من فلسطين المحتلة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بوقاحة، التحاقه بمعسكر إبادة الشعب الفلسطيني.
كرّر موقفه الداعم لما سمّاه، مع زملائه الغربيين، “حق إسرائيل” في الدفاع عن نفسها.
هذا الموقف لم يكن سوى “ترخيص” لكيان الاحتلال لارتكاب المجازر التي ارتكبها في الأيام الماضية بحق المدنيين في قطاع غزة.
ماكرون ذهب أبعد من سائر أقرانه الغربيين، إذ دعا إلى تحويل ما يُسمى “التحالف الدولي ضد داعش” إلى تحالف ضد حركات المقاومة في فلسطيني، وعلى رأسها حماس، وضد حركات المقاومة في الدول المحيطة بفلسطين المحتلة.
لماذا اتخذت فرنسا هذا الموقف؟
1- عملية “طوفان الأقصى” كانت زلزالاً بكل ما للكلمة من معنى لكيان الاحتلال الإسرائيلي، بما يمثله من مستعمرة غربية على أرض فلسطين. ولأجل ذلك، استنفرت الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لنجدة المستعمرة، بعد الضربة الهائلة التي تعرّضت لها.
2- بعد اعتراضها على غزو العراق عام 2003، سرعان ما عادت فرنسا إلى “بيت الطاعة” الأمريكي، ولم تعد تخالف السياسات الأمريكية في أي مكان من العالم.
3- في العقدين الأخيرين، سيطرت القوى والشخصيات المؤدية لـ”إسرائيل” على مراكز القرار في العاصمة الفرنسية، وأبعدت أولئك الذين كانوا أقل انحيازًا إلى كيان الاحتلال.
4- تنخرط فرنسا في مجمل السياسات الأمريكية الرامية إلى “دمج إسرائيل” في المحيط العربي. وأبرز تلك السياسات تظهر في اتفاقيات التطبيع التي وجّهت عملية “طوفان الأقصى” ضربة موجعة لها. فكان لا بد من القيام بكل ما يمكن فعله لإنقاذ هذا المسار عبر دعم “إسرائيل”.
5- يُعد التحالف مع “إسرائيل” وتقديم العون لها رُكنًا أساسيًا من أركان السياسة الخارجية لفرنسا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي السنوات الثلاث التي سبقت نكبة العام 1948، كانت فرنسا الراعي الغربي الأول للعصابات الصهيونية التي أسست كيان الاحتلال.
ماذا قال ماكرون؟
صبيحة اليوم السابع عشر من العدوان الإسرائيلي على غزة، وصل الرئيس الفرنسي إلى فلسطين المحتلة، لإظهار تضامنه مع الكيان.
ماكرون، كغيره من القادة الغربيين، لم يتوانَ منذ اليوم الأول من الحرب عن إظهار خالص الولاء للولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل”، إذ التحق بالمسؤولين الأمريكيين في زيارة تل أبيب وكرر التصريحات ذاتها لناحية “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، و”الانتصار على المجموعات الإرهابية”، في إشارة إلى حركة “حماس”.
لم يذكر ماكرون خلال تصريحاته من القدس المحتلة، المجازر والهجمات الوحشية التي شنّتها “إسرائيل” على قطاع غزة، ولا الخسائر الكبيرة في أرواح المدنيين العزّل. فعلى ما يبدو إن قتل أكثر من 6000 فلسطيني في القطاع ليس كافياً بالنسبة للرئيس الفرنسي، الذي اقترح “بناء تحالف إقليمي ودولي لمواجهة المجموعات التي تهدد الجميع”.
وأضاف في مؤتمر صحفي مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن “الأسرة الدولية متحدة اليوم بجانب إسرائيل”، معتبراً أن “حماس تهدد الشرق الأوسط وأوروبا والعالم”، على حد وصفه.
حديث ماكرون لا يعتبر “بريئاً”، إذ كان الأخير قد بدأ بالترويج سابقاً إلى “دعاية” جديدة، وهي مساواة هجمات المقاومة الفلسطينية على كيان الاحتلال بالهجمات الإرهاية التي وقعت في فرنسا سابقاً، مانحًا بذلك دفعًا قويًا لموجة “الإسلاموفوبيا” في أوروبا.
وسرعان ما عزز نتنياهو من هذه الدعاية بالقول: “إذا انتصرت حماس فسنخسر جميعاً، وسيكون الأوروبيون والحضارة في خطر”.
تهديدات لحزب الله وإيران
على صعيد آخر، واصل ماكرون تهديداته إلى “حزب الله” وإيران، على الرغم من علمه أن هذه التهديدات لا تنفع، وقد سبق وبعث بها عبر سفارته في لبنان من دون أي جدوى. وقال الرئيس الفرنسي إن على “حزب الله وإيران ومن يهدّد إسرائيل عدم تشكيل خطر يخرج الجميع منه خاسرين في أي صراع”.
وأشار إلى مقتل 30 شخصاً يحملون الجنسية الفرنسية بين المستوطنين الذي قُتِلوا في عملية “طوفان الأقصى”.