يمكن اعتبار خطاب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في قمة مجموعة الـ”77+ الصين”، التي عُقِدت في العاصمة الكوبية هافانا يوم 15-9-2023، خطابًا مرجعيًا بكل ما للعبارة من معنى.
ففي هذا الخطاب، اختصر عباس نظرته إلى الاحتلال وآثاره، وبالتالي، دوره ودور السلطة التي يرأسها.
لمدّة 10 دقائق، ألقى “أبو مازن” خطابًا عجّ بالكلمات العلمية والاقتصادية التي يحبّها ما يُسمى بـ”المجتمع الدولي”.
ماذا قال الرئيس عباس؟
في نظر رئيس السلطة، مشكلة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال أنه يمنع التنمية. الاحتلال لا يعتقل، لا يهجّر، لا يقتل، لا يدمّر، لا يُحِلُّ غرباء محل شعب فلسطين، ولا يسعى إلى طرد الشعب الفلسطيني من أرضه… مشكلته الوحيدة انه يمنع التنمية.
بدايةً وجّه “أبو مازن” الشكر لقادة مجموعة الـ”77+ الصين” على دعوته، مشيداً بأهداف هذه المجموعة في خلق حلولٍ لتجاوز التحديات التنموية الحالية التي تواجهها دول المجموعة وشعوبها.
بعد الشكر، بدأ عباس بالحديث عن الواقع التنموي في الداخل الفلسطيني، إذ إن الاحتلال الإسرائيلي “يعيق تنفيذ” أهداف التنمية المستدامة. وأكمل أبو مازن قائلًا: “لذلك فإن الوضع التنموي في فلسطين يختلف عنه في دول العالم الأخرى، فهو يخضع لنظام الفصل العنصري المؤسسي في إسرائيل، والاحتلال غير القانوني، والمشروع الاستعماري الذي يُنكر حقنا في التنمية، إذ تتبنى إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، سياسات ممنهجة تهدف إلى تقويض تنمية شعب بأكمله”.
بدا الرئيس عباس خبيرًا تنمويًا، لا قائدًا سياسيًا، مشكلته مع الاحتلال أنه “يُنكر حقنا في التنمية”، لا أن هذا الاحتلال يُنكر حق الشعب الفلسطيني بالوجود من أصله. الاحتلال الذي يحرص “أبو مازن” على وصفه بـ”غير القانوني”، يعيق التنمية ولا شيء سوى التنمية. التنمية المنزوعة السياسة.
حسنًا… كيف سيحقّق رئيس السلطة هذه التنمية؟ “الالتزام بالسلام” هو الحل.
لماذا يهمنا هذا الخبر؟
لأن مؤتمر مجموعة الـ77 + الصين” كان فرصة لحشد التأييد لمقاومة الشعب الفلسطيني المشروعة الهادفة إلى تحرير الأرض، لكن رئيس السلطة أهدر الفرصة بالحديث عن الاحتلال الذي يعيق التنمية المستدامة. رئيس الحكومة الاسرائيلية يتحدّث عن العمل على “اجتثاث” فكرة إقامة دولة فلسطينية، ووزراء في حكومته يطرحون خططًا عملية لتهجير الشعب الفلسطيني، والاستيطان سجّل أرقامًا قياسية تاريخية ومعه عدد الأسرى في سجون الاحتلال… في المقابل، رئيس سلطة التنسيق الأمني مع تلك الحكومة، والذي يتلقى المزيد من “الدعم المالي” منها، يشكو لمن يسمّيهم “الشركاء” منعه من تحقيق “التنمية المستدامة”.