انشغل الرأي العام العربي في اليومين الأخيرين بزيارة وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي إلى السعودية، يوم الاثنين 2-10-2023، برفقة رئيس لجنة الاقتصاد في الكنيست، دافيد بيتان، للمشاركة في مؤتمر دولي حول شؤون الإعلام والاتصالات.
خبر الزيارة انتشر على نطاق واسع بعدما نشر الوزير الإسرائيلي تسجيل فيديو يَظهر فيه وهو يمارس طقوسًا دينية، ربما هي الأولى من نوعها – علنًا – في السعودية في التاريخ الحديث.
زيارة الوزير الإسرائيلي، على أهميتها، ليست أهم حدث تطبيعي مع “إسرائيل” شهدته السعودية في الأشهر الأخيرة، رغم ارتفاع وتيرة الخطوات التطبيعية في الشهرين الأخيرين، وأبرزها:
يوم 26-9-2023، كان وزير السياحة الإسرائيلي حاييم كاتس، أول وزير إسرائيلي يزور السعودية علنًا، وذلك يوم الثلاثاء 26-9-2023، للمشاركة في مؤتمر منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
قبله بنحو أسبوعين، شارك وفد إسرائيلي في مؤتمر لجنة التراث التابعة لمنظمة اليونيسكو.
رياضياً:
- 8-7-2023 شارك منتخب “فيفا” الإسرائيلي ببطولة الألعاب الإلكترونية في الرياض. وشهدت تلك البطولة عزف “النشيد الوطني” الإسرائيلي للمرة الأولى في تاريخ السعودية.
- شاركت بعثة إسرائيلية مكونة من أربعة لاعبين في بطولة العالم للأثقال للكبار، التي أقيمت في الرياض من 3 أيلول 2023 حتى 17 منه، في إطار المنافسات المؤهلة للألعاب الأولمبية.
لكن، رغم أهمية ما تقدّم، لم تنل أهم خطوة تطبيعية سعودية (حتى الآن) مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، حقّها من التغطية:
يومي 6 و7 أيلول 2023، شارك وفد إسرائيلي ضم 12 رجل وسيدة أعمال في مؤتمر حكومي سعودي عن “الأمن السيبراني للطاقة والمرافق 2023” في مدينة الدمام.
أعضاء الوفد الإسرائيلي دخلوا الأراضي السعودية بجوازات سفر أجنبية، لكن تم التعريف عنهم أمام ممثلي شركات سعودية وخليجية، بصفتهم إسرائيليين.
ترأست الوفد، الباحثة وسيدة الاعمال الإسرائيلية، نيريت اوفير، التي دعيت من قبل مسؤولين حكوميين سعوديين لعقد اجتماعات خاصة مع مسؤولين في الحكومة السعودية، ومع شركة “أرامكو” ووزارة الطاقة وشركة الكهرباء. وألقت أوفير، كما نقلت قناة i24 الإسرائيلية والتي شارك رئيسها أيضًا في المؤتمر، بكلمة أمام الحاضرين. وتباهت وسائل الاعلام الإسرائيلية ان من بين الحضور أشخاص من لبنان واليمن والعراق!
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن الشركات الإسرائيلية قدمت تقنية متطورة في مجال التعرف على الوجه، تستطيع التعرف على الشخص بإظهار 30% من ملامح وجهه، أو حتى استخدام صور تعود إلى 50 عاماً مضت. هذه التقنية تستخدمها قوات الاحتلال الإسرائيلي لمراقبة الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية المحتلتين.
وقالت الصحيفة إن “ممثلي مشروع نيوم تواصلوا مع وفد الشركات الإسرائيلية الذي زار المملكة مؤخراً، وقال لهم أحد المسؤولين السعوديين: ليس من قبيل الصدفة أن تقرر قيادتنا بناء نيوم على بعد 350 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل، نحن نعتمد عليكم”.
لماذا اخترنا هذا الحدث تحديدًا؟
لأنه يعكس عمق العلاقات الناشئة بين السلطات الحاكمة في السعودية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، ويؤسس لشراكات اقتصادية ومالية وتكنولوجية ذات طابع أمني تسمح لكيان الاحتلال بالتغلغل في المجتمع السعودي من جهة، وتسويق منتجاته “الأمنية” من جهة أخرى.