هل تذكرون حين ضرب وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي يده على صدره، سائلًا: «هل تتخيلون وزيرًا أردنيًا يجلس إلى جانب وزير إسرائيلي لتوقيع اتفاقية فيما تقتل إسرائيل أهلنا في غزة؟» (راجع «الكرمل» – 19 يناير 2024). كان يومها يتحدّث عن تجميد الأردن توقيع اتفاقية بينه وبين كيان الاحتلال لتحويل الكهرباء المُنتجة بالطاقة الشمسية من محطّة في الأردن، مقابل تزويده بالمياه المُحلّاة من حكومة الاحتلال. لم يطل الأمر حتى مسحت السلطات الأردنية بنفسها كلام وزير خارجيتها. فالمملكة الهاشمية، وعبر وسطاء أمريكيين، طلبت من كيان العدّو تمديد اتفاقية المياه الموردة إليها قبل انتهائها بشهرين. وحتى الآن، لم يلقَ طلب الأردن أي ردّ إسرائيلي، ولن يأتي الجواب المُنتظر ما لم يخضع النظام الأردني لشروط العدّو.
فهل ستصمد طويلًا ادّعاءات الدبلوماسية الأردنية بممارستها الضغوط على «إسرائيل» بكل الوسائل لوقف العدوان على غزة ومنع تهجير الفلسطينيين؟ وإلى متى ستستمر تمثيلية المسؤولين الأردنيين أنّهم بصدد مراجعة كلّ الاتفاقيات الموقعة مع الكيان؟
تسوّل المياه من العدّو
استخدم الأردن قنوات عدّة لإقناع «إسرائيل» بتمديد اتفاق تزويد المملكة بالمياه من الأراضي المُحتلة لعام إضافي، ومن ضمن الوسطاء طرق باب الولايات المتحدة الأمريكية ووزير الخارجية الصهيوني، يسرائيل كاتس (اليميني المُتطرّف صاحب فكرة إنشاء جزيرة مُصطنعة قبالة شواطئ غزة لنقل الفلسطينيين إليها، والذي شغل سابقًا منصب وزير الطاقة).
الاتفاق الحالي ينتهي في مايو/أيار 2024. بموجب «اتفاق السلام»، يُفترض أن تُزوّد «إسرائيل» الأردن بكميات كبيرة من مياه بحيرة طبريا، تدّعي وزارة المياه الأردنية أنّ الأردن يحصل منها على 35 مليون متر مكعب سنويًا من المياه وفقًا «لاتفاق السلام»، و10 ملايين متر مكعب إضافية تم الاتفاق عليها بين الجانبين عام 2010. حكومة بينيت – لابيد (نسبةً إلى رئيس الحكومة نفتالي بينيت ووزير خارجيته رئيس الحكومة البديل يائير لابيد) وافقت قبل ثلاث سنوات على مضاعفة كمية المياه السنوية من الأراضي المحتلة إلى الأردن إلى 100 مليون متر مكعب، وفقًا لاتفاقية التطبيع بين البلدين، مقابل التوقيع على «إعلان نوايا» لصفقة «الكهرباء مقابل الماء» القائمة على تطوير محطات طاقة شمسية كهروضوئية في الأردن بقدرة إنتاجية تبلغ 600 ميغاواط تُصدّر كلّها إلى «إسرائيل» مقابل تطوير مشاريع تحلية مياه مستدامة في الأراضي المُحتلة، يُزّود الأردن بـ200 مليون متر مكعب منها.
العدّو يُهدّد بعدم التوقيع
سلطات الكيان الإسرائيلي لم تردّ بعد على الطلب الأردني، ويُهدّد المسؤولون فيها بعدم قبول تمديد الاتفاقية إلا بعد تنفيذ الأردن لطلبات عدّة، منها:
- تخفيف حدة خطاب الوزراء والنواب الأردنيين ضد الكيان،
- تقليل التحريض في الأراضي الأردنية ضد “إسرائيل”
- إعادة السفير الإسرائيلي إلى عمّان والأردني إلى تل أبيب.
ليست المرة الأولى التي ترفض فيها وزارة الطاقة الإسرائيلية تمديد الطلب الأردني، ففي يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، أعلنت الوزارة أنّها بصدد دراسة رفض التمديد بسبب إدانات المسؤولين الأردنيين لـ«إسرائيل» في حربها على غزة، وعلى رأسهم الملكة رانيا ووزير الخارجية، أيمن الصفدي.