“ما هو الشكل، أو بالأحرى الأشكال المحدّدة التي تتميّز بها حركة القوانين التاريخيّة الكونيّة في الحركة التاريخيّة للمجتمعات العربيّة المعاصرة؟ هذا ما حاولت شرحه بالتفصيل في كتاباتي كلها” – مهدي عامل
“إنّ أي نظرة نقدية إلى المقاومة في مرحلتها الراهنة، تفترض بالبداهة إدراك مجموع أطراف هذه العلاقة المتحركة في المسألة كلها، وتفترض النظر إلى واقع هذه المقاومة من زاوية علاقاتها المتبادلة، وحركتها وتغيرها ونموها”– غسان كنفاني
مقدمة نظرية
خلافًا للسائد من التصوّرات، ليس هناك انقطاعٌ أو ثغراتٌ في التاريخ؛ فالمراحل التاريخيّة تخوض مخاضًا بطيئًا إلى أن تخبو وتختفي. وحتى بعد الأحداث التاريخيّة الكبرى من ثوراتٍ وانقلاباتٍ وغيرها، تحمل حقب التاريخ خصائص رئيسية[1]. وكعربيٍّ، فإنّ الخصوصيّة التاريخيّة التي طبعت عليك ما بين القرنين العشرين والواحد والعشرين هي المقاومة كبُنية، بغضّ النظر عن الشكل التاريخيّ الذي تعبّر فيه عن ذاتها. من هنا نفهم قولًا لباسل الأعرج أنه لم يمرّ يومٌ لم يوجد فيه عملٌ مقاوم. لم تختفِ المقاومة ولا في أيّ يوم من تاريخنا.
إلا أن المسألة المهمّة تكمن في فهم العوامل التي تؤثر على تبدّل شكل المقاومة العربية خلال مختلف المراحل التاريخيّة منذ الخمسينيات وحتى مرحلتنا الحالية. والشكل المقصود هنا هو تعابيرها وأدواتها الثقافيّة من رموز وشعارات وأدبيات وأناشيد وخطابات وصولًا إلى صيغتها الأيديولوجية ككل. إذا ما استعرنا من أدبيات مهدي عامل، ترسم عملية تمرحل التاريخ أسسه الماديّة، أي بعبارةٍ أخرى طبيعة أنماط الإنتاج الإقتصادية؛ فلكلّ نمطٍ من الإنتاج بنية خاصة تميّز كلّ مرحلة تاريخيّة عن الأخرى. وعليه، تستدعي عملية تحديد المرحلة التي تمرّ فيها البنية الإجتماعية للمقاومة وطبيعة شكلها فهم نمط الإنتاج في الوطن العربي المزامن لها [2].
بشكلٍ مبسّط، يحاول النصّ فهم الوجه الثقافيّ المرحليّ الذي يميّز شكل حركات المقاومة العربية في لبنان وفلسطين اليوم ضمن سياقه وموقعه التاريخيّ، وعبر تجربة استيعاب المتغيّرات الاقتصادية والسياسية التي طرأت على المنطقة العربيّة ككل. على قاعدة أن فهم الوضع الإقتصادي العربي، والهوة بين الفقر والغنى يحيلنا إلى فهم كيف تعبّر الجماهير الشعبية والطبقات المهمشة عن ذاتها والصيغة الأيديولوجية التي تتبناها. وعلى وجه الخصوص، تلك الواقعة تحت نير الإحتلال الإسرائيلي مباشرةً. انطلاقًا من هنا، علينا أولًا تحديد من يمثّل هذه الطبقات المهمشة؟
يحاول الباحث علي القادري إسباغ طابعٍ معاصرٍ ومبسّط لفهم ما هو تعريف الطبقة ضمن سياقنا العربي. حيث يشير إلى أن الطبقة تعبيرٌ سوسيولوجيٌّ كليٌّ عن العلاقات بين الطبقات، بما في ذلك أبعادها الذاتيّة والموضوعيّة والرمزيّة [3]. أيّ أنّ تعريف الطبقة العاملة يجري عبر استقصاء موقعها ضمن العلاقات الرأسماليّة وخصوصياتها وتطوّرها.
تكمن الخصوصيّة العربيّة هنا في فهم العلاقة الطبقية مع كل من:
(1) الموارد الطبيعية من النفط والغاز كرمز لتكتل رؤوس الأموال العربية،
(2) كيان العدوّ الصهيوني كرمز ووكيل لمصالح رأس المال الغربي. فوفقًا للقادري، تتكوّن مصفوفة العلاقات الطبقيّة العربيّة والتشكيل القائم على النفط، من تحالفات الطبقات الحاكمة العربيّة وتبعيّتها للنخب الماليّة الدوليّة، وبقدر ما هذه المصفوفة علاقاتٌ بين الطبقات فهي علاقة نمط إنتاج أساسُه هيمنة واستغلال وسيطرة القوى الغربية وفي مقدمتها كيان العدو على المنطقة.
وعليه، فإنّ ما يؤهّل الحاضنة الشعبية العربية للمقاومة، سواء في فلسطين أو لبنان، أن تكون تمثيلًا عن الطبقة العاملة العربية ومصالحها، ليس سوى موقعها في الخط الأمامي في مواجهة الاستعمار الإسرائيلي، من جهة، ووجودها على رأس قائمة الاستهداف والتصفية والتغييب من قبل رأس المال الخليجي إعلاميًا وعمليًا، من جهة أخرى.
وهذا ما يدفع باتجاه ضرورة فهم واستيعاب هوية وشكل المقاومة وبيئتها؛ فالتصوّرات الاستشراقيّة تقارب مجتمعاتنا بلا تاريخ ولا تعرف التغيّر التاريخيّ، بحيث تكون جامدة تعاني عيوبًا أنثروبولوجية [4]. وتُؤخد كدليلٍ على أنّ محدّدات الطبقات الشعبية عربيًا قائمة على الثقافة والدين والتقاليد أكثر من ما هي محدّدات اقتصادية. كما أنها تقلب الآية لتصبح محدّداتُ تعريف الطبقة ثقافيةً بدل أن تكون قائمة في موقعها ضمن مصفوفة علاقات طبقيّة معقّدة. رغم ذلك، نقول إنّ سؤال الثقافة بحدّ ذاته غير هامشيّ؛ فالوجه الثقافيّ للطبقة العاملة يؤكّد هويّته بمدى بعده وتناقضه مع الإستعمار الصهيوني، لأن هذا الأخير يستغل ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من تسليع الثقافة بشكلٍ يقضي على أيّ خصوصيّة ثقافيّة وتُحوّلها لسلعة بدلًا من أن تكون ذخرًا للإنسانية [5].
لاحظ الشهيد غسان كنفاني أهمية مقاربة سؤال الوجه الثقافي هذا. ففي معرض رده على حملات نقد المقاومة، أشار إلى أن هذا النقد كثيرًا ما يقع في “حقل من الفخاخ” وأحد هذه الفخاخ هي المذهبية الجامدة. يكمل كنفاني شرحه بأن عملية نقد المقاومة -أو حتى الهجوم عليها- تقع في خطيئة قياس المقاومة “قياسًا مذهبيًا بحتًا محولًا المسألة على ركام من الصيغ والأدبيات”. وينطلق من ذلك إلى تأكيد أن أي نظرة نقدية للمقاومة تستدعي النظر لها بشكل مرّكب ومتعدد الزوايا آخذًا بعين الاعتبار جميع العوامل المؤثرة على تغيرها ونموها [6].
ومن هنا تأتي مسؤولية فهم صيغ وأدبيات المقاومة، فبالرجوع إلى مهدي عامل فإنّ اكتساب أيّ فردٍ أو جماعةٍ في المجتمع لثقافةٍ ولوعيٍ فكريّ يكون عبر الحقل الأيديولوجيّ الذي ينتمي له [7]، أي من خلال موقعه ضمن مصفوفة العلاقات الطبقية في الوطن العربي وجدليتها.
وبناءً على ذلك، تتحول الطبقة مفاهيميًا إلى نادٍ من أناس متشابهي السمات والأيديولوجيا، وكذلك عبر هذا المفهوم، يُعاد تعريف الطبقة إلى طبيعة العلاقة مع أيديولوجيا رأس المال بتعبير القادري، أو لنقل -حسب المنظور التاريخيّ- العلاقة مع الولايات المتحدّة التي تشكّل هويّتُها الوعاء الذي يحتوي هذه الأيديولوجيا.
انطلاقًا من هنا، نفهم تقارب الصيغة الثقافيّة الإسلامية المتشابهة لقوى المقاومة للاستعمار الصهيوني لتتخذ طابعًا دينيًا وإثنيًا [8]. إذ تدهورت الطبقة إلى مستوى الجماعات الدينيّة كشيءٍ شبه دائم، بينما هو نتيجةٌ مباشرة لعملية الصراع الأيديولوجيّ وهيمنة أيديولوجيا رأس المال [9]، ويضاف الى ذلك، تفكّك الدولة والمجتمع العربيين وفشل ظاهرة التيارات اليسارية والقومية العربية.
لعلّه من المفيد الآن، أن نعيد صياغة غرض النص مرّةً أخرى؛ وهو فهم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين وصيغتها الثقافية كشكلٍ من أشكال تمثيل الطبقة العاملة العربية لنفسها وفق شروط تاريخيّة محدّدة، وذلك عبر توفير فهمٍ خارج إطار التقسيمات الأيديولوجية المجرّدة والنزاعات البالية بين إسلاميّ وعلمانيّ ويسار ويمين وتقدميّة ورجعيّة.
النبوءة التاريخيّّة الخاطئة لليسار العربيّ
خاضت حركة التاريخ العربيّ في صراعنا مع العدوّ الصهيونيّ تغيّرات بنيويّة كبيرة. ويكمن جوهر استيعاب هذه الحركة في فهم كيف ولماذا تغيّر شكل الصراع من جنرالات ذوي رتب عسكريّة وجيوش ونجوم على الأكتف ورؤساء دول، تتحكّم ببنى دولة من وسائل إعلام وحشد وتنظيم -بنى فوقية إذا ما استعرنا المفردات الماركسية- وعبر خطاب قوميّ ذي طابعٍ علمانيٍّ واشتراكيّ، ثم لتؤول وتتحوّل إلى حشودٍ جماهيريّة صغيرة في العراء تتجمهر في أزقّة ضواحي بيروت وأزقة وشوارع فلسطين وتتحرّك في الظلّ وتعبّر عن ذاتها بخطابٍ دينيّ مليءٍ بالغيبيّات والتعبيرات الثقافيّة الدينيّة على اختلافها، وتُنادي من الهوامش بزوال “إسرائيل”. فالتاريخ هنا استمرّ بالخصوصيّة التاريخيّة العربيّة المطبوعة ذاتها، والتي أسلفنا ذكرها على أنها المقاومة، بيد أن فهم هذا التحوّل قلّ ما تمت مقاربته بموضوعيّة وتجرّد من التباينات والانحيازات الأيديولوجيّة.
قاربت المراجعات الفكريّة اليساريّة العربيّة، التي تلت هزيمة حزيران 67، المسألة من باب فشل الأيديولوجيات البرجوازيّة والبرجوازيّة الصغيرة. إذ لعبت الطبقة العاملة العربيّة دور الطبقة-السند للبرجوزايّة الوطنيّة، فيما لم تلعب دورها القياديّ في قيادة حركة التحرّر الوطنيّ العربيّة [10]. وهو ما يمكن المصادقة على صوابية أبعاد منه، بيد أن النقطة الرئيسية هنا تتمحور حول سؤال ماذا بعد هذا الفشل؟ ولتجيب النبوؤات اليسارية نظريًا بأنها مرحلة الضرورة التاريخيّة وانتقال القيادة الطبقيّة من البرجوازيّة إلى الطبقة العاملة [11].
كان الخطأ التاريخيّ لليسار العربيّ، خصوصًا ما بعد التسعينيات، في التصوّر الخياليّ المرتبط بماهيّة الشكل الثقافي الذي ستعبّر من خلاله الطبقةُ العاملة العربيّة عن نفسها. وهو منطلِق من قصورٍ قد يعبّر في أحد جوانبه عن طفوليةٍ في فهم كيفيّة تعبير الطبقات عن نفسها وتخيّلها ككتلة جامدة تُحدَّد خصائصها بشكلٍ مسبق، مُسبغةً بلون أيديولوجيّ معيّن بدل النظر إليها كصيرورة متحرّكة؛ بمعنى أن الطبقة العاملة تُصوَّر ككتلة تكتسي صفتها الطبقيّة عبر الأدبيات الثقافيّة التي تستخدمها، وكأن هناك شرطًا على الطبقة العاملة أن تحمل الرايات الحمراء والرموز “اليسارية” من منجلٍ وغيرها. وأنه بانتفاء هذا الشرط، لا تدخل الطبقة العاملة في جدلية الصراع الطبقيّ التاريخيّة، في تجاهلٍ كاملٍ لطبيعة علاقتها مع المركز الرأسماليّ والاستعمار.
يتناسى هؤلاء أن مجمل “الديالكتيك” الطبقيّ البشريّ تحرّك عبر أشكالٍ تاريخيّة لا تعرّف ذاتها بالأدبيّات الماركسيّة؛ فالصراع الطبقيّ لم يبدأ مع ماركس، بل إنّ على النظرية الماركسية ذاتها أن تُثبت جدارتها في كونها أيديولوجية الحركة التحرّرية الوطنيّة لا العكس [12].
كان الخطأ التاريخيّ لليسار العربيّ، خصوصًا ما بعد التسعينيات، في التصوّر الخياليّ المرتبط بماهيّة الشكل الثقافي الذي ستعبّر من خلاله الطبقةُ العاملة العربيّة عن نفسها
من هنا، تبرز إشكاليّات عدّة عند تفسير أسباب الخطأ في مقاربة حركات المقاومة العربيّة المعاصرة، في ظلّ تسيّد الخطاب الأيديولوجيّ الاستعلائيّ عليها. كأن تملّك ترف الأدبيات الفكريّة والأيديولوجيّة يؤهّل للمزايدة وإبداء الأحكام. وعليه، نفهم إحدى منابت خطاب “احتكار المقاومة”، فالمقاومة الناجحة لم تتناسب مع الذائقة الأيديولوجية والشكلية للبعض فأمسى يتهمها بـ”الإحتكار” -واقعًا فإن أغلب المتشدقين بهذا النعت هم في الأصل ضد المقاومة كمبدأ- أو أن يضعها أمام المحاكمات الأخلاقية تحت عناوين الحركات الرجعيّة في مقابل تقدميّة مُفترضة للخطاب المقابل. ويضاف إلى ذلك، التذرّع الكسول بأن أدبيّات “الدينيّة الرجعيّة” شكلٌ من أشكال اغتراب الجماهير. وليهدأ المتزمّتون هنا؛ فالمسألة ليست تسليمًا بصوابيّة بعض فحوى الأدبيات وإنكارًا لمآلاتٍ خطيرة لأبعاد منها، كتغذيتها لهويّات قاتلة تُستغل غربيًا وخليجيًا في صراعات بينية تنهك الطبقة العاملة العربية ذاتيًا. بل هي تأكيدٌ على أهمية الفهم الموضوعيّ للبنية الفكريّة التي وُلدت منها ووضعها في سياقها الاجتماعيّ والتاريخيّ. وكذلك فهم فشل التيارات اليسارية والقومية في توليف صيغة أيديولوجية بشكل مستقل بعيدًا عن الاستعارات الأدبية المعلّبة التي نفرت الفقراء منهم ونفرتهم عنهم. حيث أنه وليتطور أي فكر اشتراكي فعليه الإنطلاق من موقعه وسياقه الوطني وليس عبر تبني صيغ معولمة مسبقة تحت قناع الأممية [13].
في هذا السياق أيضًا، لا يمكن إغفال أثر هيمنة الخطاب الليبرالي المعولم على حركات اليسار العربيّ ومحاكمة بيئات المقاومة بمعايير حقوق الإنسان والديمقراطيّة وحريّة المرأة بشكل كسول منزوع السياقات التاريخية والمعاصرة، بل ويشمل ذلك خطاب المواربة والتذرع بالتناقضات الثانويّة والرئيسية.
وهنا نعود لتحري حزمة الأسباب الموضوعيّة التي أدّت لهذا الشكل التاريخي لحركة المقاومة العربية، حيث أن فشل الطبقات الحاكمة العربيّة في الصراع مع العدوّ، والتراجع الأيديولوجي للاشتراكية مذعنة لبدء مرحلة النيوليبرالية، سمحت بتفكيك مشروع الدولة العربية وأهدرت مواردها وجرفت معها الطبقة العاملة العربيّة وأمنها القومي، وأنتجت عدم تمّكن الطبقة العاملة العربيّة من تكوين جبهة تدافع فيها عن نفسها بفعاليّة بوساطة أدوات الدولة [14]. حيث تُركت الطبقات الشعبية العربية في العراء لتشحذ هممها بأدواتها البسيطة “ما قبل الدولاتية” وتمتشق البنادق دفاعًا عن نفسها بفقرٍ ماديّ وفكريّ -رغم كلّ الاستعلاء على أدبياتها الفكرية- وهذا بالتحديد ما لم تتخيّله النبوؤات التاريخيّة اليساريّة بأن الطبقات الشعبية للمقاومة ستتبنّى أدوات ثقافية لا تتناسب مع هواهم الأيديولوجيّ، وهنا بالتحديد تكمن أهميّة فهم هذا العراء.
الشعب العربيّ في العراء
قبل أن نخوض في فهم كيف يُترك الشعب العربيّ في العراء، لا بد من توضيح القصد من مفهوم العراء؛ وهو الحيّز الذي يُترك فيه المجتمع دونما بنى دولة أو أيّ بنى مؤسسيّة وسط انهيارها أو عدم وجودها أو ترهلها. هذا الفراغ، الذي أنتجه غياب مؤسّسات تصوغ المجتمع وتصوّراته وتعمل على تنظيمه، تغطّيه بدائِلُ أخرى، وهي تلك الوحدات الاجتماعيّة الأوليّة القائمة على الطائفة والدين والقبيلة.
ينضوي فهمنا لمقولة العراء على مضمونين؛ الطبقة والهويّة:
في حالة المقاومة العربية، نتج هذا العراء بعوامل متضافرة، أوّلُها ينطلق من فهم المضمون الطبقيّ للدولة الوطنيّة العربيّة منذ نشأتها بشكلٍ يضمن المصالح التجاريّة والاقتصاديّة الاستعماريّة في مرحلة ما يسمى حقبة ما بعد الاستعمار [15]. ورغم انبثاق المشاريع القوميّة الكبرى ذات الطابع الاشتراكيّ خلال هذه الحقبة، إلا أنّ الحروب المتتابعة التي شُنّت غربيًا، سواءٌ بشكلٍ مباشر أو عبر كيان العدوّ الصهيونيّ والدور السلبي لريوع النفط، أدّت إلى تدهور هذه المشاريع بشكلٍ أنهى مغامرتها. لتعود البرجوازيّات العربية إلى مهامّها الاستعمارية، ولكن في ظلّ موجة نيوليبرالية حلّلت ما تبقى من أيّ من مكتسبات بناء الدولة أو أدوارها الاجتماعيّة والسياسيّة، وفي مقدمتها مواجهة المشروع الصهيونيّ.
هذه العودة لجزء من البرجوازيات العربية وهيمنة أخرى، خصوصًا تلك الحليفة للولايات المتحدة في الخليج، انعكست بشكل مباشر على منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت عمليًا تشكّل البنية المؤسساتية للتحشيد والتنظيم والصراع مع العدو للجماهير الفلسطينية بما فيها جبهة المواجهة في لبنان. ففي حين الحديث تاريخيًا عن بيئة المقاومة في كل من فلسطين ولبنان فنحن نتحدّث عن تقاطع بنيوي يتعلّق بسلطة ووجود منظمة التحرير، حيث أنه وبهذا الاعتبار يكون جزء من التاريخ اللبناني، والجنوبي تحديدًا، تاريخ فلسطيني، والعكس صحيح. بل وحتى عند الحديث عن المآلات وترك كلا الجمهورين في العراء، ففي الجبهة اللبنانية أدّى اجتياح عام 82 وخروج المنظمة من لبنان إلى فراغ وهوة شحذ فيها الجمهور الرازح تحت نير الإحتلال الصهيوني لذاته وبأدواته لتنبثق المقاومة الإسلامية، وفي الجبهة الفلسطينية أدّى استسلام المنظمة في أوسلو والتخلي عن السلاح إلى التمسك الشعبي بخيار المقاومة لتبرز كل من حركة المقاومة الإسلامية والجهاد الإسلامي.
تحت حكم هذا الظرف، عمل تزاوج الريوع النفطية مع الهيمنة الأمريكية عبر ضخ كبير للأيديولوجيات الليبراليّة والتقسيمات الدينيّة والثقافيّة التي غرستها، على تحطيم أيّ فرصة لخلق بيئة تسمح الطبقات الشعبية بتمثيل نفسها سياسيًا عبر مؤسسات حديثة/دولة تقود جبهة الصراع مع الإستعمار الصهيوني. ويلاحظ علي القادري هنا عدم استثنائيّة الوضع العربي إذا ما نظرنا إلى الصورة بشكلٍ مقارن مع كثيرٍ من الطبقات العاملة حول العالم؛ فعدم تعريف الطبقة العاملة العربيّة لذاتها طبقيًّا أو قوميًا أو وطنيًا واستسلامها لصنميّات هوياتيّة يمثّل نتيجةً مفهومةً لعملية تعجيز شبكة العلاقات النفطيّة العربيّة (فوق الوطنية) المرتبطة بالنظام الماليّ العالميّ [16].
باختصار، إنّ تحلّل المشروع العربي بإطاره الرسمي وانقلاب منظمة التحرير وخروجها العملي من صيرورة الصراع، عبر الاعتماد على نمط إنتاجٍ قوامه الريوع وفقًا لمصالح طبقاتٍ حاكمة بشكلٍ تلعب فيه هذه الطبقات على التناقضات الشعبية العربية للحفاظ على شرعيتها، أو تصل فيه ما أصبح منذ حينها يسمى بالسلطة الفلسطينية لتكون وكيلًا مباشرًا لمصالح العدو الصهيوني، أنتج عراءً أمسى فيه خطاب “مقاومة إسرائيل” يتيمًا وحبيس الهوامش وأحزمة الفقر في البلدان العربية عمومًا وجبهات المقاومة المباشرة فلسطين ولبنان خصوصًا. وهي الهوامش التي أبقت على عنفوانها من دون أن يؤثر عليها خطاب النفط الراعي لما يسمى مسار السلام والتسوية.
من هذه الخلفية، يمكن لنا أن نفهم مشاهد الحشود التي ترفع شعاراتٍ دينيّة وتنادي الخالق وتمارس الطقوس الدينيّة وترتبط بالغيب وتنادي بأن “يد الله مدّت لها السلاح” -وهو من هذا المنظور كذلك. ومن المنظور نفسه، نفهم الانتفاضتين العمليات الإستشهادية حيث أمست أجساد الإستشهاديين العارية هي السلاح، وأناشيد المقاومة التي ستقضي على “الإلحاد” و”الأصنام” و”الكفر”، ونعي لماذا سمّى الشهيد يحيى عياش ابنه البراء، كإذعان براءة من كلّ مشاريع التسوية الكبرى وتصفية المقاومة في تلك المرحلة.
على هذا الأساس، يجب أن يتوسّع فهم هذه الرمزيّات والأدبيّات خارج الأطر الأيديولوجيّة والهوياتيّة الضيّقة. وذلك عبر وضعها في موقعها التاريخيّ ومفاعيلها الاجتماعيّة والسياسيّة على الأرض، بشكلٍ يكون فيه استخدام الجماهير الشعبيّة الإسقاطات التاريخيّة والنقيض الإسلاميّ كالأصنام والكفر والملحدين، وحتى اليهودية، أمرًا أوسع من الاختزالات العنصريّة و”الرجعيّة”. ربما تستدعي بعض هذه الرمزيات النظر إليها باعتبارها أحد أشكال فقر الطبقة العاملة وتكييفها لأدبياتها المتوفرة في صراعها مع أيديولوجية رأس المال، وأن لتلك الألفاظ والمفردات في مضامينها ما هي إلا إشارة للقهر الذي يقوم به الإستعمار من جوع وفقر.
بل وإن عملية استدعاء أبعاد ثقافية عربية إسلامية في الخطاب والرموز والتسميات هو تعبير عن انسجام للجمهور مع سياقه التاريخي واعتزازه بذاته، حيث يمثّل في صميمه تجسيدًا على صناعة هويته وتجربته النضالية بشكل مستقل، أمام قصور سابق لحركات اليسار التي تدهور بها الأمر إلى الانسلاخ عن جمهورها عبر محاولات استيراد النماذج النضالية دون محاولة صهر تلك التجارب لإنتاج نموذج نضالي عربي نضالي خاص.
يكمن المضمون الثاني المتضافر مع العامل الطبقي في الأثر الهوياتي لتحلّل الدولة، ولعله من المهم هنا استعارة تقسيم الباحث مانويل كاستيلز لأنماط الهويّة [17]: حيث يُطلق على الأولى “الهويّة المشرعنة”، وهي تلك التي تصوغها المؤسسات والبنى الفوقية المهيمنة من طبقات حاكمة تستعين بأدوات الدولة. في الإطار العربي، هي هوية تعيش أزمة مرتبطة بأزمة الدولة العربية نفسها، إلا أن ما يميّز الوضع العربيّ أن شبكات الريوع النفطية كوّنت تحالفًا فوق وطنيّ، أي عابرًا للحدود الوطنيّة للدول “القطرية” العربية، وبشكلٍ مرتبط ومتعاون بشكلٍ فاضح مع الولايات المتحدة الأمريكيّة ومصالح المشروع الصهيوني.
من هذا المنطلق، تكون مفاعيل الهويّة المشرعِنة لوجود النظام الرسمي العربيّ فاعلةً على مدى المجال السياسي العربيّ. هنا، يأتي نمط كاستيلز الثاني في ما أطلق عليه “الهويّات المقاوِمة” التي تنشأ كنقيضٍ لتهميش الهويّة المشرعنة تلك رافضةً للخضوع لها. يبيّن الباحث الإسباني أن هذه الهويّات تتقوقع حول الأسس التي أدت لتهميشها، وتقوم عادةً على عوامل متعلقة بالدين والطائفة والإثنية.
رغم أنّ لهذا التحليل شواهدُ كثيرة من داخل أطر الدول العربيّة على حدى، إلّا أن نموذجنا هنا قائمٌ على هو ما فوق تلك الأطر والحدود؛ فالهويّة المقاوِمة العربيّة قامت كنقيضٍ لهويّة النظام الرسميّ العربيّ بشكلها العملاق المشرعن لتهميشهم ولوجود كيان العدوّ. لذلك، نرى أن هذه الهوية تتّخذ خطاب مقارعة الولايات المتحدة كقاسمٍ شبه مشترك، وهو ما تتّم عبره محاولةُ تصوير هذه الهويّة بالجنون، بينما الخطاب في قمة العقلانية؛ فالولايات المتحدة هي الرافعة الأساس لهويّة النظام الرسميّ العربيّ وطبقاته الحاكمة.
على النحو ذاته، انبثقت تعبيرات الهويّة المُقاومِة عن ذات أسس الهويّة الدينيّة والطائفيّة، ولا داعي للتكرار هنا أن لهذا التقوقع مآلاته في استيلاد هوياتٍ قاتلة استُغِلّت في دعم القوى الغربية لحروب التدمير الذاتيّ وتفتيت المجتمعات. وكان كلّ ذلك من أشكال حربها على الشعب العربي خدمةً للصهاينة. على الرغم من ذلك، شكّلت هذه الجزر الهويّاتية جسرًا تحت إطار تعريفها؛ وهو المقاومة، في مشهدٍ يمثّل وإن كان بشكلٍ هشّ -وليهدأ المتزمّتون هنا مجدّدًا- التحالف الثوريّ الطبقيّ الذي نظّر له مهدي عامل وينادي به جورج عبدالله من زنزانته في فرنسا [18]. أو ما أطلق عليه المرحوم أنيس النقاش وحدةَ “الجهاديتين” بين المقاومتين الإسلاميتين في لبنان وفلسطين. وهي بوادر ما أطلق عليه المفكر المصري أنور عبدالملك “الجبهة الوطنية المتحدة” حيث لاحظ أنه وفي حالة التحولات الكبرى في المجتمعات واسعة النطاق كوطننا العربي، فإنه لا سبيل سوى حشد أوسع إجماع شعبي، أي أولئك المؤمنين بمشروع التحرر الوطني والاستقلال.
هذا ما يوصلنا إلى نمط الثالث لكاستيلز؛ “هوية المشروع” وهي الهويّة التي تُنتجها الحركات الطامحة لتغيير المجتمع برمّته، تحت راية مشروعٍ بديل. يبيّن كاستيلز أن هذه الهويّة تختلف عن الهويّة المقاوِمة في أنّها لا تتقوقع على أساس هويّات أوليّة بل تسعى لبناء هويّة جديدة. فهي -أي هويّة المشروع- لا تَبرز إلا حين تجذّر الهويات المقاومة ولا يصبح هدف المجتمعات المهمّشة والخاضعة مجرّد الإندماج مع المجتمع المهيمن؛ بل يتوق إلى لفظه وتغييره بالكامل، حيث يكون هذا الصنف من الهويّات راديكاليًا وعميقًا، والأهم هنا -في وضعنا العربي- أنّ فيه وعيًا للذات كنقيضٍ لاتهامات الإغتراب [19].
يجب أن نحرص أن يكون لمشروع التحرير مفاعيل تقوم على ضمان حركة التاريخ بشكلٍ تنصهر فيه الهويّات وبما يُثمر عن تمازج الدم العربيّ على الأرض
في نموذجنا المُوسّع، يكون لمشروع تحرير فلسطين هذه المفاعيل. للدقّة، يجب أن نحرص أن يكون لمشروع التحرير مفاعيل تقوم على ضمان حركة التاريخ بشكلٍ تنصهر فيه الهويّات وبما يُثمر عن تمازج الدم العربيّ على الأرض. فبالرجوع لعبدالملك، هنالك علاقة بين الهوية والعمليات الثورية من جانب، والمشروع الإجتماعي والوطني، بل وفي السيناريوهات الأكثر تفاؤلًا أثر حضاري أكبر، والذي في حالتنا يصل شعاع هذا الأثر للأمة العربية والعالم الإسلامي. ولعل النقطتين الأهم التي ينبهنا بهما المفكر المصري هما في كون أن عملية تكثيف خطاب وطني متأصل بالسياقات التاريخية وخصوصيتها -كرمزية مسمى أبوعبيدة [20]- سوف يكون ثقة ورابطة شعبية أكبر بين الهوية والمقاومة. وأمّا النقطة الأخرى، في أن الشعب الذي يتعرض للهيمنة والعدوان هو حلقة الوصل الخلاقة لتجميع شتات المجتمعات المتفرقة [21]، وهو دور فلسطيني بامتياز.
وعليه، تمسي المسألة الجوهرية في هذا السياق، في فهم صيرورة تغيير الحركات الإسلاميّة المقاومة. فبعيدًا عن الإستشراق الذاتيّ، من الجهل الادعاء أن هذه الحركات هي ذاتها التي وُلدت في الثمانينات في إنكارٍ لعملية تطورّها ونجاحها في إعادة إنتاج ذاتها بشكل تتكيّف فيه مع المتغيّرات. أحد أبرز هذه المتغيّرات أنها، ضمن صيرورتها وانطلاقها في العراء، تمكّنت هذه الحركات من بناء بنىً ماديّة واجتماعيّة شغلت حيزًا منافسًا للدول العربية. ينطوي هذا على تطوّرٍ وتغيّرٍ في خطابها من ناحية، وتقوقعٍ وتوسعٍ في استيعاب فئات المجتمع من ناحية أخرى، مقدمةً خطابًا تحرريًا وطنيًا منافسًا للوطنيّة العربيّة الممولة نفطيًّا والمرعيّة استعماريًّا. وبالإضافة لذلك، وناهيك عن الشكل والخطاب، فالمقاومة تقدّم نموذجًا نضاليًا عربيًا على المستوى التنظيمي المؤسساتي والتجربة العسكرية. وبطبيعة الحال؛ المسألة ليست بهذه الوردية، بيد أنه واجبٌ علينا استثمار البوادر الأوليّة في بناء فضاءٍ أرحب وأوسع وصياغة أدبياتٍ وهويّةٍ عربيّةٍ مستقّلةٍ لتكون انعكاسًا لإنجازات المقاومة على الأرض.
خاتمة: عصر المستضعفين
إنّ جلّ ما حاول هذا النصُّ طرحه هو فهم حركة التاريخ، ووضع مجتمع المقاومة وتشكلّاته في سياقاته التاريخيّة بعيدًا عن التجريد والإطلاق في التصورات. خصوصًا في وجود تصوّرات نمطيّة صمّاء لفحوى شعارات أيديولوجيّة تُستخدم كمعيار يشوبه كثيرٌ من القصور والعطب؛ فمصطلحات التقدميّة والرجعيّة، على سبيل المثال، تُؤخذ كمفرداتٍ لاتاريخيّة وتُنزع من سياق حركة التاريخ وتقدّمه ورجوعه. فكيف توسم الحركات التي تغيّر التاريخ قدمًا بالرجعيّة، بينما توسم أخرى بالتقدميّة لمجرّد احتوائها على حمولة فكريّة وثقافيّة؟
أرى أنه من أجدى الطرق لإدراك العنصر المادي في صيرورة تغيّر التاريخ تكمن في صناعة القادة والشخصيّات الرمزيّة؛ ففي حالة الجمود التاريخيّ والهزائم تتّخذ الأمم والمجتمعات من الشخصيّات الملحميّة والأسطوريّة نموذجًا تفتخر به. كما يتم استحضار شخصيّات عربيّة إسلاميّة من عشرات القرون، أو حتى هويّات وشخصيّات متحفيّة من إرث فرعوني وآشوري وفينيقي، بشكلٍ يكشف الفراغ الذي عاشه الشعب العربيّ.
لكن، وبشكل موازٍ لكل ذلك، ترى شيخًا قدم من سوريا ليستشهد على أرض فلسطين في الثلاثينيات يتحوّل إلى كتائب تقصف “تل أبيب” بعدها بأقل من قرن بقليل. وترى قادةً شهداء تُصنع لهم رمزيّات وهالة تكون نواة لمفاعيل إنتاج هوية مستقلة، كأن يتمثّل عماد مغنية على هيئة فرقة عسكرية يصرّح قادة العدوّ بتهديدها ايّاهم بدخول الجليل، وأن يتجسد شهداء قادة كالجعبري والعطار وعياش على هيئة صواريخ تجوب سماء فلسطين كاملة. هنا تحديدًا، تعلم أن هناك من تملّك حصة من تاريخه وحرّكه قُدمًا، وتحوّلت فيه شخصياتّه الرمزيّة إلى مفاعيل منتجة بالمعنى التاريخيّ لا أن يستهلكها المجتمع في ديمومة جموده وتمسي سلعةً حتى قبل أن تقوم الرأسمالية نفسها بذلك.
على الصعيد ذاته، إنّ العلاقات الثقافية والسياسية التي تنسجها عملية المقاومة وتتراكم تاريخيًا لهزيمة “إسرائيل” هي حكمًا، وبالمعنى السياسي، علاقات مضادة ومستقلة تكسر وتنعتق عن شبكة علاقات الإنتاج الرأسمالية المصاغة خلال آخر خمسة قرون من تاريخ البشرية، وهذا دور طبقي عماليّ بحت، وعلاقة طبقية مع المركز الرأسمالي، فعربيًا، بل وعلى مستوى العالم، إنّ نوع علاقتك مع الكيان الصهيوني هو ما يحدد انتماءك الطبقي.
من خلال جدليّات هذه العلاقة كان عصرُ المستضعفين، تحديدًا خلال برزخ التحولات نهاية الثمانينات وخلال التسعينات وبداية الألفية. ففي أحلك الظروف التاريخية لأمّتنا في زمن التصفيات، عبر المستضعفون هذا البرزخ شهداء ليكونوا أجمل مافي تاريخنا منذ قرون. ومن المفيد هنا استذكار تعبير للدكتور فتحي الشقاقي يقول فيه إنه على الرغم من بدائية وفقر سلاح ذلك العصر، فإن العدوّ كان يفرّ من أمامه، بينما العواصم المدجّجة بالسلاح تركع أمام نفس العدوّ، “لأنها مدججة بالقصور والعار أيضًا”، حسب التفسير الدقيق للدكتور الشهيد.
صور كثيرة خلّدت لذلك العصر، لكن خلال كتابة هذا النصّ، بل وخلال نسج أفكاره، حضرت صورة توديع أم نضال لابنها محمد، وأخرى جماعية لخالد بزي وصلاح غندور وكمال عفيف ورياض دمشق، ولنضال فرحات مع بدائية صاروخ القسام الأوّل، والأخيرة ثلاثية حديثة للقادة محمد أبوشمالة ورائد العطار وأحمد الجعبري ممتشقين أسلحتهم؛ هؤلاء المُستضعفين الذين تُرِكوا في وحشة العراء العربيّ يومًا فوقفوا ونادوا: إنّا حتف الصهيونية!
المصادر
[1] نحو مقاربة دنيوية للنزاعات في الشرق الأوسط.. تحليل ظاهرة توظيف الدين في السياسة الدولية، جورج قرم. صفحة 50.
[2] في تمرحل التاريخ، مهدي عامل، صفحة 30.
[3] التنمية العربية الممنوعة، علي القادري، صفحة 20.
[4] جورج قرم، المصدر نفسه، صفحة 44.
[5] علي القادري، المصدر نفسه، صفحة 21.
[6] الدراسات السياسية، غسان كنفاني، صفحة 177.
[7] مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الإشتراكي في حركة التحرر الوطني، مهدي عامل.
[8] تستخدم لفظ إثنية خلال النص بتوسع حيث يقصد بها مجتمعات تحمل خصائص مشتركة لا يمكن حصرها بالانتماء الطائفي نفسه فقط.
[9] علي القادري، المصدر نفسه، صفحة 21.
[10] مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الإشتراكي في حركة التحرر الوطني، مهدي عامل.
[11] مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الإشتراكي في حركة التحرر الوطني، مهدي عامل.
[12] نفسه.
[13] الجدلية الإجتماعية، أنور عبد الملك، صفحة 553.
[14] علي القادري، المصدر نفسه، صفحة 13.
[15] نفسه، صفحة 126.
[16] نفسه، صفحة 22.
[17] سيسيولوجيا الهوية، جدليات الوعي والتفكك وإعادة البناء، عبدالغني عماد، صفحة 204.
[18] مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الإشتراكي في حركة التحرر الوطني، مهدي عامل.
[19] سيسيولوجيا الهوية، جدليات الوعي والتفكك وإعادة البناء، عبدالغني عماد، صفحة 207.
[20] صواريخ القسام وصورة أبي عبيدة: كيف انتصرنا في الحرب المعنوية، أحمد دردير ووائل عواد.
[21] الجدلية الإجتماعية، أنور عبد الملك، صفحة 206.