الدّول، وبينها مفاعيلُ الحراكات المحليّة ومدى استمراريّة (وجديّة) قوى التّحرُّر الوطني في انتزاع السّيادة والاستقلال عن المشاريع الاستعماريّة. سيكون مفهومًا، هنا، كيف أنّ مقاومة التّطبيع في الخليج – على وجه الخصوص – لا يقتصر إدراكها عن أنّها فقط استبسالٌ شعبيّ ووطني في التّضامنِ مع فلسطين المحتلّة، وشعبها المظلوم، ومقاومتها المحقّة، بما يُقدّمه ذلك من معاكسةٍ لخيارات الأنظمة في التّطبيع، ولكن مقاومة التّطبيع هي أيضًا إحدى الوسائل المُنْسَابَة (المتحايلة على إجراءات القمع) لإظهار الرّفض العمومي ضدّ الأنظمة الخليجيّة التي تعاني من نقْصٍ ونقض كبيرين في المشروعيّة الشّعبيّة، كما أنّها محاولة خطابيّة – أقلّ كلفة – لدرء الهويّات الخارجيّة التي تجتاحُ الهويّة/ الهويّات المحليّة، والاحتجاج من ذلك على البوّابات النيوليبراليّة المُشْرَعة وامتدادها الإمبرياليّ في الخليج، لما تنشره من مضار فاتكة باستقرار الطّبقات الوسطى والارتياح المعيشيّ لغالبيّةِ المواطنين.
قطر: مشروع خاص بمخزون فلسطيني
تحت تأثير حاجةِ التّعويض عن النّواقص التّاريخيّة؛ استطاعت دولة قطر، بذكاءٍ غير فرديّ، أن تكوِّنَ مشروعَها الخاص في العلاقةِ مع الفلسطينيين، وفي استجماع القضايا العادلة ذات الصّلةِ بفلسطين المحتلّة بما تمثّله من قيمةٍ مركّبة، تاريخيّةٍ ومعاصرة، يتنافسُ عليها الطامحون في ترميم إشكالاتهم التّاريخيّة، وإشغال الفراغ الإقليمي، وتحصيل الحضور داخل حلبات الهويّات والمشاريع الكبرى، مع ما يُكسبه ذلك من علاجاتٍ مستجدّة لتأمينِ مشروعيّات تعويضيّة (تعويض/ تغطية مشروعيّة الحكم، ومشروع التوسُّع؛ بمشروعيّة الدّفاع عن فلسطين وشعبها). لقد كانت موجةُ الاجتذاب الجديدة للفلسطينيين إلى قطر محكومةً في البداية بحاجتين، الأوّلى: تلقيح بيوتات الخبرةِ والمشورة المحليّة، والثّانية: توفير التّوازن في لعبةِ قطر التّطبيعيّة. مع النّمو “الغازي” للدّوحة؛ ارتفع منسوبُ هاتين الحاجتين. فكانت الوفرةُ في المستشارين الفلسطينيين، ومن الطّراز الرّفيع، مصحوبةً بإتّقان مشهودٍ في لعبةِ التّوازن بين التّطبيع والتّخفّف منه (وليس مقاومته)، بين الإبقاء البيّن على مظاهره وأشكاله في البلاد، وعدم التّفريط في تجميع الأصوات الأخرى (وليس الصّوت القطري) التي تزلزل “إسرائيل” وتقاومها.
لا يختلف النّموذجُ القطري عن الحالة العُمانيّة في شأنِ تبيئة التّطبيع؛ إلّا باختلاف الهويّات الدّاخليّة في هذين البلدين، والتّباين في مكوّناتهما الاجتماعيّة وسيرورتهما التّاريخيّة. فإذا كانت مسقط بمنأى عن التورّطات الخارجيّة ومناطق الصّراع، بسبب استوائها الدّاخلي، ومكوّنها الأباضي البراغماتي، وارتضائها بدور الحياد الوسائطي؛ فإنّ الدّوحة تظلْ عاجزة عن كفّ يديها عن التدخّل الخارجيّ، لأنّها تنسابُ مع طريق المدّ والتمدّد (مثل ثروتها الغازية) في معالجةِ عقدها التّاريخيّة وتوتراتها البنيويّة، بتأثير من بنيتها الوهابيّة ذات الوشاح الإخواني (اتّحاد علماء المسلمين)، والتي تجعلها مشدودة نحو التوسُّع، والبحث عن الأدوار الدّراميّة. وهي في ذلك في شبهٍ أكبر بأبو ظبي، مع فارق جوهري وهو أنّ المشروع الإماراتيّ في التّوسُّع يختار أن يتخلّق بمنظومةٍ هويّاتيّة متحرّرة من التّصلُّب السّلفي، وبانسياقٍ مع التّوجّه الرّسمي (مجلس حكماء المسلمين)، ولهذا كان اختلاف التّطبيع في هاتين الحالتين.
يتحرّك التّطبيعُ مع “إسرائيل” بحريّةٍ في مسقط والدّوحة وأبو ظبي، مع احتفاظ كلّ عاصمةٍ خليجيّة بطرائقها الخاصّة في إظهار التّطبيع، وفي تصديره. ستظلّ هذه الدّول في تنافسٍ محموم على وظائفها (المختارة، وتلك المفروضة عليها)، والتصادم بينها في ابتكار تلك الطّرائق، مع إيقاع حيويّ لا محيد عنه تحدّده معادلاتُ السّعوديّة في التّطبيع، من ناحية، وقدراتُ الكويت المتبقيّة في الثّباتِ على مقاومة التطّبيع الرّسمي. أمّا البحرين، الدّولة الخليجيّة الأصغر في الخليج، فتقدّم حكاية أخرى.
البحرين: الخدمات (التبادليات المتناظرة) مع “إسرائيل”
ما أميط عنه اللّثام حتّى الآن يكاد يكفي، وإلى حدودٍ كبيرة، لاستنتاج الحجم الهائل ممّا يمكن وصفه بالتبادليّات المتناظرة بين “إسرائيل” والنّظام الحاكم في البحرين. يُسارع نظامُ البحرين في بناءِ العلاقة مع تل أبيب، بوتيرةٍ تنمّ عن توجّهٍ ممنهج ومدروس لصياغةِ اندماجٍ هويّاتي غير مسبوقٍ مع الكيان المحتل. إنّ مظاهرَ جانبيّة من ذلك يمكن ملاحظتها في زيارة وزير خارجيّة الكيان الصّهيوني للبحرين (٤ سبتمبر/ أيلول ٢٠٢٣م)، وافتتاح السّفارة الصّهيونيّة، للمرّة الثّانية، في ظلّ أجواء من الاحتفاء الرسّمي الواسع. يقابل ذلك اجتهادٌ إسرائيليّ لا يفترّ في تقديم العُروض المغرية لإدارةِ الصّراع الدّائر في الجزيرة التي يحفّز رسمُها الجغرافيّ الشبيه بفلسطين المحتلّة على استدعاءِ المخزون المشترك من تاريخ الاحتلالات والاستيطانيّات.
ثمّة سلاسة، من الجانبين، في بناء النّظائر المتبادلة، ما يستدعي البحث عن الأسبابِ العميقة وراء ذلك، والتي تتجاوز الرّواية الظّاهريّة التي تتحدّث عن اندفاع صهيونيّ – لا يُبقي ولا يذر – لبناء المجال الحيويّ الأوسع في مواجهةِ إيران (مع فائدة التّذكير هنا بالعلاقة التاريخيّة المركّبة – المستمرّة حتّى السّاعة – التي تجمع إيران بالبحرين، قبل دخول آل خليفة البحرين في العام ١٧٨٣م، وما بعده).
إنّ المسألة ترتبط بالتناظر التّأسيسي بين “إسرائيل” وآل خليفة (حكّام البحرين)، بما يشمل كلّ المفاصل والفصول التي تجمعُ بين هويّة الجانبين، سواء الهويّة الأولى أو تلك المُعاد تأسيسها تحت طائلة الحاجات المستجدّة، وذلك على المستويات التّالية:
- النّموذج الاستيطانيّ (المحو والإحلال)
- الطّبائع السّلطويّة (التّمييز والامتيازات الطّائفيّة)
- طرائق فرْض الهيمنة (الاحتكاريّة، والإسناد الكولونياليّ الأجنبي)
- صناعة التّاريخ المناوئ (الأساطير المؤسّسة).
يحبك الإسرائيليّون، مع العام ١٩٤٨، رواية العودة إلى “فلسطين” بناء على تجميعٍ مؤسّس من الأساطير، والمرويّات الدّينيّة، والحكايات الشّعبيّة اليهوديّة، وسرعان ما أخذ هذا المنحنى إشغالات ممنهجة لبناء روايةٍ معمّمة حول “يوم الاستقلال”، وعلى أنقاض القرى والسّكان المهجّرين من أهل فلسطين. وقد كافحت تل أبيب، بقوّة، لإخفاء تلك الجرائم تحت ركام هذه الأنقاض. في العام ١٧٨٣م، دخلَ آل خليفة البحرين، بعد تاريخٍ طويل من التنقّل وبناء السّيطرات غير المستقرة في بر قطر (الزّبارة) ومناطق أخرى محدودة من الجزيرة العربيّة. وجد الأهالي في هذا الدّخول شكلًا ضاريًا من الاحتلال، لأنّه ترافق مع “السّيطرة على الأرض، وعزْل السّكان، ومراقبتهم في حياتهم وخيراتهم”[12]. أضيفت إلى ذلك، في ما بعد، أشكال أخرى من الغزو والسّيطرة، بما في ذلك “التّهجير، والإقصاء، والسُّخرة، في سبيلِ إفساح المكان والامتيازات للمهاجرين الجُدد الذين ما لبثوا أنْ أظهروا ممارساتٍ عدوانيّة ضدّ الأهالي، كما حصلَ من جانبِ المستوطنات حديثة الإنشاءِ في قرْيتي جو وعسكر وغيرهما، والتي استقرّت فيها مجموعاتٌ من آل خليفة، حيث كانت هذه المستوطناتُ مصدرًا لتعدّياتٍ تعرّض لها الأهالي في القرى المحاذية، وأسفرت عن تهجير سكّان بعض القرى، واستبدال سكّان أصليين بآخرين من المستوطنين الجُدد”[13].
أحاط آل خليفة هذا الدّخول بغطاءٍ أسطوريّ، ورفضوا الاعترافَ بمفاعيل الاحتلال، ابتداء من بناء روايةٍ رسميّة لدخولهم البحرين، تصفُ ما جرى على أنّه “فتح” للبلاد، مع عدم الاعتراف، حتّى اليوم، بالتعدّيات الواسعة التي تعرّض لها السّكان البحرانيّون الأصليّون، سواء على يد القوّة العسكريّة المباشرة التي اعتمدها آل خليفة في الاستيطان والاستيلاء، أو بالتّعويل على عصابات ومليشيات مأجورة (الفداوية)، والتي أنيط بها القيام بالجرائم الأكثر دمويّة وقساوة[14]، لضمان سهولة تنصُّل آل خليفة منها أمام المستعمرين البريطانيين أو قوى فرْض الهيمنةِ الأخرى، وذلك على غرار التّكتيك “الفعّال” الذي اعتمده الصّهاينة بإسناد جرائمهم الأولى إلى العصابات (الهاجانا وأذرعها الضّاربة). وسّع آل خليفة وجودهم الاحتلاليّ بعمليّاتٍ لاحقة لتعزيز سلطتهم على الأرض والسّكان، معوّلين في ذلك على نظام التّمييز والامتيازات، واحتكار النفوذ والسّلطة عبر قانون الاستثناءات الذي يُعلي من شأن آل خليفة ومواقعهم المستجدّة، ويُخفي تدريجيًّا وجود وهويّة السّكان الأصليين. وقد أٌنجز الكثير من ذلك بإسنادٍ من النّظام الإداري – ذي التأسيس الاحتكاريّ – الذي أسّسه الاستعمار البريطانيّ في البحرين.
لا يكفي بالنسبةِ لهم التّطبيع في شكله المعتاد، وهويّته الأولى (اتفاق “السّلام”)، بل الحاجة هنا تناظر الحاجة ذاتها التي تنخر الكيانَ الصّهيوني، أي البحث عن الإنقاذ عبر مشاركة المعضلة
لقد آلت الأمور، في نهايةِ المطاف، إلى أن يكون صراع الهويّة في البحرين؛ هو الوجه الحقيقيّ للتناقض القائم بين النّظام (آل خليفة) والمعارضة (السّكان الأصليين). يأخذ النّظامُ على عاتقه تنفيذ وإنفاذ كلّ ما من شأنه الإخلال بالتّركيبةِ الدّيموغرافيّة التي ترجّح الأغلبية الشّيعيّة في البحرين، بما هي المكوّن الأوسع للمواطنين الأصلاء، وورثة أصحاب الأرض المغصوبة. رافقَ ذلك جهد مضن، وشديد الضّراوة، لمنع إقامة مواطنةٍ متساوية، والتحلُّل من مشروع إنجاز الدّولةِ المستقلّة. وفي كلّ مسارات التّشكّل التّاريخي لآل خليفة في البحرين؛ سيكون هناك وجه كبير من التّشابه بين “المشروع الخليفي” ويوميّات المشروع الصّهيوني وهو يثبّتُ أقدامه في فلسطين عبر عمليّات الإزالة والاستبدال، والتّرحيل القسري لسكانها، ومصادرة الأراضي، وسرقة ممتلكات الأهالي، وتغيير المعالم وأسماء المناطق والقرى.
اليوم، ليس بمقدور آل خليفة تأمين استمرار المشروع الاحتلاليّ في البحرين؛ دون الذّهاب كاملًا نحو المشروع الصّهيوني، وبلا تردّد من الحواجز، والرّفض الشّعبي، أو الاعتبار من مآلات الصّهاينة أنفسهم. يندفع آل خليفة في ذلك تحت ضغط الارتياب من نفاذ الدّورة السّلطويّة، وهشاشة مفاعيل الهيمنة التّقليديّة أمام وسائل المقاومة (المفاصلة والمقاطعة) التي يبتكرها المواطنون. لذلك، لا يكفي بالنسبةِ لهم التّطبيع في شكله المعتاد، وهويّته الأولى (اتفاق “السّلام”)، بل الحاجة هنا تناظر الحاجة ذاتها التي تنخر الكيانَ الصّهيوني، أي البحث عن الإنقاذ عبر مشاركة المعضلة (الكارثة) مع أصحابها المشابهين.
[1] “المعذّبون في الأرض”، فرانز فانون، الطبعة ٢، ٢٠١٥، مدارات للأبحاث والنشر، ص ٥٩
[2] “مقاومة التطبيع: ثلاثون عاما من المواجهة”، مجموعة مؤلفين، ط١، ٢٠٠٧، مركز دراسات الوحدة العربية، ص ٣١
[3] “الكونفدرالية المشرقية: صراع الهويات والسياسات”، أنيس النقاش، ط١، ٢٠١٥، توزيع بيسان، ص ٢٤٤
[4] “تطبيع الاستبداد وتتبيع المستبدين”، إلياس خوري، مجلة الدّراسات الفلسطينيّة، العدد ١٢٦، ربيع ٢٠٢١، ص ٤٨
[5] “موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية”، عبد الوهاب المسيري، الطبعة ١، ١٩٩٩، دار الشروق، الجزء السابع، ص ١٣
[6] المسيري، الجزء ٧، ص ٣٢٤-٣٢٥
[7] “التّطهير العرقي في فلسطين”، إيلان بابيه، الطبعة الأولى، ٢٠٠٧، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ص ٢٦٤
[8] المصدر السابق، ص ٢٢٧٤-٢٧٥
[9] “هبة فلسطين المستقبل”، فواز طرابلسي، مجلة بدايات، العدد ٣١، ٢٠٢١، ص
[10] “النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت”، شفيق الغبرا، الطبعة الأولى، ٢٠١٧، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص ١٦
[11] “الفلسطينيون في العالم العربي: بناء المؤسسات والبحث عن الدولة”، لوري أ. براند، الطبعة ١، ١٩٩١، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ص ١٠٨
[12] “المرجعية الدينيّة وغزو البحرين”، عباس المرشد، بحث غير منشور، ص ٦
[13] المصدر السابق، ص ٨
[14] “البحرين: قراءة في الوثائق البريطانيّة”، سعيد الشهابي، الطبعة الأولى، ١٩٩٦، دار الكنوز الأدبية، ص ٩٨